الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    شاهين يكتب لـ"أحداث اليوم": الخصاونة الرئيس الذي أدخل جميع اللاعبين وما زال يشاهد مستريحا

    كتب عمر شاهين - أشاهد في مواقع التواصل صورة تعبيرية، تظهر رئيس وزراء الأردن د. بشر الخصاونة ينظر من خلف باب، وتضع جملة (خلصتو؟) .وهي تشير إلى اختفاء رئيس الوزراء كشخص أول في الحكومة عن القضايا التي شهدتها المملكة منذ اليوم الأول لاستلامه وقد يكون الرئيس الأقل تصريحا وحضورا، وثمة من يقول الرئيس وين؟ فعليا ثمة غياب واضح وكبير للرئيس الذي شوهد بالفترة الأخيرة يزور عدة محافظات زيارات ميدانية بعد غياب طويل عن المشهد وهذا طرح سؤالا هاما لكل مراقب لماذا يتعمد الرئيس الغياب او عدم الظهور ..؟

    فعليا الرئيس بشر هاني الخصاونة يتصرف بذكاء وليس مختفيا، فاذا أعدنا تفكيك المشهد السياسي الحكومي، نجد ان هناك تسونامي، ظهر في شهر اذار 2020 جعل رئيس بخبرة عمر الرزاز آنذاك ينسحب من المشهد ويترك الظهور الحكومي لوزيري الصحة والناطق الرسمي، فما حدث بتسونامي الكورونا أعاد هيكلة العالم أجمع، فكيف بحجم الأردن الاقتصادي الذي كان يسير بصعوبة قبل كل تلك الاغلاقات والتي تعني توقف الضرائب والجمارك والسياحة، وحول الحضور الحكومي الى مشهد درامي يقوده الوسيم سعد جابر واللبق أمجد العضايلة، وأخذت خلية الأزمة دورا مهما في الشارع من قبل الجيش ووزير الداخلية القوي سلامة حماد، واستراح الرزاز على كرسيه يشاهد المشهد المسائي فلا هو يعرف ولا نحن ما القادم وغادرت حكومة الرزاز بكل صمت ودون أي اثر.

    جاءت حكومة الخصاونة بعد حل مجلس النواب الثامن عشر واشرفت على المشهد الانتخابي الذي كان بعيدا عن تدخلها، فهناك مهندسو القوائم الانتخابية، يعملون ليلا نهارا لتشكيل البرلمان كما ظهر بشكله الحالي، وأيضا الهيئة المستقلة للانتخابات صاحبة المهمة الأكبر في الاشراف على الانتخابات وأزالت عبئا كبيرا عن الحكومة. وتلقى الخصاونة مجلس النواب بقبول حسن، دون أن ينسب اليه شيء من تشكيله وخاصة أن بنية المجلس تخدم الخصاونة كثيرا، فهو مجلس هادئ ذو صبغة فردية، يخلوا من المعارضة، سوى بعض النواب الذين لا يصل عددهم الى عشرة وهذا حلم كل رئيس وزراء.

    اغلب المراقبين ادركوا ان قدوم الرئيس الخصاونة للدوار الرابع كان لمهام خارجية اكثر منها داخلية، حسب خبرته، العملية، وهذا أيضا ما يقال عن هوية البرلمان الذي أجري له عمليات إزاحة لكثير من القوى السياسية واليسارية المعارضة، فتلاقت الحكومة والبرلمان بخط متوازي جدا، فلا تجد فرقا بين الخط البرلماني الذي يقوده عبد المنعم العودات ولا الحكومي الذي يقوده بشر الخصاونة.

    الرئيس جاء الى الرابع ليكون قادرا على خوض ملفات خارجية اكثر منها محليا، فهو ذو خبرة سياسية خارجية تعرف بها على كل سياسات العالم الا الأردن، وهو رجل قوي قريب جدا من الديوان الملكي الذي جاء منه للدوار الرابع، ويعتبر هذا اكبر داعمة له، بالرغم من نقطة مهمة جدا الخصاونة لم يبحث عن أي دعم ولا اعلام مساند، ولم يفعل مثل هاني الملقي بزيارة مثلا لعبد الرؤوف الروابدة، وفي ظل الهجوم الشعبي والإعلامي، لم يبحث عن اسكات الأصوات، رجل بحق لديه ثقة عجيبة ولعل عندما فال هذه حكومة الأردن وهذا برلمانه.. كانه يشير الى مؤسسة وشخصيات مستقلة احترم دورها وتحمل مسؤوليتها كل بمكانه ...!

    كما عامل قوة الخصاونة يده النظيفة من أي فساد فليس هناك من يربطه بمشروع اقتصادي ولا بقصر حديث يسكنه ولا بشركة أدارها، ولكن مهمته الأساسية، انتهت فور الخسارة المفاجأة للرئيس الأمريكي ترامب، وانتهاء طريق صفقة القرن، مما يعني وجود عودة الرئيس الى المربع المحلي...الداخلي من الحظر السياسي الذي مارسه علينا ترامب الى الانتقال للحظر الذي فرضته الكورونا.

    العامل المهم بقراءة بشر الخصاونة أنه لا يملك تحالفات سياسية او إعلامية، وهذا سببه عمله الطويل خارج الأردن، والرئيس مستقل بشكل كبير، طالما يستند بظهره الى الديوان الملكي، وهي مرحلة عمل سبقت قدومه الى الدوار الرابع، ولكنه يدرك ان صناعة شعبية ونجاح أمر مستحيل مع ظروف الكورنوا القاهرة لذلك عقد الرئيس الهمة الرئيس بإعطاء وزرائه الصلاحية المستقلة الكاملة، بحيث يكون كل وزير بالمشهد، ويتحمل مسؤولية المهام الموكولة بها، وكذلك الأخطاء التي ستحدث, بينما يراقب الرئيس الخصاونة ذلك وكأنه لاعب خبير ومتمرس امام طاولة شطرنج، ويمتلك القدرة اللحظية على تقييم الوزير وسحبه.

    ادرك الرئيس بعد فوز بايدن أنه ارتاح من الملفات الخارجية التي كان يستعد لها، والتي برأيي الشخصي، كانت سببا في قدومه رئيسا للوزراء، وامام غيابه الكبير عن الملفات المحلية، استعمل إدارة رئاسية كما قلنا بتحميل كل وزير ملفه الكامل، والغريب في حكومة بشر الخصاونة، لا أعرف هل هي باوامر منه، ام هم تناغموا مع أدائه التزموا كثيرا من الصمت وابتعدوا عن التصريحات الإعلامية كسياسة متبعة من الخصاونة، أم طريق الفريق الذي ينتظر كل من الاخر التقدم للجماهير.

    مرت قضايا كثيرة ومهمة في عهد الخصاونة من حظر التجول واغلاق المساجد، وقضية نقابة المعلمين، وشغب ما بعد الانتخابات، وأحداث النائب أسامة العجارمة، وقضية الفتنة، وأكسجين مستشفى السلط، وارتفاع نسب الإصابات بمرض كورنا وحرب القدس وغزة، وبقي الرئيس يقدم الوزراء واحدا تلو الآخر، فكان تيسير النعيمي بمواجهة نقابة المعلمين، ووزير الداخلية بمواجهة أحداث ناعور وقبلها شغب الانتخابات،" ووزير الصحة د. نذير عبيدات في احداث أكسجين مستشفى السلط، وأعطي الهواري منصة الحديث عن الكورونا وحتى اغلاق المساجد فكانت بيد وحوارية وزير الأوقاف. وكذلك قضية الفتنة ظهر بها وزير الخارجية أيمن الصفدي لينقل للعالم الرواية الحكومية، وكذلك وجهة النظر الأردنية بحرب غزة والقدس.

    ثقة كبيرة تمتع بها الرئيس الذي لا يسع أبدا نحو الشعبوية وغير مهتم بضوء الكاميرات، لذلك وضع كل وزرائه أمام مشهد المواجهة، وبقي هو الأقل نقدا فكلمة مختفي او صامت اقل بكثير مما تعرض له تيسير النعيمي ونذير عبيدات وصخر دودين أيضا .

    في التغيير الوزاري الذي أجراه الرئيس ابتعد عن المشهد وزير التربية والتعليم، الخصاونة رجل عبقري وليس ذكي فقط، فهو يدرك تبعات الحظر، وملف الكورونا، وألغام الطامعين برئاسة الوزراء، ومطالب الصالونات السياسية، ولا يريد تقديم ثمن التحالفات الاسترضائية، وسرعان ما تخلص بذكاء من أحد اكبر منافسيه الذي ذكر كثيرا بانه قد يكون رئيس الوزراء القادم، بحادثة العشاء المشهورة التي أبعد بها كل من وزير.

    وكذلك طبعا ثمة فارس شجاع، يحب السياسية وهو المهندس صخر دودين، جاء بدور مختلف كليا عن الوزير الذي قبله علي العايد والذي كان قد التزم الصمت الطويل، أما دودين فهو رجل أحب التضحية، والمواجهة مع كل الأجواء المحتقنة والمشحونة، وبالرغم انه مهندس ثري يقود شركة هندسية، وله مشاركة بإدارة عشرات الشركات، وعضو بمجلس الاعيان سابقا، ولمعرفتي الطفيفة منذ سنوات بصخر فالرجل لديه حب لخوض الساحة السياسية وكناطق اعلامي ترجل أخيرا من بين الصف الحكومي، وخرج يحدث الناس الذين يتشوقون لاي معلومة، او حديث عن المستقبل، تحدث بصدق وعفوية وعن جميع الوزراء وورى عطش الناس، لكن وجد انه هناك من يتصيده، وينتظر أي عثرة، وأيضا العين السابق ليس له قطاع صحافي ينصره، لذلك بدا بالتراجع امام وابل من الهجوم، فان صمت هاجموه وكذلك ان ظهر، وهذا شيء طبيعي لوزير هو الوجه الظاهر من الحكومة الصامتة.ولكن هذا المشهد الإعلامي الحكومي اعطى للرئيس الخصاونة ثقة انه كان يفعل الصح.

    عمر شاهين كاتب ومدون اردني





    [27-06-2021 05:14 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع