الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أبي ( تحت ) الشجرة

    علمتُ ان أبي»بعافية» ، فسارعت الى»الرصيفة» للاطمئنان عليه. كان قلبي يدق طوال الطريق ، والسيارة تلتهم الشوارع مثل وحش كاسر.
    كان ذلك عام 2009..
    كانت فيروز تهدىء من روعي وتغني» بيته بآخر البيوت «. أية بيوت يا مؤنسة الارواح. كلها تبتعد عني وقلبي يركض مثل غزال بري.
    الناس على جوانب الارصفة ، شعرتُ انهم يشبهون أبي. مثله يحبون الحياة ويعتصرون النهار ساعة ساعة.
    كان هناك.. في مكانه المعهود منذ تركته آخر مرة ومنذ سنوات. يجلس تحت شجرة التوت. ينشغل بالفضاء وبحاكورة البيت الذي بناه من»عرق جبينه».
    وما ان فتحت الباب حتى صاح :
    «جيت يا ولد». تعال اقعد عندي اشتقتلك.
    كان يسعل ويعبث بمذياع صغير»ترانزستور». بالمناسبة ، ابي اعتاد ان يسمع اخبار العاشرة صباحا من اذاعة عمّان وتحديدا اخبار الوفيات. ويسألني عن فلان اللي مات وشو بقرب لفلان .
    قال ابي انه يرتاح لشجرة التوت وهي تمنحه ظلالا في الصيف. ثم صار يسألني عن الفنانين وتحديدا عن اغاني ام كلثوم.
    قلت: هذا دليل عافية.
    شربنا شايا وثرثرنا وداعب صغيري»خالد» بيديه الخشنتين وهدده بعكازه وطلب منه ان يبتعد عن»النعنعات «.
    نظرت الى ذات الشجرة التي كنا ( اولاد الحارة وانا ) نذهب اليها»عند جامع الشيخ حسين «. كنا»نتعربش اغصانها»ونرسل اصغرنا ليهزه فتسقط ثمارها»الزاكية».
    كنا نشعر بالتعب والامان في نفس الوقت.
    كنا سعداء بما نفعل.. كنا نغسل حبات التوت من مياه»السيل». ونركض فرحين .
    امس جلستُ اتأمل وجه أبي.. واخفيت»دمعة»حرقت احداقي. تذكرت رحلته الشاقة وايامه التي قضاها يكدح من اجلنا.
    حاولت ان ادعبه بنكته. ابتسم. ومسح جبيني بكف يده.
    وقبل ان اغادر ، مددت يدي والتقطت حبة توت»مستوية»وشعرت انها»حلوة جدا «.،
    رحم الله أبي
    كان « شجرة وارفة المحبة « ..
    اروح لمين.. الان ؟





    [10-09-2020 08:16 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع