الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    العيسوي بين الدبلوماسية والعسكرية
    العيسوي - أرشيفية

    كتب: د. زهير الطاهات - على عتبات الثمانين ربيعا، قد بلغ معالي يوسف العيسوي ومع ذلك تراه يتمتع بروح الشباب، التي تتجلى بجمال عباراته وعمق أفكاره، فضلا عن وفائه لوطنه الذي يسكن عقله وقلبه، فغدا أنموذجا للمسؤول المنجز والمتفاني في خدمته. إنه نموذج للمواطن الوفي الذي أسكن الوطن وأبناءه في أعماق قلبه ووجدانه، وكان للبيئة العسكرية الوطنية التي نشأ فيها دور أساسي وفعال في تكوين شخصيته الفذة، وقد منحته الخدمة العسكرية سمات ومعاني عظيمة وجليلة، وغرست في شخصيته صفات لا يمكن لأي بيئة أخرى أن تفعل ذلك، فجعلت له منهجا واضحا يسير على أساسه.

    كثير من معارفه يدركون جيدا الدوافع الكامنة في شخصيته العسكرية المنضبطة، والتي جبلت على حب تراب الوطن، كغيره من جنود الوطن المخلصين، حيث تمازج ذلكفي روحه ووجدانه، كأردني عاصر الحروب التي خاضها الجيش العربي، وكل الذين يعرفونه جيدا يؤكدون انه لم تسجيل ولو مخالفة واحدة عليه طيلة خدمته العسكرية التي كان آخرها رتبة عقيد، ثم انتقل بعد ذلك ابو الحسن الى الديوان الملـكي في بداية العقد التاسع من القرن الماضي، محققاً نجاحا وظيفياً لا نظير له، فقد كان متف َوق الأداء عندما كان جنديا في صفوف الجيش العربي الباسل، وعندما أصبح موظفا في الديوان الملـكي العامر ،وفي كل المناصب التي تقلدها، كملحق عسكري دبلوماسي في دمشق، ولبنان في الستينيات من القرن المنصرم، كانت سيرته تتس ُم بالابداع، وعرف عنه بقدرته على بث التفاؤل والامل مع جميع من عمل معه، سواء مع رفاق السلاح بالقوات المسلحة، أو في الديوان الملـكي الهاشمي، لما تمتع ويتمتع به من قدرات ابداعية في الإدارة واحترام الذات والاخرين، ولما يمتلـكه من ثقة بالنفس، وحب وتفان، ووفاء لعمله، وقدرة على التحمل والصبر في اصعب الاوقات وأكثرها حرجا.

    ويشهد لمعالي ابو حسن القاصي والداني، عندما تسلم امينا عاما للديوان الملـكي في عام 2003، بقدراته الابداعية الخلاقة في ادارة اعمال الديوان، وبقدراته الخلاقة على ضبط النفس، والتاثير بكل الذين عملوا معه، وانجاز عمله بدقة واتقان، وانضباط وتوازن وحماس لامثيل له، فضلا عن مرونته في العمل وبترتيب اولوياته.

    وقد التقيت بهذا الرجل الحليم عن قرب، اربع مرات، وقد لمست في كل مرة بعض ملامح شخصيته الجميلة اللبقة التي تميل الى خفة الظّل، والقدرة على انتقاء الكلمات عندما يتبادلها مع الآخرين، ناهيك عن أدبه ال َجم وتواضعه وهو يشرح وجهات نظره بصورة .واضحة ومقنعة وقد اكتسب هذه المهارات في التعامل من خلال خبراته الواسعة، وتجاربه العميقة في العمل العام، ويت ُصف معالي يوسف العيسوي كذلك بأسلوب هادئ ومتزن في ادارة الحوار، مما يجعل كل من يحاوره يميل الى القبول بما يقول، لتميز شخصيته بطابع الرزانة، والانفتاح، والاستقلال في الذهني الذي يساعده بشكل كبير على التفكير الاستشرافي التأملي، والثبات في اتخاذ القرارات دون تردد.

    نعم لقد مكنته خبراته العملية التي اكتسبها في الجيش، وعمله كملحق عسكري في دمشق وبيروت لعقد من الزمان وفي مرحلة دقيقة وحساسة فيالستينات، ليكون ذا شخصية تتصف بالـكفاءة الاجتماعية والادارية العالية، ليصبح في عام 2006 مستشارا في الديوان الملـكي برتبة وراتب وزير، واستحق هذا المنصب عن جدارة لما لديه من قدرة كبيرة في التكيف الاجتماعي، ولما اكتسبه من معارف سياسية، وعلوم عسكرية راقية من البيئة التي عاش فيها في سوريا ولبنان، حيث كّون علاقات اجتماعية ناجحة جدا، يضاف الى ذلك ما يتميز به من قدرات عقلية مرنة، تستند الى الذكاء الاجتماعي، بعيدا عن الانغلاق والتصلب والتعامل الفظ مع الاخرين، لذلك فقد تم تكريمه،تقديراً لجهوده ونشاطاته، بمنحه العديد من الأوسمة الأردنية والعربية والأجنبية منها: وسام الأرز الوطني اللبناني بدرجة الفارس، عام 1968، ووسام السلامة العُماني عام1980.

    كل من تعامل معه، وعرفه عن كثب، يجد أنه كرس حياته لخدمة العرش الهاشمي بتفان، واخلاص ووفاء، واستطاع ان يغير مفهوم المواطن العادي تجاه الديوان الملـكي ورئيس الديوان باْن جعله الأقرب الى نبض المواطن، يستمع لما يقوله بكل تواضع وادب لمعالي أبي الحسن كاريزما لا يتمتع بها كثير من المسؤولين، وتتمثل في الليونة والاعتدال، والـكفاءة الاجتماعية.

    وتتميز سيرته بالقدرة على الولوج إلى قلوب الأردنيين، وفي ان يجعل الديوان الملـكي قبلتهم اذا ضاقت بهم السبل، فهو قريب منهم بنبله وروعة تعامله معهم منذ أن أصبح رئيسا ًللديوان الملـكي، مخاطبا ًأبناء وطنه بلغة الأب والأخ والصديق، فمن تربى في اكناف بني هاشم لا بد ان يكون متواضعا حليما، وكان نتيجة ذلك أن وقع عليه الاختيار ليكون رئيس لجنة متابعة تنفيذ مبادرات جلالة الملك، وأعيد تعيينه أمينا عاماً للديوان الملـكي في عام 2011.

    لقد تمكن معالي (أبو الحسن) أن يجعل قلوب الناس تز يد محبة وقربا من الديوان الملـكي، واستطاع أن يحول حلم المواطن إلى حقيقة وواقع لما يمتلـكه من سمات شخصية قل مثيلها.

    وبعد آخر لقاء لي مع هذه الشخصية العامة الفذة قبل ايام، لم اعجب كيف استطاع ان يرسم صورة ذهنية مشرقة عن الديوان
    الملـكي من خلال معينه التربوي المتدفق، ومهاراته وقدراته الشخصية الحكيمة فجعل الديوان الملـكي العامر أكثر قرباً من قلوب الاردنيين، وجعلهم يزدادون شعورا بالراحة والرضا والاطمئنان، وان يقربهم منه بصفاته المتواضعة، وبثباته، وتسامحه وتوازنه، وعدالته، مما يحقق علاقات دافئة، مبنية على الثقة والشفافية والوضوح، لذا جاء تكريمه من جلالة الملك بان تم تعيينه رئيسا للديوان .الملـكي عام 2018.

    لقد مر ثماني وسبعون سنة في مسيرة العيسوي، تكللت بالنبل والطهر، والنجاح الباهر، وأصبح شخصية وطنية أردنية لم يسجل أحد عليها اي ملاحظة الا الاستقامة، ويقظة الضمير، والالتزام، والعمل الشاق والجهد المتواصل لتحقيق الانجازات بهدوء وروية واتزان، ولم يغير بعض الاشاعات المغرضة صورته لدى الناس، التي حاول بعض المغرضين أن ينالوا منها.

    لعل السمات القيادية للشخصية التي تمتع بها معالي يوسف العيسوي هي التي جاءت به ليتقلد منصبا من أهم المناصب في الدولة الاردنية، وهو من صب يؤهله للتفاعل مع الشعب الاردني الذي يعتبر الديوان الملـكي قبلته في مختلف مجالات الحياة وهو الموقع الذي يجعل من رئيسه حلقة وصل بين جميع المواطنيين الذين ينحدرون من مختلف المنابت والأصول والأطياف السياسية والثقافية والاجتماعية، لذا لا بد وان يكون رئيس الديوان الملـكي متمتعا ًبخصائص وقدرات وامكانات شخصية تتجسد بالتسامح والتواضع لضمان علاقات انسانية ناجحة تضمن تحقيق الرضا والقبول وتحقق الانسجام، والمودة والمحبة وتعزز قيم الولاء للديوان الملـكي من قبل ابناء الوطن لذلك كان لا ّبد وأن يحتل هذا الموقع شخصية قوية تصف بصفات رجل الدولة المنصف، الذي يضع مخافة الله بين عينيه، ويقوم بسد الفجوة بينه وبين المواطنيين، ولا يتعامل معهم بفوقية، بل على اساس انه خادم أمين لهم، وهذا هو النهج الذي التزم به معالي العيسوي والذي اكتسبه في المدارس العسكرية التي هي اهم المؤسسات التي نشأ فيها واستطاع بذلك أن يرضي الناس ويشبع احتياجاتهم عندما يفدون الى الديوان الملكي.

    لقد برهن معاليه أن لديه المهارة والتفوق في مخاطبة الناس حسب ثقافتهم ومعرفتهم، حيث يشعر كل مواطن يراجعه بأن له اهمية وقيمة اجتماعية. نعم هذا ما قد عرفته عن هذه الشخصية العامة التي تستند الى المبدأ الذي يؤكد على أْن تُعامل الناس كما تحب ان يعاملوك مهما كان منصبك الإداري عاليا ورفيعا.

    لقد نجح معالي يوسف العيسوي، صاحب الخـبرة الطويلة منذ بداية الخمسينات حتى اليوم في ان يطبع صورة طيبة في أذهان المواطنين الأردنيين عن الديوان الملـكي ليصبح ملجأ كل صاحب هم، ولكل من توصد أمامه الأبواب ولقد فاز معاليه لأنه تفوق بالقدرة على حسن التواصل والتفاعل مع الناس تغلق او تضيق في وجهه الطرق والسبل، بما يمتلـكه من مهارات التواصل مع الناس، وتمكن بذلك أن يحصد ثمار ما غرس من بذور الرضا والمحبة من قبل كل من يأتي إلى الديوان الملـكي من اصحاب الحاجات والقضايا والمسائل الاجتماعية، خلال تعامله الانساني الراقي بكل شفافية ووضوح





    [03-08-2020 02:12 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع