الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    كيف لعدوٍ قاتل، أن يُنشيء حالة ثقة بين شعبٍ وحكومة!

    يُقال إنَّ "مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد"، هذا ما حدث في الأردن، بعد انتشار فيروس كورونا المستجِّد! العدو الخبيث، قاتل الحياة، مُدمِّر عجلة الاقتصاد، العائقُ الرئيس أمام حركة العالم الجوية والبرية والبحرية، والذي شنَّ هجوماً شرساً على كل بقاع الارض. وأغلق المُدن على ذاتها، وشردَّ الملايين، ولم يصمُد أمامه أحدٌ بعد. إنه عدو البشرية الحديث؛ الذي أصاب الكرة الارضية بشللٍ تام عجِّزت أمامه أقوى الدول إتزاناً وعِتاداً.
    فكيف لعدوٍ كهذا، أن يُنشيء حالة من الثقة بين الشعب والحكومة؟ نعم، هذا ما صنعه الفيروس داخل الدولة، فرغم حدة خطره، وصعوبة السيطرة عليه، وعدم تمكُن السلطات المختصة من إيقاف ذروته بعد، غيرَ أنهُ ساهم وبشكلٍ كبير بإحداث حالة كبيرة من الثقة بين الشعب والحكومة. فقبل حدوث هذا الصِدام مع الفيروس، كانت حكومة "عمر الرزاز" عبارة عن حكومة (فاشلة) في نظر الأردنيين، خاصة أنها لم تستطع قيادة زمام الأمور في العديد من الأزمات الحاصلةِ بعهدها، كأزمة العاطلين عن العمل، ومشروع الغاز الاسرائيلي وغيرها.
    وظل هناك صدامٌ بين الشعب والحكومة، كسره انتشار الوباء، و بدأت الأخيرة برفقة السلطات المختصة بالسعِّي جاهدةً للقيام بواجبها الإنساني والحضّاري في مواجهته، فتغيَّرت الأحوال وتناسى الشعب أخطاء حكومته وعثراتها السابقة ووضع يده بيدها، في مواجهة هذه الجائحة. فبادرت الحكومة منذ البداية على إرسال طائرة خاصة لإجلاء المواطنين المُقيمين في الصين، والتي كانت تُعتبر بؤرة انتشار الفيروس. مما جعلها رسالةً واضحةً بالخط العريض عنوانها "الإنسان أغلى ما نملك"، وباشرت السلطات فوراً بنشر الرسائل التوعوية للمواطنين وتطمينهم أن الأردن خالٍ من الفيروس، ويجب على الحياة أن تستمر، ولم تختفِ الحكومة عن المشهد، بل ترأسته بكل قوة، وهو الأمر الذي لم يعتده المواطنون، مما جعلها المصدر الأقوى والأكثر طمأنينة لنشر كافة التفاصيل المُتعلقة بالفيروس، وكبح خوف الناس.
    وقيامها بإتخاذ قرارتٍ جريئة سَبَّاقةٍ بين الدول، كغلق المطارات، وإيقاف العملية التدريسية، ومنع الأنشطة الرياضية، وصولاً لإعلان حظر تجوّال تام داخل حدود المملكة، ما جعلَّ الناس في شكٍ من أمرهم، واستغرابٍ من اتخاذ حكومتهم لقراراتٍ متينةٍ جيّدة، وهو ما لاقى استحساناً كبيراً لديهم.
    تلك القرارات جعلتهم يكذِبون أية روايَّةٍ أو معلومةٍ لا يُعلنُ عنها من خلال الذين أُطلق عليهما شعبويًّا لقب وزيري السعادة (أمجد وجابر)؛ ليجعلا من موجز الثامنة مرجعًا أساسياً يعوِّل عليه المواطن ولا يثق بسواه وينتظره على أحر من الجمر.
    أضرَّ الفيروس على اقتصاد الدولة وصحتها، لكنهُ صنع فارقاً كبيراً، أعاد للحكومة رونقها، حتى أصبحت محل ثقة المواطن الوحيد، ومنفس لشعبٍ ينتظر موجزًا قصير المدة ، يأمل من خلاله، أن يُعيد له تشكيل حياته اليومية، ويرمي به نحو أكناف وطنٍ لطالما أحبَّ العيش فيه.





    [10-04-2020 12:47 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع