الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    فصل ملف كورونا عن وزارة الصحة

    بعيدا عن الأرقام المعلنة حول عدد الأسرة، وأجهزة التنفس، وغرف العناية الحثيثة، ومختلف المتطلبات اللوجستية المتاحة للتعامل مع وباء كورونا، تبدو الصورة المستقبلية قاتمة بعض الشيء وتؤشر القراءات على فجوة محتملة بين المتطلبات والإمكانات، على وقع تزايد الإصابات، والوفيات، وتشعبها باتجاه الفئات الشبابية.

    وبعيدا عن أية اتهامات للعاملين في وزارة الصحة، ومختلف القطاعات الطبية العامة، الذين يبذلون جهودا جبارة في التعامل مع الوباء بحرفية عالية، ترتفع وتيرة الخشية من بلوغ مرحلة يكون فيها الوباء أكبر من حجم الإمكانات، ويلعب الوقت دورا حاسما في استفحال الأزمة.

    فالصورة بدت زاهية فيما يخص مواجهة وباء كورونا في بدايات الأزمة، لكنها لم تكن كذلك فعلا، والسبب أن وزارة الصحة تفرغت «تقريبا» للحد من انتشار الوباء، وأغفلت الكثير من الجوانب المتعلقة بعملها العادي.

    ولنعترف هنا، بأن قدرات وزارة الصحة في مرحلة ما قبل الوباء، لم تكن كافية للمتطلبات الصحية الدورية. وكانت هناك شكاوى من تأخر في المواعيد لبعض الخدمات والعمليات الجراحية، وازدحام في عيادات الاختصاص.

    وعندما انتشر الوباء تضاعفت الجهود المطلوبة عدة مرات. وتراجع الاهتمام بباقي الخدمات الصحية حد الصفر، وتحولت الكثير من المرافق الصحية لخدمة الجهود الوطنية للتعامل مع الجائحة. وحشدت الوزارة وغيرها من المرجعيات الصحية إمكاناتها لمواجهة الوباء، فكان ذلك على حساب الخدمات الصحية الأخرى.

    ويبدو أن التغيرات التي طالت المشهد ككل وعلى رأسها استشراء الوباء، قد كشفت عن مزيد من الثغرات، من بينها تراجع الاهتمام بالخدمات الصحية الاعتيادية، والإحساس بأن الإمكانات لم تعد كافية للوباء فيما إذا تفاقمت الحالة.

    والأخطر من ذلك ما أصاب إدارة المكافحة من ترهل، بلغ حد تقاطع الطروحات وتناقضها، حيث ضاق الملعب بالمنظّرين، وارتفعت وتيرة الاستعراض، وتراكمت الأخطاء الميدانية، فعاد الوباء شرسا، وحدث ما نحن فيه. حيث انتقلنا فجأة من مرحلة الصفر إصابات إلى مستوى الآلاف يوميا. ومن حالة وفاة خلال فترة طويلة إلى ما يلامس عشر وفيات يوميا.

    كل ذلك يستدعي ـ وفقا الكثير من الآراء إعادة هيكلة البرنامج ككل، بحيث يتم سحب الملف من وزارة الصحة وتسليمه إلى القوات المسلحة، مع الحفاظ على لجنة فنية رشيقة، تقتصر على ممثلين فاعلين من مختلف الاختصاصات ذات العلاقة بالوباء وتكون مهمتها تقديم الآراء العلمية فقط، ويكون لها ناطق رسمي مخول حصريا بالحديث باسمها.

    وأن تشترك كافة القطاعات الطبية في تشكيل الفرق المختصة بالتقصي، وكذلك المعالجة، والوقاية، وأن يتم على وجه السرعة إقامة مستشفيات ميدانية ومختبرات كبرى في أقاليم المملكة وتوظيف كافة الإمكانيات المتاحة بالشكل الأمثل.

    والاهم من ذلك كله الثقة التي يضفيها اسم القوات المسلحة على العملية ككل، وانعكاساتها الإيجابية على مستوى الشارع الذي فقد الثقة بالحكومة وبإجراءاتها.

    مع كل الدعاء بأن يحفظ الله الوطن وقيادته، وأن يحمي أبناءه من كل مكروه وأن يقينا شرور هذا الوباء.





    [05-10-2020 08:09 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع