الرئيسية أحداث اقتصادية

شارك من خلال الواتس اب
    الحظر الشامل وكورونا يهددان أرزاق عمال المياومة
    عمال مياومة

    أحداث اليوم - يعود زكريا إلى بيته بعد يوم عمل شاق، يدخل من الباب، يضع الأكياس التي يحملها في يده، يسمع صوتا من التلفزيون الموجود في غرفة الجلوس، يرى أهله متسمرين أمام الشاشة، ليعرف بحظر تجول شامل فرضته الحكومة، لمواجهة فيروس كورونا.

    زكريا النجار (42 عاما)، يعمل كـ"مواسرجي" بنظام المياومة، يتحدث عن معاناته منذ بداية جائحة "كورونا" وتوقف الأعمال، فهو ممن يمتهنون العمل الحر، ويحصل على أجره بشكل يومي، "إن خرجوا عملوا، وإن عملوا أكلوا، وغير ذلك هم وأولادهم بلا طعام"، بحسب يومية الغد.

    يقول زكريا، إن اقتراض المال، كان الحل الوحيد لإيجاد لقمة الطعام له ولأسرته منذ شهر آذار (مارس) الماضي؛ إذ بقيت الأعمال متوقفة، حتى بعد تقليص الحظر الشامل وتغيير شكله، وكان التحرك وفقا لأرقام السيارات الزوجية والفردية، وهذا جعل العمل متقطعا، ولجأ الناس إلى تأجيل ورش البناء أو التصليحات، "لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا".

    ويتحدث زكريا بشأن جائحة كورونا "خربت بيتي، تراكمت فواتير الماء والكهرباء، والديون القديمة تراكمت، إضافة إلى إيجار البيت وغيرها الكثير".

    ويؤكد أن عمال المياومة لا مظلة يحتمون بها، ولا رب أسرة مسؤول عن دخلهم في حال أغلقت البلد.

    الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي شامان المجالي، يؤكد أن المؤسسة ساعدت عددا ضئيلا من عمال المياومة، على الرغم من عدم مسؤوليتها عن هذه الفئة غير المسجلة في الضمان؛ إذ تم تقديم مساعدات عينية لكبار السن وغير المقتدرين، لنحو 117 ألف أسرة عامل مياومة، ممن يعملون في الإنشاءات والدهان والكهرباء والمواسير، والكثير من المهن، كمن يعملون على تطبيقات النقل الذكية.

    ويشير إلى أن عامل المياومة له حقوق وفق قانون العمل، لكن الفئة غير المؤمنة في الضمان الاجتماعي لا يمكنها الاستفادة من خدمات الضمان، لكن بعد جائحة كورونا بدأ التفكير مليا بكيفية إدخال هذه المجموعة الكبيرة تحت مظلتنا الاجتماعية، "فعامل المياومة إن عمل أكل وإن لم يعمل لم يأكل".

    ويؤكد أن المؤسسة عدلت نظام شمولية المؤسسات والانتساب الاختياري، وشملت الأفراد، كالسائقين، والمزارعين، وعمال الإنشاءات، والنقل، والعاملين في قطاعات السياحة، الذين تضرروا بشكل كبير جدا.

    ومن ناحيته، يؤكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، أن عمال المياومة وأصحاب الأعمال الحرة أوضاعهم بائسة قبل الجائحة، فأعمالهم موسمية وتعتمد على المياومة، وعددهم ليس بالقليل؛ إذ إن نصف القوى العاملة في الأردن يعملون بنظام المياومة أو العمل الحر.

    ويشير إلى أن ظروف عمل هذه الفئة غير مستقرة، ما جعلها تدفع الثمن لكونها من أكثر الطبقات الهشة والمستضعفة، فهم عمال يعملون عشرات المهن، ولا يتمتعون بأي حماية اجتماعية، حتى اذا أصيب أحدهم خلال عمله فإن مساعدته تكون من خلال صندوق المعونة الوطنية، على أفضل تقدير.

    ويقول عوض "إن العدد الأكبر من عمال المياومة غير مؤمنين في الضمان الاجتماعي، ما يعني أنهم لا يخضعون لمساعدته وحمايته في حال انقطاع الرزق أو حدوث إصابات العمل".

    وخلال الحجر المنزلي الذي طبقته الحكومة تحت تنفيذ قانون الدفاع في شهر آذار (مارس) الماضي الذي أقعد البلد لأشهر، قدمت الحكومة مساعدات محدودة المبالغ والشمولية؛ إذ قدر للعائلة التي تتكون من ثلاثة أفراد مبلغ 135 دينارا على مدى ثلاثة أشهر لمن سجل بالمنصة، وتم شمول 200 ألف أسرة.

    ومن المتضررين الذين تحدث عنهم عوض، كان عامل الدهان محمود العياط (45 عاما)، الذي جلس في منزله من دون عمل 114 يوما على التوالي، تراكمت عليه خلالها فواتير الماء والكهرباء، إضافة إلى إيجار البيت البالغ 200 دينار شهريا.

    ويقول العياط، إنه أب لأسرة تتكون منه ومن زوجته وابن، مؤكدا صعوبة الوضع الاقتصادي لعائلته منذ بدأت أزمة "كورونا"، علما أن يوميته قبل ذلك كانت 23 دينارا، قائلا "الجميع يؤجلون أعمالهم حتى انتهاء الجائحة، بسبب الخوف من صرف المال على شيء غير مهم على حد تعبير الكثيرين، فبعض الورش كنت متفقا عليها سابقا، تأجلت إلى نهاية غير معروفة، وهي نهاية فيروس كورونا".

    ويؤكد أن الديون تراكمت عليه خلال هذه الفترة بشكل كبير، للأقارب والأصدقاء، لكن وضع الجميع صعب ولا يمكن الاعتماد على أحد "البلد غالية واحتياجات الفرد كثيرة".

    ووفقا لبيانات صادرة عن المرصد العمالي الأردني، وهو برنامج يهدف إلى المساهمة بتحسين ظروف العمل لجميع العاملين وفق معايير العمل الدولي، في الأردن مئات آلاف من العاملين، الذين يعتمدون في حياتهم وتوفير قوت يومهم وأسرهم على العمل اليومي والموسمي، وهم لا يتسلمون رواتب أو أجورا بشكل منتظم كغيرهم من العاملين بشكل منظم، ويتوزعون على قطاعات النقل (السائقون) والإنشاءات والزراعة والمحلات التجارية وغيرها.

    ويشير المرصد إلى أن قرار الحكومة السابقة بإغلاق القطاعات الاقتصادية، جعل الجميع يؤجل عمله ليوفر ماله، فالأمور الاقتصادية ضبابية، ما يتطلب اتخاذ إجراءات حمائية لعمال المياومة، من خلال حملات اجتماعية من سكان أحيائهم الذين يعرفون بعضهم بعضا، ومن الجمعيات التي تعمل في هذه المناطق.

    ووفقا للمرصد "هذه الأزمة الاستثنائية تدعونا للتفكير وإعادة النظر في سياسات الضمان الاجتماعي، لتغطي العاملين في الأردن بغض النظر عن طبيعة أعمالهم، وتقليل أعداد العاملين بشكل غير منظم إلى مستويات متدنية؛ إذ تبلغ نسبتهم في الأردن حاليا نحو 48 في المائة من القوى العاملة".

    الناطق باسم الضمان، يشير إلى أن "المشكلة التي تواجهنا مع هؤلاء الأفراد هي تفكيرهم أن الانتساب إلى الضمان يعني دفع المال فقط، من دون التفكير الحقيقي بما يمكن أن يقدمه الضمان في حال الانتساب إليه، في حالات الضرر الجسدي وإصابات العمل أو التوقف عنه، إذ يقدم الضمان مساعدات معينة وكذلك راتبا تقاعديا".

    ويؤكد المجالي "أن الضمان يريد المساعدة وعلى المواطنين اللجوء له من خلال الانتساب، وبهذه الطريقة تعم الفائدة بنسب أكبر، موضحا أن إلزامية الضمان على عمال المياومة الأجانب أكثر فاعلية منها على الأردنيين، فالأجانب في كل معاملة يمكن طلب براءة ذمة منهم للضمان الاجتماعي، ما يعني أن إمكانية متابعتهم أفضل، أما ابن البلد فمن الصعب في ظل الخيارات الموجودة حاليا أن يتم السيطرة على الوضع، والمقصود هنا السماح للأفراد بالانتساب للضمان بشكل أوسع وهو اختياري أو ما يسمى بالانتساب الاختياري".

    مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، يؤكد أن على الحكومة تطوير أدواتها لحماية هذه الطبقات بشكل متوازن، من خلال صندوق إعانة للمتضررين ومعونات توفير الحد الأدنى للمستوى المعيشي.

    ويرى عوض أن الإغلاقات لها أثر كبير على اقتصاد الأفراد وبالتالي اقتصاد الأردن ككل، والحل هو اتخاذ قرار لمساعدة المؤسسات وتمكينها من دفع أجور العاملين وعدم تسريحهم، ومساعدة الاقتصاد، حتى وإن كان اليوم من خلال زيادة الدين العام، لكن أن يكون هذا الدين لأجل مساعدة الشركات وتقديم خدمات مجتمعية تشمل عمال المياومة لتحريك الاقتصاد.

    وكان تقرير أعدته جمعية تمكين للمساعدة القانونية، قد أشار الى الآثار المترتبة اجتماعيا واقتصاديا بسبب الحظر؛ إذ إن الحظر الأول الممتد لنحو 50 يومًا، وتبعاته الكبيرة، لم يمر الا وتبعه حظر آخر وبشكلٍ متتابعٍ وعلى فترات، ابتداءً من حظر آخر الأسبوع، ومرورًا بعزل المناطق الموبوءة، وليس انتهاءً بحظر ما بعد الانتخابات، إذ استيقظ الأردنيون مطلع الأسبوع الماضي على خبر استمرار الانتخابات البرلمانية، رغم تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وتجاوزها حاجز الـ4000، ما دفع بالعديد من العمال للتفكير ببيع أصواتهم الانتخابيّة مقابل مبالغ مالية تساعدهم على تمضية أيام الحظر.

    وأكد التقرير أن (102) عامل وعاملة من ضمن (207) عمال وعاملات قابلتهم فرق تمكين المنتشرة في عدة أنحاء من المملكة، قرروا بيع أصواتهم الانتخابية.

    وقال التقرير الذي انتهى فريق "تمكين" من إعداده عشية إجراء الانتخابات، إن 31 % ممن قرروا بيع أصواتهم الانتخابية عزوا ذلك الى خفض أجورهم في ظل جائحة كورونا، و18 % منهم قرر بيعها بسبب خسارتهم عملهم، فيما كان 39 %ممن قرروا بيع أصواتهم من عمال المياومة التي تعد من الفئات الأكثر تضررا من الحظر الذي فرضته الحكومة بعد الانتخابات لمدة أربعة أيام.

    وقال الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد زيود "تعمل وزارة العمل على استقبال الشكاوى العمالية من مختلف القطاعات منذ بداية جائحة كورونا".

    وأنشأت الوزارة لهذه الغاية منصة "حماية" على موقعها الإلكتروني لاستقبال الشكاوى العمالية كافة التي زاد عددها على 58 ألف شكوى تتعلق بإنهاء الخدمات وتأخير الأجور، إضافة إلى الجولات التفتيشية التي تقوم بها فرق التفتيش في الوزارة على منشآت ومؤسسات القطاع الخاص للتأكد من مدى التزامها بقانون العمل وأوامر الدفاع والبلاغات الصادرة بموجبها.

    وأطلق وزير العمل ووزير الدولة لشؤون الاستثمار الدكتور معن القطامين خدمة الـ24 ساعة من خلال مركز الاتصال الوطني عبر هاتف رقم 5008080 06 لتسهيل تواصل العمال مع الوزارة والاستجابة السريعة مع استفساراتهم والشكاوى المقدمة منهم ومعالجتها.

    يشار إلى أن البنك الدولي قدم للأردن مشروع تمويل بنحو 270 مليون دينار أردني، لتعزيز منظومة التكافل الاجتماعي في المملكة، من خلال توسيع نطاق الاستهداف للأسر الفقيرة والمحتاجة، وشمولها في برامج المساعدات الاجتماعية المختلفة التي ينفذها الصندوق.

    وسيوجه الدعم لعددٍ من البرامج؛ أولها تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج دعم عمال المياومة "العاملين بشكل غير منتظم"؛ إذ انتهت المرحلة الأولى من البرنامج بداية شهر تموز (يوليو) الماضي، وسيستفيد من البرنامج 190 ألف أسرة في المرحلة الثانية التي تبدأ الشهر المقبل، بعدما استفاد في المرحلة الأولى 250 ألف أسرة، علما أن مشروع التمويل سيزيد عدد الأسر المحتاجة المنتفعة من برنامج الدعم التكميلي، ليصل مع بداية العام المقبل إلى 85-100 ألف أسرة.





    [13-11-2020 08:51 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع