الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    نظرية المؤامرة تتنحى

    يقف العلم ونظرية المؤامرة على طرفي نقيض. ويتناسب شيوع نظرية المؤامرة طرديا مع التخلف، وعكسيا مع الوعي والثقافة والتفكير العلمي والعقلاني. وحيث تجد نظرية المؤامرة أرضا خصبة تكون كذلك شتى الفرضيات غير العلمية والتفسيرات غير المنطقية والاشاعات والخزعبلات والغيبيات.
    كورونا كانت مناسبة خصبة لنظرية المؤامرة وشتى الفرضيات الخيالية. هل تتذكرون بعضها ؟! الفيروس كذبة وتمثيلية تروجها وسائل الاعلام. الفيروس سلاح بيولوجي صنعته الصين لمحاربة منافسيها أو تم نقله الى الصين لضرب اقتصادها. وفي رواية عندنا انه عقاب الهي للصين بسبب ما فعلوه بمسلمي الايغورا. أو هو مؤامرة من مراكز ماسونية لأهداف كونية شريرة، أو مؤامرة شركات لتحقيق مكاسب اقتصادية. الفيروس اطلقته عمدا شركات كبرى لبيع اللقاحات والأدوية وتحقيق ارباح طائلة. بيل غيتس وشركات التكنولوجيا خططت لنشر الوباء للتحكم بمستقبل البشرية. الوباء تطبيق للنظرية المالتوسية لخفض اعداد البشرية وتنظيف الكوكب من كبار السن والمرضى الذين يكلفون كثيرا ولا ينتجون شيئا. وترامب نفسه روج لنظرية المؤامرة لتقوية موقفه السياسي الذي يرفض اجراءات تؤثر على الاقتصاد فاتهم معارضيه ووسائل الاعلام بتضخيم مخاطر الوباء الذي هو انفلونزا عادية وروج لعلاجات بسيطة حاسمة هكذا دون سند علمي ووصل حد اقتراح شرب أو حقن المطهرات في الجسم للقضاء على الفيروس!
    هذا على المستوى الكوني اما على المستوى المحلي فقد وجدت كل هذه النظريات من يتبناها ويروج للرواية ونقيضها على وسائل التواصل اضافة الى التشكيك الدائم بأرقام الحكومة وحقيقة المرض من الاساس وحقيقة انتشاره وحقيقة الوفيات التي تنسب لكورونا وحقيقة قرارات الحظر او الحجر مع تفسيرات ما انزل الله به من سلطان.
    هذه الأيام لم يعد الوباء خبرا في وسائل الاعلام. كل يوم نرى اقارب ومعارف مباشرين يموتون. الآن لا يوجد بيت او عائلة الا وعندهم او عند اقاربهم أو اصدقائهم المباشرين اصابات. اخيرا صدق الناس حقيقة المرض واصبحوا يخافون ويلبسون الكمامات ويحاذرون الاختلاط. أصبحوا يدققون في المعلومات العلمية الموثوقة عن الوقاية وعن العلاجات وعن طبيعة الفيروس. والحق أن خصائصه الفريدة لا يشبهها فيروس آخر فهو خفيف عابر غالبا وممرض بصورة مؤلمة أحيانا أو قاتل غدار احيانا.
    وقد مضى اليوم اسبوعان على اصابتي شخصيا بالفيروس كنت خلالها اتصل مع معارف مصابين هم او البعض من عائلاتهم فلا تكاد الاعراض تتماثل عند اثنين. الكثير لم تظهر عليه اي اعراض والبعض عاد من الموت وروى عن معاناة لا نظير لها والبعض مرّ بأعراض خفيفة أو ثقيلة لكنها متنوعة بصورة عجيبة. غالبا الرئة هي الضحية الأخطر وقد تجتاح الاصابة كل نسيج الرئة وتفضي للوفاة لكن احيانا يكون هناك فقط رشح والم بالحلق والبعض يفقد حاسة الذوق والشم ( لم افقدهما أنا ) والبعض يعاني من صداع شديد ومديد أو آلام مفاصل أو ألم الكلى أو حتى فشل كلوي وتخثرات تؤثر على اجهزة مختلفة. ويظهر طفح جلدي في مناطق معينة. طريقة عمل الفيروس متنوعة ومعقدة وردود فعل الاجسام كذلك. وتظهر اوراق وبحوث لا حصر لها واعتقد بضرورة ان نساهم نحن ايضا بالرصد والتوثيق والاحصاء والدراسة مع توفر هذا العدد من الاصابات.
    الآن نصدق فقط الاحصاءات والبحوث والثقافة العلمية والخبرات العملية وما يصدر عن المراكز اوالادارات المختصة. لقد انحسرت نظرية المؤامرة وكل الخيالات والخزعبلات حول كورونا وبقي العلم، العلم وحده.





    [24-11-2020 08:06 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع