الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    قراءة في أمر الدفاع رقم (21) - أ. د. ليث كمال نصراوين

    ما زال قانون الدفاع الأردني ساري المفعول بعد أن صدرت الإرادة الملكية السامية ببدء العمل به في شهر آذار الماضي لمواجهة انتشار وباء الكورونا. ومنذ ذلك التاريخ، يقوم رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية بإصدار أوامر دفاع خطية تضمنت وقف العمل بالقوانين العادية، والاستبدال بها قواعد قانونية جديدة. وهذا ما يثير تساؤلات دستورية حول الدور الذي يمارسه رئيس الوزراء في قانون الدفاع والطبيعة القانونية لأوامر الدفاع، التي اعتبرها قانون الدفاع مجرد قرارات إدارية قابلة للطعن بالإلغاء أمام المحاكم الإدارية.

    إلا أن المتتبع لمضامين أوامر الدفاع، وآخرها أمر الدفاع رقم (21) الخاص بإعادة تنظيم إجراءات التقاضي في زمن الكورونا، نجد بأنه يخرج عن إطار مفهوم القرار الإداري لصالح اعتباره عملا تشريعيا. فأمر الدفاع رقم (21) أوقف العمل بالنصوص الإجرائية ذات الصلة بالتقاضي أمام المحاكم الوطنية، وأحل محلها قواعد عامة جديدة. وهذا ما يدخل ضمن مفهوم العمل التشريعي الذي يختلف عن القرار الإداري من الناحية الموضوعية في طبيعة الأحكام الواردة فيه ومضمونها. فإذا كان المعيار الشكلي يقوم على اعتبار كل عمل يصدر عن السلطة التفيذية قرارا إداريا وما يصدر عن السلطة التشريعية هو قانون، فإن المعيار الموضوعي لا يعطي وزنا لجهة الإصدار بقدر ما يهتم بما تضمنه هذا العمل من قواعد وأحكام.

    إن المعيار الموضوعي في تمييز القرار الإداري عن العمل التشريعي يعتمد على طبيعة العمل وموضوعه بصرف النظر عن الجهة التي أصدرته، أو الإجراءات التي اتبعت في إصداره. فإذا تمثل العمل الصادر في إيجاد قاعدة عامة مجردة تنشئ مركزا قانونيا عاما اعتبر عملا تشريعيا، حتى وإن صدر عن السلطة التنفيذية.

    فعلى الرغم من مرور أكثر من تسعة أشهر على سريان قانون الدفاع، ما تزال الصورة ضبابية حول الطبيعة القانونية لأوامر الدفاع. فأمر الدفاع رقم (21) بما تضمن من أحكام قانونية جديدة قد تسبب بخلاف مع نقابة المحامين التي أثارت دفوعا دستورية منطقية أهمها أن الولاية العامة في التشريع هي للسلطة التشريعية، وبأن قانون الدفاع أعطى رئيس الوزراء الحق في اتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية لتأمين السلامة العامة، وأن هذه الصلاحية لا يجب أن يصل مداها إلى وضع قواعد قانونية عامة جديدة.

    في المقابل، فإن قانون الدفاع بما يصدر عنه من أوامر خطية توقف العمل بالقوانين العادية سندا لأحكام المادة (124) من الدستور. بالتالي، لا بد من ايجاد قواعد عامة جديدة لتحل محل تلك التي جرى تعطيلها، والقانون لا يعطل إلا بقانون من ذات المرتبة أو أعلى منه. فأمر الدفاع رقم (8) أوقف العمل بالجرائم الواردة في قانون الصحة العامة التي تتعلق بالمساهمة في نشر الوباء، واستبدل بها أنواعا جديدة من الجرائم تتناسب مع طبيعة الوباء المنتشر. وهذا الحكم يتعارض مع وصف أمر الدفاع بأنه قرار إداري.

    إن هناك حاجة اليوم لصدور تفسير دستوري لطبيعة أوامر الدفاع وماهيتها، وذلك لكي نتجنب أي خلافات مستقبلية حول صلاحيات رئيس الوزراء في التعاطي مع ما تبقى من هذه الجائحة.





    [20-12-2020 08:42 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع