الرئيسية حدث وصورة

شارك من خلال الواتس اب
    الأردنيون يحتفلون بعيد ميلاد الملك 58 الخميس
    الملك عبدالله الثاني وولي العهد - أرشيفية

    أحداث اليوم - تحتفل الأسرة الأردنية الواحدة، غداً الخميس الموافق للثلاثين من كانون الثاني، بالعيد الثامن والخمسين لميلاد الحفيد الحادي والأربعين لسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، الملك عبد الله الثاني؛ الابن الأكبر للمغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، والأميرة منى الحسين.

    ويواصل أبناء وبنات الوطن مسيرة البناء والتقدم على خطى الملك، عاقدين العزم على أن يبقى الأردن أنموذجاً للإنجاز والعطاء والأمن والأمان، والوحدة الوطنية والعيش المشترك، كما يمضي الأردن بقيادة الملك ووعي أبنائه قدماً في مسيرة الإصلاح الشامل والبناء والإنجاز.

    رغم التحديات التي يواجهها الوطن، يقف الأردن، كما هو على الدوام، صامداً ومدافعاً عن قضايا أمتيه العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والقدس التي تعتبر رمزاً للسلام في المنطقة والعالم، ومواصلا القيام بدوره التاريخي في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات.

    ويزداد الأردن منعةً وصموداً تجاه مختلف الظروف، وأكثر قدرة على تحويل التحديات إلى فرص واعدة، ضمن منظومة عمل إصلاحي تراكمي يرسّخ نهج الدستور ودولة المؤسسات وسيادة القانون.

    بنبأ مولد الملك، خاطب المغفور له بإذن الله، الملك الحسين بن طلال الشعب الأردني، قائلاً: "لقد كان من الباري جل وعلا، ومن فضله عليّ، وهو الرحمن الرحيم، أن وهبني عبد الله، قبل بضعة أيام، وإذ كانت عينُ الوالد في نفسي، قد قُرت بهبة الله وأُعطية السماء، فإن ما أستشعره من سعادة وما أحس به من هناء لا يرد، إلا أنّ عُضواً جديداً قد وُلدَ لأسرتي الأردنية، وابناً جديداً قد جاء لأمتي العربية."

    وتابع المغفور له، "مثلما أنني نذرت نفسي، منذ البداية، لعزة هذه الأسرة ومجد تلك الأمة كذلك، فإني قد نذرت عبد الله لأسرته الكبيرة، ووهبت حياته لأمته المجيدة، ولسوف يكبر عبد الله ويترعرع، في صفوفكم وبين إخوته وأخواته، من أبنائكم وبناتكم، وحين يشتد به العود ويقوى له الساعد، سيذكر ذلك اللقاء الخالد الذي لقي به كل واحد منكم بشرى مولده، وسيذكر تلك البهجة العميقة، التي شاءت محبتكم ووفاؤكم إلا أن تفجر أنهارها، في كل قلب من قلوبكم، وعندها سيعرف عبد الله كيف يكون كأبيه، الخادم المخلص لهذه الأسرة، والجندي الأمين، في جيش العروبة والإسلام".

    وصدرت الإرادة الملكية في الحادي والثلاثين من عام 1962، بتسمية الأمير عبد الله، ولياً للعهد، فيما نودي بالملك عبد الله الثاني ملكاً للأردن بعد وفاة والده المغفور له بإذن الله، الملك الحسين بن طلال في العام 1999، ليتولى الملك العهد الرابع للمملكة، معززاً لمسيرة بناء الأردن الحديث.

    وبدأت رحلة الملك عبد الله الثاني التعليمية في الكلية العلمية الإسلامية بعمان عام 1966، حيث تلقى بواكير علومه الابتدائية فيها، انتقل بعدها إلى مدرسة سانت إدموند في ساري بإنجلترا، وكانت مدرسة إيجلبروك وأكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة الأميركية المحطة التالية التي أكمل فيها دراسته الثانوية.

    وفي العام 1980، التحق الملك بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة، وتخرج برتبة ملازم ثان عام 1981، ثم التحق عام 1982 بجامعة أوكسفورد في مجال الدراسات الخاصة في شؤون الشرق الأوسط.

    والتحق الملك في العام 1985، بدورة ضباط الدروع المتقدمة في فورت نوكس بولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأميركية.

    حصل الملك على درجة الماجستير في السياسة الدولية من جامعة جورج تاون عام 1989، بعد أن أتم برنامج بحث ودراسة متقدمة في الشؤون الدولية، ضمن برنامج الماجستير في شؤون الخدمة الخارجية، ضمن إطار مشروع الزمالة للقياديين في منتصف مرحلة الحياة المهنية.

    وظلت القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، بعراقتها وتاريخها العابق بالأمجاد والبطولات، المؤسسة التي آثرها الهاشميون وعشقوا ميادينها، حيث التحق الملك عبد الله الثاني بالقوات المسلحة وبدأ قائد لسرية في كتيبة الدبابات الملكية/17في العام 1989م، ثم قاد عام 1992 كتيبة المدرعات الملكية الثانية، وفي عام 1993 أصبح برتبة عقيد في قيادة اللواء المدرع الأربعين، ومن ثم مساعداً لقائد القوات الخاصة الملكية الأردنية، ثم قائداً لها عام 1994 برتبة عميد، وأعاد تنظيم القوات الخاصة عام 1996 لتكون قيادة العمليات الخاصة، ورقي جلالته إلى رتبة لواء عام 1998.

    وتنوعت المهام والواجبات التي برع فيها جلالته بنشاطه وفطنته وحسن إدارته، فإلى جانب خدمته كضابط متمرس في القوات المسلحة الأردنية، تولى مهام نائب الملك عدة مرات أثناء غياب الملك الحسين طيب الله ثراه عن البلاد، وصدرت الإرادة الملكية في 24 كانون الثاني 1999، بتعيينه آنذاك ولياً للعهد، علماً أنه تولى ولاية العهد بموجب إرادة ملكية صدرت وفقاً للمادة 28 من الدستور يوم ولادته في 30 كانون الثاني 1962 ولغاية الأول من نيسان 1965.

    ومنذ تسلمه سلطاته الدستورية عام 1999، حافظ الملك على العمل من أجل توحيد الصف العربي وتعزيز علاقات الأردن بأشقائه العرب امتدادا لسياسة والده - طيب الله ثراه - وبمختلف الدول الصديقة في أرجاء العالم.

    واقترن الملك عبدالله الثاني بالملكة رانيا العبدالله في العاشر من حزيران 1993، ورزق جلالتاهما بنجلين هما الأمير الحسين الذي صدرت الإرادة الملكية باختياره ولياً للعهد في 2 تموز 2009، والأمير هاشم، كما رزقا بابنتين هما الأميرة إيمان والأميرة سلمى.

    وانتقالاً للعهد الرابع للمملكة، تسلم الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، في السابع من شهر شباط عام 1999م، ليعلن بقَسَمه أمام مجلس الأمة العهد الرابع للمملكة، التي كان تأسيسها على يد الملك عبدالله الأول ابن الحسين بن علي، ثم صاغ دستورها جده الملك طلال، وبنى المملكة، ووطد أركانها والده الملك الحسين، طيب الله ثراهم.

    ومضى الأردن بقيادة الملك وتوجيهاته للحكومات المتعاقبة نحو إصلاحات جذرية شملت مختلف مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لتجعل من الأردن دولة مؤثرة في المنطقة والعالم، ترتكز على الإنجاز النوعي وترسيخ الديمقراطية واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، إلى جانب الاستقرار السياسي في المنطقة، ومحاربة الإرهاب والتطرف، ونشر السلم والأمن الدوليين.

    وشكلّ رفع مستوى معيشة المواطن، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة له، أبرز اهتمامات الملك وأولوياته، فقد انطلقت مسيرة الإصلاح بخطوات متسارعة عبر توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وإشراك المواطنين في صنع القرار، عبر إقرار حزمة من القوانين والتشريعات الإصلاحية، فضلاً عن توجيه الملك الحكومات المتعاقبة لحماية الفئات الأقل دخلاً والطبقة الوسطى، أثناء تطبيق الإصلاحات المالية، والتخفيف من معاناة المواطنين في مختلف الظروف، إلى جانب التوجيهات المستمرة منه للحكومة، لضمان توفير حياة ومستقبل أفضل للأردنيين.

    وحرص الملك منذ تسلم مسؤولياته الدستورية على إثراء الممارسة الديمقراطية المتجذرة في الوجدان الأردني، وتوسيع أدوار السلطة التشريعية والارتقاء بها كركن أساس في البناء الديمقراطي للدولة الاردنية التي تقف على أعتاب المئوية الثانية لتأسيسها، حيث شهد الأردن منذ توليه مقاليد الحكم وأدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الامة، خطوات إصلاحية كبيرة قادها جلالته، كان من أهمها التعديلات الدستورية.

    وعززت التعديلات الدستورية لعام 2011 دور مجلس النواب ومكانته كركن أساسي في نظام الحكم النيابي الملكي الوراثي، من خلال ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وانشاء الهيئة المستقلة للإنتخاب، واختصاص القضاء بحق الفصل في نيابة أعضاء المجلس، وإنشاء المحكمة الدستورية للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور، إلى جانب تقليص صلاحية الحكومة في إصدار القوانين المؤقتة، وربط حل المجلس باستقالة الحكومة خلال أسبوع وعدم جواز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها، وزيادة مدة الدورة العادية للمجلس من أربعة إلى ستة اشهر .

    كما شملت الاصلاحات تحديث قوانين الأحزاب والانتخاب والاجتماعات العامة والمطبوعات والنشر، وإقرار قانون اللامركزية وغيرها من التشريعات، فضلاً عن السعي لاستقرار نيابي حكومي يتيح العمل بإيجابية وتعاون طالما كانت الحكومة تحظى بثقة النواب، وطالما حافظ المجلس على ثقة الشعب.

    وأكد الملك غير مرة، على ضرورة العمل لتجاوز الاعتماد على المساعدات لحل أزماتنا، مشدداً على أهمية الاعتماد على أنفسنا عبر بناء جسور من التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، مع آسيا وإفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

    واستمراراً للنهج الملكي في التواصل المباشر مع المواطنين، يحرص الملك على زيارة العديد من مناطق المملكة، ولقاء المواطنين فيها، فيما شهد الديوان الملكي الهاشمي، بيت الأردنيين جميعاً، لقاءات عديدة مع ممثلي الفعاليات الشعبية والرسمية، ركزت بمجملها على سبل تحسين وتطوير الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، حيث عكست هذه اللقاءات اهتمام الملك وحرصه على الاستماع مباشرة من المواطنين والاطلاع على التحديات التي تواجههم وسبل تجاوزها.

    وضمن سلسلة لقاءات "مجلس بسمان"، حرص الملك على الاستماع لهموم العديد من وجهاء وأبناء وبنات العشائر الأردنية، واطلع على احتياجاتهم ومطالبهم وسبل تجاوزها، إلى جانب توجيهاته المستمرة، خلال هذه اللقاءات، للحكومة بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتشكيل لجان مشتركة لتحديد أولويات العمل ضمن الموارد المتاحة لمتابعة تنفيذ الممكن منها.

    وفي ذات الإطار، حرص الملك على القيام بزيارات مفاجئة وأخرى غير معلنة بين الحين والآخر لعدد من المؤسسات الرسمية وتحديداً الخدمية منها، للاطلاع عن كثب على واقع حال المواطنين ومعرفة تفاصيل احتياجاتهم، وما يواجهون من معيقات في المؤسسات، وفي ضوء ذلك تصدر التوجيهات الملكية للسلطة التنفيذية لتصويب الأوضاع، بما يخدم مصلحة المواطن والتسهيل عليه.

    ودعا الملك، خلال مشاركته في سلسلة الورشات المتعلقة بتحفيز الاقتصاد وتنشيطه، إلى استمرارية مشاركة الجميع في تقييم ومراقبة تنفيذ الحزم التحفيزية الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة بهدف تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، كما وجه جلالته الحكومة خلال هذه الورشات إلى ضرورة ربط الإجراءات التنفيذية ببرنامج زمني واضح يضمن تقييم النتائج وفقاً لمؤشرات الأداء، وبما يلمس أثره المواطن على أرض الواقع.

    ولأن دور الملك وجهوده الكبيرة في المنطقة يحظى باهتمام وتقدير عالمي، حاز على جائزة "رجل الدولة – الباحث" لعام 2019 التي منحها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لجلالته تسلمها في حفل بحضور الملكة رانيا العبدالله، والأمير الحسين ولي العهد، في نيويورك، تقديرا لسياسة الملك الحكيمة وجهوده في تحقيق السلام والاستقرار والوئام والتسامح في منطقة الشرق الأوسط، كما تسلم "درع العمل التنموي العربي" لعام 2019، الذي منحته جامعة الدول العربية للملك تقديرا لجهوده في تعزيز مسيرة التنمية في الأردن، ودوره في دعم القضايا العربية.

    وبذات الاتجاه، تسلم الملك، بحضور الملكة رانيا العبدالله، جائزة مصباح السلام للعام 2019، وذلك تقديراً لجهوده وسعيه الدؤوب لتعزيز حقوق الإنسان والتآخي وحوار الأديان والسلام في الشرق الأوسط والعالم، بالإضافة إلى جهود الأردن، بقيادة الملك، في استضافة اللاجئين.

    ولكون ثروة الأردن الحقيقية بأبنائه، يقع الشباب الأردني في صُلب اهتمامات الملك، ويحظون برعايته ومساندته، كما يؤكد دوماً على ضرورة تحفيزهم وتمكينهم من خلال احتضان أفكارهم ودعم مشاريعهم، لتتحول إلى مشاريع إنتاجية مدرّة للدخل وذات قيمة اقتصادية، حيث تقوم رؤية الملك على الاستثمار في الإنسان الأردني المبدع والمتميز بعطائه، كما يوجه القطاعين العام والخاص إلى أهمية مواصلة العمل على زيادة فرص العمل للشباب، والاستثمار في قطاعات الزراعة والطاقة والسياحة العلاجية والدينية والمغامرات وغيرها.

    كما يحث الملك شباب وشابات الوطن دوماً على العمل بجدية وتفاؤل، وأن يكون لهم دور فاعل ومشاركة إيجابية في صنع القرار، والتفكير بحلول إبداعية وابتكارية، لتصبح الأفكار مشاريع على أرض الواقع، وتكون قصص نجاح تحفز الشباب على مزيد من العمل والإنجاز.

    كما شهد النهوض بواقع المرأة في عهد الملك ومشاركتها، وتكريس قدرتها على ممارسة جميع حقوقها، خطوات نوعية خاصة تستهدف تفعيل مشاركتها في الحياة السياسية والعامة، إلى جانب اهتمامه بسن التشريعات اللازمة التي تؤمّن للمرأة دوراً كاملاً غير منقوص في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المملكة.

    وشهد القضاء في عهد الملك، جملة من التطورات الإصلاحية المهمة أسهمت في تعزيز دور القضاء النزيه والعادل، حيث يؤكد دوماً على أهمية القضاء ودوره في ترسيخ العدالة وسيادة القانون ومكافحة جميع أشكال الفساد وحماية المجتمع وتعزيز النهج الإصلاحي، إلى جانب حرصه على دعم الجهاز القضائي واستقلاليته وتعزيز إمكاناته ورفده بالكفاءات المؤهلة لضمان القيام بمهامه وواجباته على أكمل وجه.

    وفي الاتجاه ذاته، يوجه الملك الحكومات المتعاقبة للعمل على تحقيق تنمية شاملة في مختلف مناطق المملكة، بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، وبما يتناسب مع الميزات التنافسية لكل محافظة، لضمان توزيع مكتسبات التنمية وتوفير فرص العمل للمواطنين.

    وفي سياق التمكين الاجتماعي للجمعيات ودور الرعاية التي تعنى بالمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة في مختلف مناطق المملكة، جاءت التوجيهات الملكية بتقديم الدعم المالي المباشر لهذه الجمعيات ورفدها بما تحتاجه من تجهيزات، لتتمكن من القيام بمهامها والاستمرار في تقديم خدماتها لهذه الفئة، والارتقاء بنوعية هذه الخدمات.

    وتمضي المملكة في عهد الملك ، وفق خارطة إصلاح سياسي واقتصادي نابعة من الداخل، أثمرت عن إنجاز خطوات إصلاحية عديدة من أبرزها تعديل وتطوير التشريعات السياسية، وإرساء قواعد ديمقراطية للعمل السياسي على مستوى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالتزامن مع التقدم نحو مأسسة العمل الحزبي، وتطوير آليات العمل النيابي، من خلال سن قوانين وانتخاب وأحزاب متقدمة وعصرية.

    كما عمل الملك على مأسسة العمل الديمقراطي والتعددية السياسية نحو ترسيخ شراكة حقيقية للجميع في العملية السياسية وصناعة القرار، فضلاً عن سعيه الدؤوب لتحقيق الاستدامة في النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية بهدف تحسين المستوى المعيشي للمواطن.

    وأرسى الملك رؤية واضحة للإصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن، عبر سلسلة من الأوراق النقاشية التي سعى جلالته من خلالها إلى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديمقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البناء حول عملية الإصلاح الشامل، حيث أصدر الملك سبع أوراق نقاشية تناولت المسيرة نحو بناء الديمقراطية المتجددة، وتطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين، وأدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة، ونحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة، وتعميق التحول الديمقراطي، وسيادة القانون أساس الدولة المدنية، وبناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة.

    ولبناء قدرات أجيال الحاضر والمستقبل، أُطلقت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بناء على توجيهات الملك، لتسهم في تطوير منظومة متكاملة واستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية، وتؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم بوجه عام، كما تشكل بداية إيجابية للتنمية الشاملة ضمن هذا القطاع وفق برامج وخطط قابلة للتطبيق، ومؤشرات قياس واضحة.

    وعلى صعيد القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، يولي الملك، القائد الأعلى للقوات المسلحة، القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي والأجهزة الأمنية، جل اهتمامه، ويحرص على أن تكون هذه المؤسسات في الطليعة إعداداً وتدريباً وتأهيلاً.

    ومنذ اللحظة الأولى لتسلم الملك سلطاته الدستورية، سعى إلى تطوير القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وتحديثها لتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته والقيام بمهامها على أكمل وجه، إضافة إلى تحسين أوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين، حيث أصبحت مثالاً ونموذجاً في الأداء والتدريب والتسليح وقدرتها وكفاءتها القتالية العالية من خلال توفير مختلف المتطلبات التي تمكنها من تنفيذ مهامها وواجباتها داخل الوطن وخارجه.

    وجاء توجيه الملك للحكومة بالسير في دمج المديرية العامة لقوات الدرك والمديرية العامة للدفاع المدني ضمن مديرية الأمن العام، وإنجاز الإجراءات التشريعية والإدارية اللازمة لذلك، بهدف ضمان تعميق التنسيق الأمني المحترف، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن، والتوفير على الموازنة العامة وضبط النفقات.

    وحول القضية الفلسطينية، فقد كرس الملك جهوده الدؤوبة مع الدول الفاعلة للتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق حل الدولتين، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهي جهود ترافقت مع دعم ملكي متواصل للأشقاء الفلسطينيين لنيل حقوقهما العادلة على ترابهم الوطني.

    ويبذل الملك جهوداً كبيرة باعتباره وصياً وحامياً وراعياً للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، للحفاظ على عروبتها وهويتها العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم وتثبيت سكانها، مسلمين ومسيحيين، وتعزيز وجودهم في مدينتهم.

    ويؤكد الملك في مختلف اللقاءات والمحافل الدولية، أن إنكار الحق الإسلامي والمسيحي في القدس سيعزز العنف، وان ما يشهده العالم العربي والعالم، من انتشار العنف والتطرف، هو نتيجة لغياب حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وما ترتب على ذلك من ظلم وإحباط، إلى جانب تشديد الملك على أن منطقتنا لا يمكن أن تنعم بالسلام الشامل، إلا بحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

    وشكل إعلان الملك بانتهاء العمل بالملحقين الخاصين بمنطقتي الغمر والباقورة في اتفاقية السلام، وفرض السيادة الأردنية الكاملة على كل شبر منه، انتصاراً سياسياً للدبلوماسية الأردنية التي تنطلق من ثوابت الدولة الأردنية في اتخاذ كل ما يلزم من أجل الأردن والأردنيين.

    وعلى المستوى الدولي، رسمت لقاءات ومباحثات الملك في مختلف المحافل الدولية نهجاً واضحاً في التعاطي مع مختلف القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم، حيث كان لمشاركاته عربياً وإقليمياً وعالمياً الصدى البارز، والأثر الواضح في توضيح صورة الإسلام السمحة، والعمل بتنسيق وتشاور مستمر مع مختلف الأطراف الفاعلة لمكافحة الإرهاب والتصدي له، حفظاً للأمن والسلم العالميين، إلى جانب مختلف الجهود والمساعي الحثيثة التي يبذلها جلالته على مختلف الأصعدة.

    ويحظى الأردن بمكانة متميزة في جميع المحافل الدولية، جاءت نتيجة السياسات المعتدلة والرؤية الواقعية إزاء القضايا الإقليمية والدولية التي يقوم بها الملك، إضافة إلى دوره المحوري في التعامل مع هذه القضايا، وجهوده لتحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

    كما يحمل الملك مواقف ثابتة تجاه أشقائه العرب والوقوف إلى جانبهم في مختلف الظروف، دون التدخل في شؤونهم الداخلية، ويدعو باستمرار إلى إيجاد حلول سياسية للأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية، وبما ينهي معاناة شعوب هذه الدول ويحقق لهم الأمن والاستقرار.

    وتركز رؤية الملك، على بذل الجهود الإقليمية والدولية، ضمن نهج شمولي، للقضاء على خطر الإرهاب والتصدي لعصاباته، الذي بات يستهدف الأمن والسلم العالميين، ويؤكد في خطاباته ولقاءاته دوماً أن "الحرب على الإرهاب هي حرب المسلمين بالدرجة الأولى".

    وتأكيداً على التعاون الدولي لمواجهة مختلف الأخطار والتصدي لها، ألقى الملك خطاباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة العام في أيلول الماضي، خلال الجلسة العامة لاجتماعات الدورة الرابعة والسبعين للجمعية في نيويورك، أكد فيه أن استمرار الإحتلال الإسرائيلي مأساة أخلاقية عالمية، ولا يمكن لأي احتلال أو نزوح أو إجراءات تتخذ بالقوة أن تمحو تاريخ شعب أو آماله أو حقوقه، أو أن تُغير التراث الحقيقي للقيم المشتركة بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، كما شدد في الخطاب على أنه ما من شيء يستطيع أن يسلب حقوق الشعب الفلسطيني الدولية بالمساواة والعدالة وتحقيق المصير.

    كما ألقى الملك في الخامس عشر من الشهر الجاري، خطاباً أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، تناول جلالته فيه قضايا محلية وإقليمية ودولية.

    وحول الرؤية الملكية في الدفاع عن الإسلام وصورته السمحة، حمل الملك راية الدفاع عن الدين الحنيف، وتوضيح صورته المشرقة والسمحة للعالم أجمع بأنه دين تسامح ومحبة، فقد أكد الملك "أن الإسلام يعلمنا أن البشر متساوون في الكرامة، ولا تمييز بين الأمم أو الأقاليم أو الأعراق، ويرفض الإسلام الإكراه في الدين، ولكل مواطن الحق في أن تحفظ الدولة حياته وأسرته وممتلكاته وعرضه وحريته الدينية".

    وتأتي هذه المناسبة العزيزة على قلوب جميع الأردنيين، بعد يومين من جولة الملك في مناطق جنوب المملكة، تفقد خلالها عدداً من المشاريع التنموية والزراعية والسياحية، والتقى مسؤولين وممثلين عن المجتمع المحلي، في سياق نهج ملكي اعتيادي لتفقد أبناء شعبه في مناطق تواجدهم، حيث أكد على ضرورة تعزيز التنمية والاستثمار في هذه المناطق، وبما ينعكس إيجاباً على ازدهارها وتحسين الواقع المعيشي للقاطنين فيها، وتوفير فرص العمل للشباب، مشدداً الملك على أنه سيعود شخصياً لمتابعة جميع المشاريع التي يجري تنفيذها في المنطقة.

    واليوم، يؤكد الأردن بحكمة قيادته الهاشمية ووعي أبنائه، أنه يسير على درب واضح نحو المستقبل المشرق، رغم ما يحيط به من أزمات وما يواجهه من تحديات مختلفة، عبر الإيمان بقدرتهم على تحويل هذه التحديات إلى فرص يمكن اقتناصها، والمضي بتقدم وثبات نحو تحقيق مستقبل أفضل في شتى المجالات.





    [29-01-2020 04:17 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع