الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    كورونا .. أين العدالة في توزيع اللقاح؟

    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية حذر من ان العالم مهدد بـ»فشل اخلاقي كارثي» بسبب عدم تكافؤ سياسات توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.

    وقال تيدروس ادهانوم غيبريسوس ان ليس من العدالة ان يحصل الشباب الاصحاء في الدول الغنية على اللقاحات قبل اولئك الاكثر عرضة للخطر في الدول الفقيرة.

    واشار الى ان نحو 39 مليون جرعة من اللقاحات مُنحت بالفعل في 49 دولة غنية، بينما لم تحصل احدى الدول الفقيرة الا على 25 جرعة. انتهى الاقتباس.

    امبرالية طبية وصحية. مرة اخرى فان النظام الراسمالي يتحكم في مصير البشرية وكوارث البشر. وهذه المرة من ازمة كورونا. صانعو لقاح كورونا وقبل ان يبداوا تصديره للعالم وضعوا شروطا وفرضوها ليتحكموا بقوة في العالم. وكما ان اللقاح الجديد يقدم للناس بانتقائية عامودية : طبقية وعنصرية.

    وكما يبدو فان التنافس بين الدول والناس لتلقي اللقاح اشد من تنافس شركات الادوية الصانعة. بالطبع شركات الادوية ليست صافية النية، وقرار توزيع اللقاح نابع من منحنيات وخلفيات ايدولوجية، فيحق للشركات ان تختار وتنتقي من ينال اللقاح او من لا يناله، ومن هي الدول والشعوب المقرر ان تستلمه مبكرا ومتاخرا او لن تتسلمه ابدا.

    ضبط امبرالي للكرة الارضية وشعوب العالم، وضبط على قياسات مراكز نفوذ راسمالية وشركات ادوية. دولة حصتها من اللقاح 25 جرعة،ودول وصل معدل التطعيم لاكثر من 70 % لمواطنيها. فاسرائيل وصلها حوالي 5 ملايين لقاح فايزر الامريكي، وفيما الاردن حصته لم تتجاوز مئتي الف جرعة فايزر الامريكي.

    اصبح من الممكن ترويض العالم وتهجين الشعوب من بوابة القرار الصحي والوبائي. العالم منقسم بين قسم اخذ جرعة اللقاح وقسم اخرى مازال ينتظر وصول اللقاح، وعدالة توزيعه في بلاده لكي ياخذه. وكذلك دول العالم مقسومة بين دول اخذت حصتها من اللقاح ودول اخرى تنتظر باقدراها رحمة شركات الادوية والقرار الامني والاستخباراتي الامريكي.

    لا تستغربوا ان يكون مثلا قرار توزيع اللقاح على دول العالم ليس مربوطا بمرجعيات سيادية سياسية وامنية واستخباراتية : البنتاغون والبيت الابيض الذي ينتظر تتويج رئيسه الجديد بايدن، ووكالة الاستخبارات الامريكية سي اي ايه.

    كيف ترى امريكيا وبريطانيا العالم ؟ اذا قررت واشنطن ولندن يصلك اللقاح،واذا قررتا تكتسب مناعة اللقاح. الغرف السوداء «اجهزة الاستخبارات « هي من تقرر مصير دول وشعوب العالم. فهل تصور ماركس وغرامشي وفوكو واورويل وادورد سعيد ان هذا ما سيحدث للبشرية في زمن الاوبئة ؟

    الناس لاهثون لاخذ اللقاح. وكما ان العدالة والمساواة في توزيع اللقاح غائبة عن الكرة الارضية، ومحكومة بمعايير المركزية الغربية. فان هذا الداء ايضا يصيب الدول ذاتها.

    البشرية يجب ان تشكر الصين، تعرفون لماذا ؟ انها اكتشفت لقاحا ووزعته على دول وشعوب فقيرة وهامشية ومنسية. كورونا عرت الراسمالية الامريكية والغربية، والعالم بلا اخلاق، وفكرة الاخلاق يبدو انها ممحية من القاموس السياسي والاقتصادي والصحي الغربي، وبحاجة الى اعادة تعريف في الادبيات الليبرالية الغربية.

    ويبدو ان العالم ليس امام ازمة وباء، بل انها ازمة اخلاقية. فالحديث عن عودة العالم عما كان قبل كورونا يبدو انه محفوف بالشكوك، وفيما تفجر الامبرالية الراسمالية الطبية ما بداخلها من عنصرية وتمييز واقصاء واستثنائية، وامراض هوياتية غير منظورة مسبقا ، وازمة كورونا فجرت ولادتها في نظام عالمي يبدو انه غير قادر على انقاذ البشرية واستعادة التوزان في العلاقات الدولية.





    [20-01-2021 09:20 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع