الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    التعليم عن بعد والعدالة الغائبة مجددا - شروق طومار

    لم تكن نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية مفاجئة، بل يمكن القول إنها طبيعية، فهذا التحول الكبير والمفاجئ في نمط التعليم لا يمكن أن يخلو من العثرات منذ بدايات التجربة. كما أن الطبيعة البشرية المقاومة للتغيير تلعب دورا أساسيا في عدم التقبل السريع للنمط الجديد.

    هذه العوامل لا يمكن فصلها عن قراءة نتائج الاستطلاع التي أظهرت أن الغالبية العظمى من المستجيبين بنسبة 80 % ترى أن التعليم عن بعد ليس بجودة التعليم المدرسي، وبالتالي فإن النظر إلى هذه النتائج كدليل على فشل التجربة ليس موضوعيا، لكنها بالتأكيد مؤشر على أن التجربة بحاجة لكثير من التطوير والتصويب.

    وزير التربية والتعليم يعترف بأن التعليم عن بعد بشكله الحالي ليس تعليما تفاعليا، وهذه هي النقطة الأهم، والتي تجعل من اعتبار ما تم استخدامه من آليات خلال الفترة السابقة منذ تعطيل المدارس بديلا تاما عن التدريس المدرسي أمرا غير منصف.

    المشكلة أن الأدوات المستخدمة والمحتوى المقدم أيضا شهدت تفاوتا هائلا بين ما هو مقدم من وزارة التربية والتعليم سواء من خلال منصة درسك أو من خلال قنوات التلفزيون، وبين ما قدمته المدارس الخاصة بالعموم. بل التفوت كان كبيرا أيضا بين المدارس الخاصة لامتلاك بعضها أدوات وإمكانيات وخبرات متقدمة في هذا المجال وتجاوزها كثيرا من جوانب القصور التي طالت التجربة بالعموم.

    بالتالي يمكن القول بأن عنصر العدالة في حصول الطلبة على تعليم يعوضهم عن تعطيل مدارسهم كان غائبا، وزاد من ذلك الغياب وجود الكثير من البيوت التي لا تمتلك الإمكانيات الأساسية للدخول في دائرة التعليم عن بعد كعدم وجود اشتراك إنترنت أو عدم وجود أجهزة ذكية كافية لعدد الطلبة في البيت الواحد، حتى أن هناك بيوتا لا تلفاز فيها وإن كانت قليلة، لكنها موجودة.

    التربية الآن تتجه لعقد امتحانات إلكترونية تقول إن الهدف منها الحصول على تغذية راجعة حول التجربة، وهي خطوة لا بد منها بالتأكيد لاكتمال أركان العملية التدريسية في ظل عدم وجود أي نية لدى الوزارة بتعليق أو إيقاف إسقاط الفصل الثاني.

    الملاحظات الأكثر تداولا على قضية الامتحانات الإلكترونية كانت حول عدم إمكانية ضمان المصداقية في الاستجابة على الامتحانات دون مساعدة أحد أفراد الأسرة أو عودة الطالب للكتاب أو غير ذلك.

    هذه الناحية رغم أهميتها لكن ضبطها في الحقيقة ليس من مسؤولية وزارة التربية وإنما هي مسؤولية أولياء أمور الطلبة. لكن ينبغي أن يبقى في اعتبارات الوزارة أن وجود هذه الثغرة يحد من إمكانية الثقة بنتائج الامتحانات والاعتماد عليها كمؤشر لتقييم التجربة.

    أما المسؤولية الفعلية للوزارة في السياق فإن على رأسها التفكير بآلية عاجلة تضمن تحقيق العدالة بين الطلبة سواء في الحصول على دروسهم أو في إمكانية خضوعهم لهذه الامتحانات الإلكترونية.

    الوزير قال بأن طلبة المناطق الأقل رعاية حيث تخلو البيوت من التقنيات اللازمة لمواكبة التجربة – وهو أمر لا ذنب للوزارة فيه- سيتم تعويضهم عند عودة انتظام الدراسة، فهل يعني ذلك أن هؤلاء الطلبة سيتأخرون فصلا أو ربما أكثر عن أقرانهم سواء بالترفيع الصفي أو بالتحصيل العلمي الفعلي؟ ثم ماذا لو امتد تعطيل المدارس لما بعد نهاية الفصل الثاني؟ كما أن هذه المشكلة تواجهها بعض الأسر من سكان المدن الكبرى، فهل سيكون لهؤلاء نصيب من الإجراءت الخاصة؟

    ندرك حجم التعقيدات التي تحملها التجربة، لكن هذه الأسئلة من ضمن كثيرة أخرى، يجب أن تبحث بشكل عملي، وأن لا تبقى طويلا بدون إجابة.





    [15-04-2020 07:53 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع