الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ما بينّ باقة ورد الحكومة، وحال عامل المياومة !

    تامر العطاري- منذ بداية الأزمة، والحكومة تعمل على قدمٍ وساق لإنهاءها بأسرع وقت، فرضَّت اجراءاتٍ استثنائية، أصابت بجُلِّها، وخابت ببعضها، لكنها كانت قادرة وبشكلٍ كبير على كسب دعم الجميع، شعباً وقيادةً. لعبت دور المُنقذ للوطن في هذه الجائحة، أصدرت قرارتٍ سريعة ومُرتقبة، أغلقت كافة الحدود والمعابر، أعاقت حركة المطارات وأوقفت رحلاتها، فرضّت حظر تجوالٍ شامل على الشعب، حجزَّت القادمين من الخارج بفنادقٍ سياحية على نفقتها، ظهرت بمظهر «الحكومة الودودة»، صرفت رواتب العاملين سريعاً، أفاضت على المواطنين بالورود، نشرت الحُب، طمأنت الشارع، ونجحت في معركتها للسيطرة على زمام الأمور، وكسب ود الشعب والحصول على دعمه للمرة الأولى.

    لكن، ما غفلت عنه «الحكومة الودودة» للحظة ان الحُب وحده غير كافِ، فالجائع منّا لن يحتاج إلى وردة، والعاجز لن ينتظر رسالة حُبٍ بشغف، فمن لا يملك المال لإطعام أهل بيته، لن تُغنيه ورود الدنيا ولا حُب الأجمعين. فمن يجني قوت يومه عند إشراقة شمس كل صباحٍ، وفجأة توصد بوجهه كل الابواب، ويصبح شمس نهاره كقمر ليله، لن يكون عظيماً حين يدخل إلى أطفاله بباقة ازهارٍ كُتب عليها "«تتمنى لكم الحكومة الأردنية وافر الصحة والسلامة»، فرغيف خبزٍ يابسٍ حينها، ألذ لهم من تلك الباقة المُزينة.

    الوباء، لم يعد ذاك الشبح المُرعب، أو مازال مرعباً حقاً لمن يملكون المال، للناس أصحاب ثلاجة المنزل المليئة بالخضار والفواكه وكلَّ ما طاب، أما لأولئك الذين يقاتلون يوماً بعد يوم في سبيل لقمة الحياة، صار الوباء بالنسبة لهم هو «الودود». أن يُصابوا به أهون عليهم من سماع صرخة رضيعهم في ليلةٍ مُظلمة حين لا يجد شُربة حليب تسد رمقه فينام، جميعنا الآن في خندقٍ واحد، عالقون في جحورنا، منَّا من يستيقظ كل يوم أمام شاشة التلفاز وعلى طاولة الإفطار، وهناك من يزيد من معدل نومه كي لا يفيق ولا يجد ما يُطعم بهِ أطفاله، فيرى نفسه عاجزاً متهالكاً.

    في حقيقة الأمر، لم تفشل الحكومة في قيادة المرحلة، فساهمت بشكلٍ كبير في كبح سطوة ذلك الوباء. حصلت على الدعم الشعبويٍ كما أرادت. لكن عليها الآن أن تكون أكثر حرصاً وقلقاً على حماية حقوق المواطنين سواء، فالوطن بأكمله في كفةٍ واحدة. ليكن تركيزها الآن مُنصباً حول تلك الفئة التي تهالكت، واقتربت من الموت جوعًا وقهراً، فكيف سنفرض حظراً جديداً وهذه الفئة مازالت لم تجد سبيلاً تبتغيه لتسد به جوعها. فشهر الرحمة قادم، و نصف بيوت الوطن خالية. أيُ حلٍ ستطّلُ به علينا الحكومة لإنقاذ ما يُسمى بِـ «عُمَّال المياومة»؟





    [12-04-2020 10:31 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع