أدرك العالم أن الحل الوحيد للقضاء على فيروس كورونا وعودة الحياة لطبيعتها لن يتحقق إلا بالمطعوم فقط، ولا شيء آخر، وبذلك أصبح الطلب العالمي يزداد على هذه اللقاحات، حيث قامت شركات تصنيع اللقاحات بعمل متواصل وعلى مدار الساعة لتأمين حاجة الدول من هذه المطاعيم. لكن، للأسف، سادت النزعة المادية وأخذت مجموعة دول غنية كمية كبيرة على حساب الدول الفقيرة.
بعد مرور 6 أشهر على إعطاء المطاعيم والتي بدأت بشكل رسمي في شهر 12 لعام 2020 وصل إنتاج الشركات الى أكثر من مليار ونصف المليار مطعوم تم توزيعها، حيث كان نصيب الأردن بحدود مليون ونصف المليون مطعوم لغاية الآن، وتم إعطاء مليون شخص جرعة أولى و400 ألف جرعتين، مع تنويع مصادر اللقاحات، حيث قام بالتعاقد مع عدة شركات بالإضافة الى مجموعة كوفاكس.
الأردن جلب 3 أنواع مطاعيم؛ الصيني (سينوفارم)، والاميركي (فايزر)، والبريطاني (استرازينيكا)، وتم تطعيم المواطنين حسب توفر المطعوم بحيث لم يكن للمواطن اختيار نوع المطعوم، وبذلك أصبحنا من الدول القليلة التي قامت بتنويع خياراتها وذلك عائد للطلب العالي على اللقاحات وعدم مقدرتنا على توفير نوع واحد بكميات كبيرة.
كل هذه المطاعيم تم إجازتها من قبل منظمة الصحة العالمية وآخرها مطعوم سينوفارم الصيني، وذلك قبل اسبوعين، ولكن من الدراسات ومن التجارب الشخصية حدث هناك نفور من بعض اللقاحات وتشكيك في بعضها من ناحية المأمونية وحتى الكفاءة، حتى ان بعض الدول اعترفت بمطاعيم معينة ولم تعترف بأخرى كشرط لدخول اراضيها.
عندنا في الأردن جابهت المطاعيم حمله تشكيك وحصل عزوف في البداية، ولكن مع دخول الموجات وفقدان أعزاء بسبب كورونا، إضافة إلى التجارب الشخصية للمواطنين ورؤية أعراض المرض وتبعاته عند أقرباء وأصدقاء حصلت قناعات متتالية ان المطعوم هو الحل، وبدأ الناس يتوجهون اليه. لكن كان السؤال الدائم: أي اللقاحات أفضل وأيها أكثر أماناً وكفاءة؟ وكان الجواب من الحكومة ان المطاعيم الثلاثة جيدة وتحمي وفعالة.
لكن مع زيادة الاستخدام للمطاعيم وتجارب الذين اخذوا التطعيم تولدت عند الناس قناعات حول كل مطعوم، فحدث عزوف عن لقاح استرازينيكا وذلك من اعراضه بعد اخذ اللقاح من حرارة واجهاد عام.. الخ، وموضوع الجلطات الذي تحدثت عنه عدة دراسات في اوروبا، فتم ايقافه فترة ولكن تم اقراره بعدها. أمّا المطعوم الصيني فكان الإقبال عليه جيدا من قبل الأردنيين، ولكن اشتراط السعودية على القادمين إليها بالتطعيم وتحديد نوعين مقبولين كشرط دخول (استرازينيكا وفايزر)، وعدم الاعتراف بالللقاح الصيني أحدث إرباكا عند المواطنين الذين أخذوا مطعوم سينوفارم، ولسان حالهم يقول: نريد حلاً، فإما التواصل مع السعودية لتغيير هذا الشرط والاعتراف بالصيني او تطعيم الذين يرغبون الذهاب للسعودية بمطعوم معتمد عندهم. أمّا لقاح فايزر فلم يحدث حوله أي جلبة بشكل عام، وهو اللقاح الأكثر طلباً من المواطنين، ولكن حدثت عدة إشاعات بتلف جزء منه خلال انقطاع التيار الكهربائي يوم الجمعة الماضي، وهو ما نفته الحكومة.
الحكومة الآن في امتحان صعب نسبياً، فهي مطالبة برفع نسب التطعيم بشكل عال ومتسارع، وإقناع الناس بالذهاب وأخذ المطعوم للوصول الى صيف آمن وفتح القطاعات، ولكن تواجه ايضاً إشاعات حول مطاعيمها التي تقدمها للناس، لذلك المطلوب منها الرد على اي تشكيك يصدر من اي جهة وتقديم المعلومة الحقيقية والرأي العلمي، لأن ذلك يعزز ثقة الناس في المطاعيم ويزيد الاقبال.
أخيراً نقول إنه لم يحدث أي حالة وفاة مباشرة من مطعوم (اي نوع)، ولكن نحن على مقربة من 10 آلاف وفاة في الاردن جراء وباء كورونا، وإن حدثت أعراض جانبية بسيطة لأي مطعوم، فإن نتائجه في حمايتنا من الوباء اعلى واكبر.

[26-05-2021 08:40 AM]