الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل ننتظر مائة يوم، أم أن سياساتنا واضحة؟ - عدلي قندح
    عدلي قندح

    ختم دولة الدكتور بشر الخصاونة، رئيس الوزراء الجديد رده على كتاب التكليف السامي بقوله: «نلتزم برفع برنامج تنفيذي مفصل لمقامكم السامي خلال 100 يوم يتضمن الرؤية والمنهجية الشاملة للتعامل مع مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمالية والسياسية والاصلاحية لمختلف القطاعات مربوطة بمواقيت زمنية للتنفيذ وأدوات واضحة لقياس الانجاز لتكون الحكومة مسؤولة عنها في كل محطة امام جلالتكم وأمام مجلس الأمة». وهذا يعني بالعرف السياسي الأردني طلب فترة 100 يوم ليتسنى للحكومة إعداد برنامجها التنفيذي المفصل.

    القارئ لكتاب الرد يجد أن حوالي نصفه يركز على جائحة كورونا وكيفية التعامل معها، وبذلك ستولي الحكومة الملف الوبائي أهمية خاصة. وهذا يحتاج لدعم من كل الجهات والاطراف. كما ويلاحظ أن أقل من ثلثه يركز على مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والادارية في الدولة الاردنية ويعرج على القضايا الدولية وغيرها من القضايا التي نراها في كتاب رد أي حكومة أردنية تتشكل حديثا. وهي قضايا ثابتة بعمر الدولة الاردنية بحكم علاقاتنا الدولية والاقليمية والعربية. ولكن السؤال المطروح هو هل سننتظر لمدة ثلاثة أشهر لنرى البرنامج التنفيذي للحكومة وهل يحتمل الوضع في الأردن ذلك، أم أن سياساتنا واضحة وجلية؟

    الجواب القطعي لا ننتظر. فباعتقادي أن سياساتنا الاقتصادية والمالية تحكمها اتفاقياتنا مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ضمن برنامج متفق عليه. وسياستنا النقدية ثابتة، ديدنها تحقيق أهداف الاستقرار النقدي والمالي المتمثلة باستقرار الاسعار وأهمها سعر صرف الدينار، وهي سياسة ثابتة تجاه الدولار الاميركي ومحررة اتجاه العملات الدولية الأخرى تحكمها حركة سعر صرف الدولار اتجاه تلك العملات ونتبعها منذ العام 1995 وقد أثبتت نجاعتها في خدمة الاقتصاد الكلي، أما السياسة المالية، فهي سياسة تضع الحكومة عناصرها وأطرها العامة والمفصلة في قانون الموازنة الذي تقره الحكومة وترفعه للبرلمان لإقراره قبل نهاية العام.
    أما السياسة الصناعية والتصديرية، فهي بحاجة لجهد استثنائي غير متوفر حاليا، كانت تحمي صورتها الكلية شركات كبيرة عددها قليل لها سياسات واضحة أعطت صورة وردية عن القطاع مثل شركة البوتاس العربية وشركات الادوية والملابس في المناطق الصناعية وبعض الشركات الفردية التي عمل أصحابها بجد منذ سنوات طويلة على انجاحها. وعليها يجب أن ترتكز عناصر التنمية الشمولية التي تمكن الاردن من تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة وتساهم في رفع مستويات المعيشة للمواطنين وتخلق فرص عمل في مختلف القطاعات الاقتصادية وتسطح منحى معدلات البطالة المتفاقم في الارتفاع.


    أما السياسة التجارية، فهي سياسة مبنية على سياسة الابواب المفتوحة، تحكمها اتفاقيات تجارية رئيسة بين الاردن ومختلف دول العالم، وتحكمها أيضا مبادئ منظمة التجارة العالمية، وهي مبادئ لها آثار سلبية جدا على دول العالم النامي، لأنها تهدف الى تحقيق أهداف الدول الصناعية دون أدنى اعتبار لأي مصالح أخرى. أما السياسة الاستثمارية، فبالرغم من وجود هيئة للاستثمار ووزير جديد لشؤون الاستثمار، الا أن ما يؤثر عليها هو عدد التشريعات والبيروقراطية الحكومية والاجراءات العقيمة التي تحكم آليات الاستثمارين المحلي والاجنبي في الاردن بالإضافة الى شح الموارد وخاصة ما يتعلق بالمياه وارتفاع كلف الطاقة.

    أما سياسة التشغيل والعمل، فهي من أكثر السياسات الرخوة والفضفاضة، والتي يدفع ثمنها شبابنا الاردني سنويا من حياتهم وأعمارهم على شكل سنوات تعطل ونسب بطالة متزايدة وصلت الى مستويات مقلقة شبيهة بانتشار فيروس كورونا المجتمعي. هذا القطاع مرتبط جدا بقطاع التعليم الأكاديمي والمهني الذي دخل بمسار صعب على المستوى العالمي، نأمل ألا يطول المكوث فيه، ويحتاج لسنوات طويلة حتى يتخذ له مساراً صائباً محدداً، لذا فهو محتاج لرعاية كبيرة من مختلف الجهات ابتداء من الاسرة والمدرسة والجامعة ووزارتي التربية والتعليم العالي ومؤسساتهما التابعة.
    الاكتفاء الذاتي الغذائي والزراعي والصحي تحت المحك، على الرغم من مؤشراته المطمئنة من الناحية الزراعية. قطاع السياحة بحاجة ماسة لتفعيل أدوات جديدة لإعادة الحياة اليه. قطاع تكنولوجيا المعلومات أيضا من القطاعات التي تحتاج لعناية شديدة وخاصة فيما يتعلق بالعمليات المالية والمدفوعات لتسهيل الحياة على المواطنين.
    المهمات صعبة للغاية أمام هذه الحكومة على كافة الاصعدة، ومرة أخرى نذكر بأبرز أولويات الحكومة الجديدة ومنها التصدي لتصاعد سبعة منحيات رئيسة وهي، منحنى إصابات كورونا ومنحنيات البطالة وتراجع النمو الاقتصادي والفقر والعجز في الموازنة وميزان المدفوعات والمديونية. نبارك لدولة الدكتور بشر الخصاونة ثقة جلالة الملك ونتمنى كل التوفيق لهذه الحكومة! حمى الله الأردن وقيادته وشعبه





    [13-10-2020 11:05 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع