الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ماذا بعد إدلب؟

    م. محمد مرشد حماد - تسارعت الأحداث مؤخراً في الشمال السوري فبعد أن جُمعت وتجمعت المعارضة السورية المسلحة في إدلب وأريافها وبعض المناطق في ريف حلب إشتدت المعارك التي تُدمي القلب مُخلفة القتل والتشريد فتشكلت مأساة إنسانية فاقت بحجمها وبشاعتها ما نجم عن صراعات أكثر إتساعاً مما فاقم معاناة الشعب السوري الذي دفع ثمناً باهضاً في صارع لم تكن مصلحته ورفاه مستقبله هما جوهره.

    خلال سنوات الصراع التسع تغيرت مواقف وتحالفات تمّكن النظام السوري بسببها أو نتيجة لها من حشد ما يملك من عوامل قوى و الإستفادة من أخطاء معارضيه والمراهنة على المتغيرات الدولية والإقليمية والتي يمكن تلخيصها بما يلي:

    الدعم اللامحدود المقدم للنظام من حلفائه في روسيا وإيران مع مليشياتها.

    نجاح النظام في ربط مصير بيئته الحاضنة التي  تشكل عماد الجيش السوري بمصيره. 

    فشلت المعارضة السورية في بلورة كيان سياسي ممثل لكل الأطياف ومستقل القرار وواقعي الرؤيا لينال ثقة المجتمع الدولي ويجمع حوله الشعب السوري .

    مصادرة داعمي الثورة السورية الدوليين والإقليميين للقرار السوري المستقل و تسخيره لمصالحهم وصراعاتهم خارج الجغرافية السورية.

    إنعدام ثقة الخارج والداخل بالفصائل المسلحة ذات الطابع الديني المتشدد التي إنحرفت عن المسار السوري وصارت عبئاً يهدد الاستقرار العالمي.    

    لعبت التغيرات علي الساحة الدولية والإقليمية دوراً بارزاً قي تثبيت النظام وليكن أقلها دخول ترامب الى البيت الأبيض.

    الأعباء الإقتصادية والإنسانية والتغيرات السياسية التي نجمت عن الإضطرابات في المنطقة , إستوجبت من الدول العربية الإهتمام بشؤونها الداخلية وإستقرارها وجعلهما الأولوية في رسم سياستها الخارجية , دون الإكتراث لإنعكاساتها على الأمن القومي العربي كوحدة واحدة حيث طغى صراع وجودي بين بعض الأنظمة العربية والإسلام السياسي معتبرأً الأردغانية في تركيا طرفاً فيه فغدت معركة إدلب مهمة فهزيمة تركيا سيُضعف أردغان داخلياً ويحجمه خارجياً ويجعل النظام السوري أقرب إليهم من معارضيه.

    التدخل الروسي حجّم الدور الإيراني ومليشياتها وطمأن الولايات المتحدة وخفف ضغط الرأي العام الدولي على أمريكيا وحلفائها فقد أوجد لهم ذريعة لتبرير عدم تدخلهم لوقف المجازر ضد الشعب السوري وهي عدم الرغبة بنشوب حرب واسعة.

    من الواضح أن روسيا تتجه لحسم الوضع في سوريا وهدفها إخضاع كامل الجغرافية السورية للنظام دون الإهتمام لحجم الضحايا أو معارضة المجتمع الدولي وما تقوم به يدل على أنها لن تخرج من سوريا بل ستربط ملف الغاز الروسي بغاز المتوسط إنطلاقاً من سوريا ، وأي إصلاحات سياسية ستقتصر على إعادة هيكلة النظام ولن تبدأ بها قبل الحسم العسكري كما فعلت في الشيشان.

    أما عن تركيا فهي ليست جاهزة لخوض حرب واسعة مع روسيا فهي تعلم أن الناتو لن يساندها ولن يعتبر حربها مع روسيا حربه , بل قد يُنتظر منها تنازلات في بعض الملفات كملف الأكراد وليبيا لدرأ خطر إنهيار إقتصادها إن هي إنخرطت بشكل أوسع في المعارك , يعتقد الكثيرون أن تركيا أكثر أهميةً بالنسبة لروسيا من سوريا وأنها ستتخلى عن النظام السوري من أجل تركيا لكن الحقيقة عكس ذلك فروسيا تعتبر سوريا الآن بوابتها الوحيدة للشرق. 

    الكيان الصهيوني مرتاح جدًا في التعامل مع روسيا كشرطي جديد في المنطقة فهو وسيط محترم من قبل مليشيات إيران في لبنان وقد حثهم الروس على إحترام خطوط الكيان الصهيوني الحمراء في سوريا ولبنان على حد سواء وأنه لن يردع إسرائيل عن معاقبتهم إن هم فكروا بتهديد أمنها بل يأمرهم بإحترام متطلباتها الأمنية.  

    نتيجة لما سبق تتجه روسيا لكسب الحرب في إدلب بل قد تتجاوزها نحو الشرق بعقد تفاهمات مع الأكراد لإنهاء النفوذ التركي في سوريا أما التواجد الأمريكي في سوريا فقد لا يُمس حتى يتم ترتيب الوضع الداخلي في العراق , الذي هو رهن الصراع الإيراني الأمريكي وشكل العراق الجديد تحدده أقلام من يرسمون الخارطة السكانية و الجغرافية للشرق الاوسط الجديد.





    [23-02-2020 06:41 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع