الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الحكومة وفكاهة الوباء وفجوة الثقة


    لا شكّ أن المجتمع بحاجة للضبط، بحاجة للتوحد أيضاً ضد عدوه الأول اليوم وهو وباء كورونا، ولكن للأسف لا يوجد قناعات كافية لدى البعض بأن سبيلنا للمواجهة هو بيدنا نحن، وأن ما يجري من جملة مواجهات وخطط طوارئ الغاية منه ضبط الناس.
    هناك توتر داخل المجتمع، وهناك قناعات متعددة حول الإصابات والعدد المعلن عنه، وثمة تشكيك بالكثير مما يصدر عن الحكومة، وهناك عجائبيات تروى عن مواقف وحوادث فردية وجماعية، وثمة فكاهة أردنية خاصىة بالوباء.
    هذه الفكاهيات من قبيل «نشف ومات» ونظرية الضبع» وغيرها، هناك تشبيهات غير موفقة، وثمة استعارات وصور بلاغية استخدمت للامعان في التحذير من الوباء ولفت انتباه الناس إلى أن ما يجري ليس امراً عادياً، لكن المجتمع كان سريع الالتقاط لما يدخل العقل ولما يمكن ان يكون هزلاً فجاً وبعيد عن الجد.
    للآن يحتاج الخطاب الحكومي الأردني حيال وباء كورونا إلى تحليل علمي، هناك توظيف عال للدين والشريعة، وقد استخدمت الدولة كل المنابر والسبل الممكنة لذلك، كما استخدمت القانون والتلويح به، وبالعقوبات المترتبة على مخالفته سواء على منسوبي الحكومة او المواطنين، واستخدمت الاقالة كسلاح لاقناع المواطن بأن لا مجال للتهاون، لكن كل ذلك لم يُجد.
    اخرجت الحكومة مدراء ووزراء في الجائحة من مجال الممارسة الوظيفية، إما تقاعداً أو نقلاً لمكان أو جهة أخرى، وهذا أمر طبيعي، لكن المواطن ظلّ غير مقتنع، ويسكن في خندق الشك والريبة، ولم يدر الجميع أن المواجهة الحقيقة لم تبدأ بعد، وللأسف هزمنا مرتين، مرة في البدايات حين حققنا خسائر فادحة بالاقتصاد في ظل عدد اصابات قليل، ومرة حين وجدنا المرض يفوق توقاعاتنا وقد صرفنا كل ما جلبناه، وبتنا نخسر رجال وشابات الجيش الأبيض.
    أجل خسرنا الكثير في المواجهة في الشهور الأولى، وقد صلنا بعد أمد طويل لحوسبة الفحوصات الطبية، وكان ذلك تأخراً كبيرا، لا مبرر له، وتنامت فجوة العجز في العناية السريرة يوميا بعد يوم، وهو أمر أشار إليه خبراء بأننا نواجه نقصا في تخصصاته، كما تساهلنا في أمر الحدود والمعابر ولم نحاسب أحدا فعلياً، حتى المواطن كان جزءا، فماذا يعني أن يغسل سائقو الشاحنات وغيرهم خياشيمهم وجيوبهم بمادة «السبيرتو»؟ وماذا يعني اقامة مرشح نيابي لتجمع كبير، ويصور كل ذلك التبجح الفج، مخالفاً للقانون، ولماذا سمحنا بالانتخابات الداخلية؟ لماذا لم تخرج الحكومة بتقدير موقف واضح لقدراتها على اصدار تعليمات تضبط الناس، كان ذلك انقلابات على الجهود التي بذلت وبأيدينا قوضنا جهودنا.
    شكك المواطن بالاعداد الكبيرة والقليلة، وشكك بأعداد الوفيات وحقيقة اصاباتها، فكانت النتجية نمو فجوة الثقة، أكثر فأكثر، وبموازاة ذلك، نسينا الزراعة والصناعة التي هي عنوان البقاء، والسياحة فقدناها، وهي تئن الآن.
    ليست العودة سهلة لما كنا عليه قبل الوباء، لكنها ممكنة بالمزيد من المسؤولية، ومراجعة سياسات الخطاب الحكومي، ووقف فوضى التصريحات، ومساءلة جادة للمخفقين.





    [08-11-2020 08:11 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع