الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    فوائد الجلوس في البيت والحظر ومنع التجول

    أبدأ مقالتي بهذه الآية (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (النحل: 18)، ذكر الله في هذه الآية نِعْمَــــــة ولم يقل نِعَــــمْ، ولو فكرنا بنعمة الحرية في الحركة وحدها لوجدنا خلفها نعم لا تُعَدُ ولا تحصى. فعندما يتحرك الإنسان بحرية يذهب للجامع أو الكنيسة او للعمل في مكتبه، عيادته، المركز الصحي، المستشفى أو في المصنع، المزرعه أو في المحل التجاري أو في الروضه، المدرسه، الكليه، الجامعة أو القاعده العسكرية أو ... أو ... إلخ. علاوة على ما في ذلك من تنشيط للدورة الدموية والترويح عن النفس ومقابلة أشخاص مختلفين وتجديد للحياة ... إلخ. فكيف إذا تناولنا بعض النعم الأخرى الكبيرة التي أنعم الله علينا وهي الراحة النفسية والطمأنينة وعدم تغطية وجوهنا بأقنعة أو بكمامات وعدم الخوف من أي شيء مميت لا نراه ولا نشتم رائحته وليس له طعم منتشر في الجو من حولنا مثل فيروس الكورونا كوفيد-19 ونحن نتحرك ونعمل. ففيروس الكورونا المستجد أذل وأقلق راحة وهزَّ أكبر إقتصاديات الدول العظمي في العالم وعطَّل أعمال العالم بأسره وجعل أكبر مدن العالم تظهر أنها لا حياة فيها وكأنها مدن أشباح. لا أريد أن أطيل عليكم بضرب الأمثلة المختلفة فعليكم بالتفكير فيها بأنفسكم.

    فعملية الجلوس في البيوت وما طُبِقَ على الناس من حظر ومنع للتجول ومن إجراءات السلامة والتعقيم المستمر التي لم تعتد عليها بعض الأمم. والتي جعلت كل منَّا يخاف من أخيه الإنسان ويبتعد عنه أقل شيء متر ونصف أو مترين إذا كان لا بد من لقائة والخوف من كل شيء يلمسه حتى العملات الورقية والنقدية في السوق أو في المنزل ... إلخ. أصبح الناس يعيشون بِرُعْبٍ وقَلَقٍ وخَوْفٍ من شيء يهدد حياتهم وحياة أعز الناس عليهم من والدين وأولاد وزوجه وأقارب وأصدقاء ... إلخ. والأصعب من ذلك أن ما نحن فيه من قلق ورعب وخوف لا تعرف متى نهايته ومن أصعب ما يمكن الترقب والإنتظار لشيء ما وخصوصاً إذا كان فيه الخطورة على النفوس. فكل ذلك جعل الإنسان العاقل والواعي والمتعلم والمثقف يصل إلى حقيقة لا تتزعزع وهي: أنه مهما بلغ الإنسان من تقدم علمي في الطب والتكنولوجيا والقوة النووية والهيدروجينية والهيدرومغناطيسية والعسكرية بمختلف أنواعها ... إلخ، يقف عاجزاً أمام فيروس يتكون من مادتي ألـ DNA وألـ RNA مغلفتين بمادة البروتين مثل فيروس الكورونا كوفيد-19. وهذه الحقيقة المُرَّة جعلت كل متعجرف ومتعالي والذي كان يقول لا أحد يستطيع أن يهدد إقتصادنا أو قوتنا العسكرية ... إلخ يقف الآن عاجزاً لا حول له ولا قوة وبشكل تلقائي يقول يا رب ... يا ألله ... أنقذنا وليس لنا أحد غيرك يخرجنا مما نحن فيه.

    تعلمنا أيضاً أن كبار رؤوساء الأموال في العالم لم تنفعهم أموالهم بل كانوا يبحثون عن هواء ليتنفسونه ولم يستطيعوا، وفارقوا الحياة بسبب عدم قدرتهم على الحصول على ما هو مجاني. تعلمنا أنه لا كبير في الكون إلا الله لا أمريكا ولا الصين ولا روسيا ولا ... مما يسمى من الدول العظمى. ولم تستطع أي دولة منهم إيقاف أو منع هذا الفيروس من التأثير عليهم وعلى مواطنيهم ولا على إقتصادهم ونواحي حياتهم الإجتماعية. ولم يستطع كبير أو صغير أو عظيم أو بسيط من الناس حماية نفسه من هذا الفيروس وحتى وقتنا الحاضر (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت: 41)). هل أمريكا نفعت نفسها؟ أو مواطنيها؟ أو نفعت غيرها من الدول؟ يتوقع ترامب أن تصل الوفيات في أمريكا إلى 65 ألفاً بعد أن تجاوز عددها حتى يوم أمس الأحد الموافق 19/4/2020 الـ 35 ألفاً. كل دولة من دول العالم أصبحت تقول نفسي نفسي (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (عبس: 34 – 37)). تعلمنا أنه ليس هناك شيئاً مستحيلاً، جلسنا في بيوتنا لأكثر من شهر، تعلمنا الإقتصاد بالأكل والشرب، تعلمنا الإعتماد على النفس (قامت بعض النساء بالعودة إلى العادات القديمة من عجن وخبيز على الصاج أو على طناجر الكهرباء)، تعلمت بعض النساء ترويب اللبن في البيت وعمل اللبنة ... إلخ. تعلمنا أن الدنيا وما عليها لا تساوى شيئاً تافهاً ولا حتى قشة ولا حتى جناح بعوضه عند الله كما قال رسولنا عليه الصلاة والسلام: لَوْ كَانَت الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّه جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْها شَرْبَةَ مَاءٍ. تعلمنا أن الله أمره بين الكاف والنون فما لنا من الله من ليٍّ ولا نصير (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (يس: 62))، (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (البقرة: 107)). وبالتالي أيْقَنَّا أننا سنعود إلى رباط الخيل بعد كل هذا التطور العلمي والتكنولوجي والنووي ... إلخ (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (الأنفال: 60)).





    [20-04-2020 10:59 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع