الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    بكى الأئمة فأبكوا الشارع الأردني - امان السائح

    أحداث اليوم - كان صوت أئمة مساجد المملكة يوم الجمعة على ذات النبرة، ونفس الشوق، وذات السوية التي امتزجت بحرقة نحو ثمانين يوما وعشر جمع، غابت فيها اقدام المصلين عن التوجه الى بيوت الله ، وغاب اداء الصلوات في حرم ارض مساجد تاقت نوافذها وحدائقها وعتباتها وبلاطها، الى أصوات التكبيرات والركوع والسجود وانتهاء نداء أبكى الكثيرين وهو يقول «صلوا في بيوتكم « .

    مشاهد الفرح الروحاني سيطرت على المملكة وبكى ائمة مساجد واصواتهم تصدح بخشوع منقطع النظير وهم يؤدون صلاة الجماعة، بكى اردنيون في بيوتهم، وأبكت مشاهد الالتزام والتباعد والصلاة في الشوارع برقي ورحمة وشوق العالم الخارجي، ليقول الجميع هؤلاء هم الاردنيون وهذا هو الاردن .

    صلاة الجمعة ابكتنا جميعا، صلاتهم في الشوارع شبابا وشيبا، توجت مشهد الحب والرحمة والدين في بلد دستورها الاسلام ولغتها العربية، مشهد اقشعرت له أبدان العالم كما غيرها من صلوات أُدت بعد توقف دام اسابيع طويلة .

    شباب جباههم تعلوها سمرة تلك الشمس التي ظللتهم مشيا على الاقدام، ركعوا بحب ودين وروحانية والتزام ،كل يحمل سجادته بيده يلبس تلك الكمامة المقيتة، ويرتدي قفازات الحماية .

    صلاة الجمعة عادت ،واعادت الخير للمصلين الذين كانوا مواظبين على صلواتهم الخمس في بيوتهم ،لكنهم افتقدوا وفقدوا «الجماعة «على ارض مساجدهم ،فأعيدت لهم رحمانية لا يعلم اهميتها الا هم بعد الله سبحانه وتعالى.

    تكبيرهم كان رسالة، وبسم الله كانت البداية، وركوعهم تحول لعبادة شكر، وسجودهم كان قصة ملامسة الارض بعد غياب ،وصلاتهم الابراهيمية كانت بمثابة تكريم للعودة .

    صلاة جمعة في شوارع عمان وصوت ائمة معجون بالدموع والتأثر سيطر على المشهد، غسل أيام الحجر وطهر الجسد والنفس واجتاح كل مواقع التواصل الاجتماعي ،ليكون الجميع على سوية وصوت ونفس واحد، فالخطاب الديني دوما هوالاكثر تأثيرا، والأشد وقعا .

    تأثر الامام وبكى وكغيره ابكى بيوت كثير من الاردنيين، صوتهم الاجش وصلنا جميعا ،وحرك فينا سورة الفتح العظيم عندما تلاها امام مسجد ،فلم يتوقف صوته، كان بكاء ممزوجا بدموع لن يفهمها ايضا الا من فقد المساجد، وفقد السكينة في قلب الجماعة.

    مشاهد الجمعة تعيدنا الى قمة الفخر وتنبِت في ارواحنا قصصا لشعب عظيم ، يحب الحياة ويعيد بناء ذاته ويتكيف مع الظروف، شعب محافظ ، ملتزم للدين في قلبه مساحة ايمانية كبيرة ، تهدأ نفسه به ، ويعتاش برزق من الله ، ويركع امتنانا لرحة الله، ويسجد شكرا لأن من حوله ومن يحبهم لا يزالون على قيد الصحة، وهم على قيد الحياة .

    جمعة ، ودين عظيم ، جسد صورته كل من وقف في الشارع ورفع اكف الدعاء الى الباري ،ليقول كلمة حق ، ويعود الى بيوت الله ، التي نؤمن انها بأي بقعة طالما هنالك مساحة ايمانية حقيقية ومسجد يكبر ومؤذن يدعو للصلاة .

    مشهد انساني روحاني بامتياز، مشهد يؤسس لدولة يحرسها جيل محافظ ملتزم، وأجيال كبيرة بادائها ،ووجه اجتماعي عظيم لشعب يبحث عن الحياة والحرية، ويرى في العبادات مخرجا آمنا لحياة عنوانها دين ودعاء وصوت الله اكبر، واختفاء نداء صلوا في بيوتكم .

    ركوع وسجود ودعاء في شوارع المملكة اعاد الرحمانية الى بيوتنا وقلوبنا، فها هي قصة وحكاية شعب تحمل ، وثابر، وعض على جراحه قرابة الثمانين يوما، وحكومة عملت من اجل ان نكون الان بلا ضوابط، الا ضميرنا والتزامنا وجديتنا بالتعامل مع وباء لم ينته بعد لكننا بددنا وجوده بالعقل والحكمة ، ودموع اردنيين في ساحات المساجد وعتبات البيوت .. وحشرجة صوت ائمتنا ودموعهم ايضا هي اصل حكايتنا.





    [07-06-2020 07:37 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع