الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    الفتى مؤنس قدم درسا أخلاقيا للفاسدين والمتاجرين بطرود الخير - فيديو وصور
    مؤنس بخيتان

    أحداث اليوم -

    أحمد ذيبان - اغوار نيوز - اذا وجدت وأنت تمشي على رصيف شارع مغلفا ممتلئا ، لا شك أنه يلفت انتباهك وتلتقطه ، وستكون مفاجأة مذهلة أن تجد فيه مبلغ” 30″ ألف دينار بالاضافة الى إسوارتين من الذهب.. فماذا تفعل به ؟ هذا سؤال كبير.. سيجعلك تفكر مليا ،..المبلغ مغري والنفس البشرية بطبيعتها تميل الى الكسب السهل ..واذا كان الشخص سلبي فسيعتبر هذه فرصة العمر..أما إذا كان الشخص عاديا فمن البدهي أنه يحمل عنصري الخير والشر كأي إنسان ، فسيدخل في صراع داخلي مع النفس والضمير.. ويعد الى الالف وربما للمليون أمام هذه اللحظة النادرة.

    وإذا تغلب الرصيد الاخلاقي والتربوي والديني ، وعنصر الامانة على نزعة الشر ، فسيتبادر الى ذهنه التساؤل : من هو صاحب هذا المبلغ وكيف فقده ؟ وأثر ذلك نفسيا واجتماعيا وماديا على عائلة صاحب المغلف وسيبحث عنه ، وفي مثل هذه الحالة عادة يتم تسليم الامانة الى الجهات الرسمية وأقرب مركز أمني..

    هذا ما حدث مع “مؤنس بخيتان الياصجين”.. فتى يبلغ من العمر 15 عاما من طالب في الصف العاشر بمدرسة معدي الثانوية بالغور الاوسط ، عثر قبل بضعة أيام على رصيف الشارح المحاذي للمدرسة ، على مغلف وعندما فتحه وجد فيه المبلغ المذكور بالاضافة الى أسوارتي ذهب..

    أول من نشر عن الحادثة” عامر مناور العلي” من خلال منشور كتبه على الفيسبوك تم مشاركته من قبل عديد الاشخاص ، ولإن القصة مثيرة رغبت بالاطلاع مباشرة على تفاصيلها من الفتي ، واتصلت معه وقمت بزيارته منزل العائلة في بلدة معدي مساء الجمعة ، وسجلت معه مقطع فيديو وحوارا صوتيا حول ما جرى معه..

    نسمع عن بعض الأشخاص المهوسين في البحث عن الذهب ، ويمضون وقتا طويلا وينفقون مبالغ مالية بحثا عن سراب…لكن مؤنس وجد كنزا حقيقيا في الشارع،

    وكثيرون لو حدثت معهم هذه الواقعة ، فالأغلب أن يطير فرحا ويعتبر هذه فرصة العمر وثروة نزلت من السماء، ستحدث تغييرا جوهريا في حياته وعائلته ، وسينطلق مهرولا ويضع المغلف تحت قميصه ..لتسليمه الى والده أو إخفائه ..

    كيف كانت مشاعر الفتى لحظة فتح المغلف وبماذا فكر ،عندما اكتشف ما بداخله في ظروف اقتصادية ومالية قاهرة ،تواجه غالبية العائلات الاردنية ؟ يجيب مؤنس على ذلك بأن عفة النفس والتربية والفطرة الانسانية ، حركت مشاعره ودفعته الى التعاطف مع السيدة وهي تندب حظها ، حيث أضاعت ورثتها عن أمها .

    وكانت مصادفة غريبة أنه بعد وقت قصير من عثور مؤنس على المغلف ، وبينما كان يسير في الشارع لاحظ سيدة تجلس على الرصيف، تبكي وتندب حظها.. فسألها لماذا تبكي؟ فأبلغته أنها فقدت مغلف يحتوي على حصتها من ورثة أمها..

    وتأكد مؤنس من حقيقة ما تقول عندما جاء زوجها ،الذي كان يبحث عن المغلف في الشارع..وزاد على ذلك والد مؤنس بخيتان الياصجين ، الذي أكد أنه تقصى عن السيدة وحقيقة المبلغ ، وعلم أنها تسلمت هذا المبلغ بالاضافة أسوارتي الذهب من المحكمة الشرعية في المنطقة .

    أعاد الفتى الشهم المغلف بما فيه الى السيدة ..ورفض حتى قبول ما عرضته عليه من مكافأة “100” دينار.. هذا الفتى نموذج حقيقي وصادق للكبار قبل الصغار ، يستحق ان يكرم ،وهو الذي ينتمي الى أسرة فقيرة مثل غالبية الأردنيين ، والمؤسف أن أيا من الجهات الرسمية، لم تهتم بما فعله مؤنس وشكره وتكريمه، ولو من خلال اتصال هاتفي على الأقل، باستثناء اتصال من رئيس بلدية معدي..

    هنا لا بد من استحضار فرضية ،ماذا لو عثر على المغلف مسؤول كبير، أو رجل أعمال معطوب الضمير ، على الاغلب سيلتهم المبلغ ويضيفه الى ثروته ! وما وجه الشبه بين هذا الفتى النموذج ،وبين لصوص المال العام من كبار الفاسدين والمتهربين ضريبيا ، أو من المدعين الذين يتاجرون بمعاناة وحاجة الفقراء ، كما يفعل بعض النواب والمتنفذين والأثرياء الطامعين بالوجاهة ، وتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية وانتخابية على حساب الفقراء .. فيقومون بتوزيع “طرود الخير ” أو تقديم مساعدات عينية وغذائية في المناسبات، على بعض العائلات الفقيرة ويلتقطون معهم صورا تشعر الفقراء بالإذلال ..

    ويحدث في مجتمعنا أن بعض المسؤولين يدخلون في المناصب بمستوى مالي واجتماعي عادي ، ويخرجون من الوظيفة العامة أصحاب ثروة مالية وعقارية ويسكنون في فلل وقصور !

    وقد رصدت أحد هؤلاء ، حيث اتصلت معي إحدى الموظفات في مكتبه قبل عدة اشهر ، وطلبت مني نشر خبر يتعلق بمبادرة يتبناها الشخص المعني ، لتوزيع مساعدات عينية على الطلبة الفقراء..وبعث لي الخبر ونشرته في موقعي ..فطلبت من بعض العائلات الاتصال بمكتبه وسؤاله عن كيفية الاستفادة من المبادرة ..وكان يشترط أن تتصل والدة الطالب أو الطالبة المستهدفة مع المكتب ، وبالفعل اتصلت ثلاث أمهات ، فطلبت الموظفة منهن معلومات شخصية، مثل الاسم الكامل والرقم الوطني للوالدة ومكان الاقامة ،بالاضافة الى اسم الطالب او الطالبة ..ومن الواضح أن ذلك مرتبط بأغراض انتخابية..وحتى الان لم يحدث يقدم أي مساعدات وعلى الارجح أنه سيتم التواصل مع العائلات التي سلجن اسمائهن في موسم الانتخابات !

    العثور على الكنز.. درس أخلاقي للفاسدين البعض يمضى وقتا طويلا .. أياما وسنوات بحثا عن الذهب ، وبالنتيجة تكون النتيجة...

    Posted by ‎أحمد ذيبان الربيع‎ on Friday, July 10, 2020





    [14-07-2020 09:20 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع