الرئيسية صوتنا

شارك من خلال الواتس اب
    من التبولة اللبنانية الى الريوك العراقي .. ماذا يطبخ ماكرون في المنطقة؟

    أحداث اليوم - ياسر شطناوي - اجزم قطعاً أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لم يسمع بكل حياته أغنية واحدة من اغاني فيروز، كما أنه لن يجد أي متعة كانت في أغاني " العصامية " ماجدة الرومي، خاصة تلك التي تتغنى "بالتحرير من الإستعمار الفرنسي" .. كما أنني متيقن تماماً بان " معدة الرئيس " لا يمكنها أن تتحمل " الدسم في الريوك العراقي الشهير، اذا ماذا يطبخ ماكرون في منطقتنا" ليزور لبنان " باريس العرب " مرتين وترتيبات لمرة ثالثة قبل نهاية العام الحالي، وكذلك زيارة للعراق في أقل من شهر ؟

    في لبنان يجد الرئيس الفرنسي مكاناً مميزاً له بين القيادات والقوى الحزبية الطائفية، ليلعب على " وتر البُعد السياسي والإقتصادي " بعد ان استغل "أزمة انفجار مرفأ بيروت" وما لحق في الإقتصاد اللبناني من تعقيد أكثر مما كان عليه، ليفرض " أمر واقع " ويتوعد القيادات اللبنانية بفرض عقوبات اذا لم تتشكل حكومة جديدة، فكانت حكومة مصطفى اديب خلفاً لحسان دياب التي رحلت على وقع الإحتجاجات الدامية في لبنان.

    سياسياً وجد الرجل ان حضوره مسرعاً إلى الارض اللبنانية " حتى قبل ان تتم ازالة اثار دمار انفجار المرفأ في مكانها " امراً مهماً جداً لأن لبنان ما زال ملكوماً من هذه الفاجعة، كما لحقها بزيارة ثانية، - وثالثة سوف تتم قبل نهاية العام - ليفرض امر واقع على السياسيين وتلزيمهم بالموافقة على قراراته، بعد ان بات اغلبهم " غارقاً في مستنقع الفساد " وتحويل البلاد الى ساحة تناحر طائفي فض، الى جانب اصوات الشارع اللبناني في الإعتصامات التي فضلت " نار المستعمر على مواصلة أبن البلد بالنهب والفساد ".

    هنا يتضح أن فرنسا تحاول تجسيد التناهي في تدخلها بالعمق اللبناني، من خلال اتباع سياسة التهديد بقطع المساعدات المالية، وعرقلة نشاط المستثمرين اللبنانيين في فرنسا، إلى جانب " اللعب على المشاعر " بان يزور ماكرون لأول مرة "فيروز وماجدة الرومي " لادراكة المُطلق " لرمزية الفنانتين " ليس بالنسبة للبنانيين فقط وانما لكل العرب.

    على المستوى الإقتصادي لا يمكن أن ينسى ماكرون ملف الغاز الموجود بشكل كبير في المربع " رقم 4 " بالبحر الابيض المتوسط القريب من السواحل اللبنانية، ومحاولات شركة توتال الفرنسية منذ سنوات الحصول على امتياز الإستخراج بقدراتها الكبيرة، بعد سلسلة الدراسات " الجيوفيزيائية التي اجرتها عن طريق الاقمار الصناعية" حيث يتواجد بالمربع احتياط " أكبر من احتياط روسيا وقطر معاً من الغاز" ويشكل أكبر ثروة على البحر الابيض المتوسط.

    ماكرون النشط في الإتحاد الاوروبي، والذي تمكّن من جعل بلاده تتصدر المشهد من خلال علاقاتها الواسعة مع دول العالم والمنطقة العربية، يدرك أن ملف الغاز يرهق اوروبا لإعتمادها الرئيسي والوحيد على الغاز الروسي بتكاليف مرتفعة، إلى جانب " المزاجية الروسية في اضفاء شروطها على دول القارة العجوز" .

    مع هذا وذلك يبرز التحدي غير المعلن بين ماكرون واردوغان على الساحة اللبنانية، وما يراه الأول من أن عروض تركيا للبنان بعد الانفجار " توسعية " ولا تتفق مع المصالح الأوروبية وتشكل تزعزعاً للاستقرار.

    اما في الزيارة إلى العراق، فان الرجل قالها صراحة " من قلب بغداد " أنه يسعى لبناء مشروع تحت أسم " سيادة الدولة العراقية " وهذا يأتي " متوازناً تماما ً" مع سياسة اقطاب دول المنطقة " محور الإعتدال العربي " التي تحاول جر العراق إلى صفها - ان صح التعبير - واخذ بغداد مسافة عن كل من تركيا وايران، خاصة بعد قمة عمان التي تمت الاسبوع الماضي بين الأردن ومصر والعراق.

    بُعد آخر يمكن الحديث عنه لزيادة ماكرون للعراق بان المجتمع الدولي يسعى لأن تكون حكومة الكاظمي حكومة وطنية متوافق عليها، بعد مرور أكثر من 15 عاماً على تغيير نظام صدام حسين، مع سرعة التقاط الكاظمي الاشارة بان الاصلاحات في بلاده يجب ان تبدأ من الخارج الى الداخل، وذلك لمحاولة ارضاء الشارع العراقي وتطمينه وزرع الثقة في نفوس العراقيين بان حكومته جادة في مسيرة الاصلاح الاقتصادي والسياسي وقطع دابر الفساد، فبدأ الكاظمي منذ بداية ولايته نشيطاً على الساحة الاقليمية والدولية بشكل لافت خلال الايام الماضية.

    بالنتيجة والمحصلة تجد أنه ثمة رابط مشترك عند ماكرون بين العراق ولبنان وقناعة لدى الرجل بان هناك " علاقة طردية" - ان جاز التعبير - بين الدولتين، وهو وجود نفوذ إيراني متشابه فيهما، ونقاط " مشتركة ومتشعبة " بين طهران وبغداد وبيروت في ذات الوقت.





    [03-09-2020 08:14 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع