الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    تحقيق النمو الاقتصادي المستهدف في الموازنة

    أحمد عوض - تفاؤل الحكومة بتحقيق معدلات نمو اقتصادي خلال العام المقبل 2021 له ما يبرره سياسيا، اذ إن التفاؤل عند صناع القرار الاقتصادي أحد محركات عجلة الاقتصاد وتقدمه.

    الا أن هذا التفاؤل في تحقيق نمو اقتصادي حقيقي بمعدل 2.5 بالمائة – حسب ما جاء في فرضيات موازنة العام 2021 – بعد انكماش (نمو سالب) تقدره الحكومة بـ3 بالمائة خلال العام الحالي، وبعد سنوات من التباطؤ الاقتصادي المزمن، يبدو صعب المنال، إلا إذا قامت الحكومة بتنفيذ سياسات اقتصادية جريئة.

    الخروج من دائرة الانكماش الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو اقتصادي إيجابي حقيقي وشمولي يعد المفتاح الأساسي للخروج من سلسلة من الأزمات الاجتماعية العميقة التي نعاني منها، فمعدلات البطالة والفقر في تنام مستمر، وتداعيات ذلك على الاقتصاد والمجتمع الأردني خطيرة جدا.

    لذلك نعود ونؤكد على أن تنفيذ سياسات اقتصادية جريئة من نوع تخفيض معدلات الضرائب غير المباشرة – الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم الجمركية – من شأنه أن يدفع عجلة النمو الاقتصادي للأمام بشكل ملموس، ويمكن تعويض تراجع الإيرادات الضريبية الناجمة عن ذلك من خلال تنامي التبادل التجاري وبعض المساعدات الخارجية.

    فوائد تطبيق هذا النوع من السياسات، تتمثل في أن تأثيراتها الإيجابية ستكون أكثر شمولا مما لو تحقق بعض النمو المتواضع جراء استقطاب استثمارات إضافية، فإلى جانب تحقيق السياسات المقترحة لمعدلات نمو اقتصادي إيجابية، فإنها ستؤدي إلى زيادة قدرات قطاعات واسعة من المواطنين والمقيمين على الاستهلاك، الأمر الذي يعني تحسين مستوياتهم المعيشية.

    كذلك، سيؤدي تخفيض الضرائب غير المباشرة الى تخفيض تكاليف مدخلات الإنتاج للعديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، ما سيعزز صمود عشرات آلاف منشآت الأعمال، وبالتالي وقف نزيف الوظائف، وسيشجعها كذلك على تشغيل المزيد من العاملين.

    وستكون فاعلية هكذا سياسات أكبر إذا رافقها تخفيضات – ولو مؤقتة – في اشتراكات الضمان الاجتماعي، إذ أن الكلف الإضافية للأجور على منشآت الأعمال والتي تبلغ 14.25 بالمائة من مجمل الأجور، شكلت عائقا وما تزال أمام التوسع في تشغيل المزيد من العاملين.

    ندرك أن تطبيق هكذا سياسات يتعارض مع بعض التزامات الحكومة مع صندوق النقد الدولي في الاتفاقية الأخيرة، الا أن الخيارات المتاحة أمام الحكومة للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية العميقة والصعبة محدودة وتتطلب سياسات فريدة، ويمكن للحكومة أن تناقش مع خبراء الصندوق إمكانية اجراء تعديلات على بعض مضامين الاتفاقية المبرمة في شهر شباط الماضي.

    مطلوب من الحكومة أن لا تبقى أسيرة لفكرة “الاحترام الكامل للالتزامات المالية الدولية”، ففي حالتنا تغيرت بشكل كامل مجمل المعطيات التي ابرم خلالها الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي في شباط الماضي، ويمكن اجراء بعض التغييرات فيها بما يخدم المصالح والأولويات الاقتصادية والاجتماعية للأردن، ويمكن الحكومة من الوفاء بهذه الالتزامات.

    كذلك، فإن الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي ليست “مقدسة”، فالحكومات المتعاقبة نفذت خلال العقود الثلاثة الماضية ست اتفاقيات شبيهة، واوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية لم تتحسن كثيرا، لا بل إن العديد من المؤشرات تراجعت بشكل ملموس مثل مستويات الفقر والبطالة الى جانب استمرار عجز الموازنات العامة والدين العام.

    بالمجمل، الأوضاع الاستثنائية التي نعيشها تتطلب سياسات وإجراءات استثنائية، وخلاف ذلك سنبقى ندور في ذات الحلقة المفرغة.





    [06-12-2020 11:10 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع