الرئيسية أحداث اقتصادية

شارك من خلال الواتس اب
    سياسات «أوبك+» تضبط أسواق النفط في 2019
    نفط - تعبيرية

    أحداث اليوم - اتسمت أسواق النفط في 2019 بعديد من المتغيرات المهمة والجوهرية، التي أثرت في مسار حركة الأسعار، ولعل أبرزها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي أشاعت مخاوف واسعة من الركود والتباطؤ الاقتصادي، وأدت إلى تراجع توقعات نمو الطلب على النفط حتى جاءت الانفراجة قبل نهاية العام، بالإعلان عن التوصل إلى اتفاق جزئي لوقف تصاعد التعريفات الجمركية المتبادلة.
    وتأرجحت أسعار النفط خلال تعاملات 2019، بعدما شهدت عدة تغييرات صعودا وهبوطا، وبنهاية تداولات الأسبوع الماضي، يكون مزيج خام برنت القياسي قد سجل ارتفاعا سنويا بنحو 30.56 في المائة ليصل إلى 66.87 دولار، حيث تأرجح السعر بين 52.51 - 75.6 دولار للبرميل، بينما سجل الخام الأمريكي (غرب تكساس) ارتفاعا سنويا يقدر بـ 36.11 في المائة عند 61.70 دولار للبرميل، حيث تراوح سعره خلال العام الجاري بين 44.35 - 66.6 دولار للبرميل، وفقاً للاقتصادية السعودية.
    وشهد عام 2019 ارتفاع حدة المخاطر الجيوسياسية على الأسواق النفطية خصوصا بعد استكمال تطبيق العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران، حيث أقرت واشنطن عقوبات جديدة طالت حظر تصدير النفط وعقوبات على قطاع البتروكيماويات، وكذلك التعاملات المالية والحرس الثوري، في خطوة لإجبار طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات لبحث ملفها النووي ودورها الإرهابي في الشرق الأوسط.
    وشهدت السوق النفطية أحد أهم الأحداث في تاريخها، التي وصلت ذروتها في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي حين وقع الهجوم الإرهابي على منشأتي نفط بقيق وخريص في السعودية، وهما من أهم وأبرز المنشآت النفطية، وأدى ذلك إلى خصم فوري واسع من المعروض العالمي بلغ 5.7 مليون برميل يوميا، ما قفز بالأسعار لأكثر من 15 في المائة في يوم واحد، ما دفع إلى استنفار الطاقات الإنتاجية في السعودية، وتبني خطط عاجلة لإعادة الأمور إلى نصابها، وتم بالفعل وضع برنامج زمني للتعافي تمكنت السعودية من خلاله من الوفاء به قبل الموعد المقرر.
    وبدأ عام 2019 بخطة لتقييد المعروض النفطي اتفقت عليها دول "أوبك" وخارجها في كانون الأول (ديسمبر) 2018، وتقضى بخصم 1.2 مليون برميل يوميا من المعروض العالمي، ونجح تطبيق الخطة وأدت إلى تعافي الأسعار إلى مستويات جيدة، وكان من المقرر عقد الاجتماع الوزاري الموسع للمنتجين مبكرا في نيسان (أبريل) 2019، لتقييم الاتفاق الذي تشارك فيه 23 دولة من "أوبك" وخارجها.
    وفيما بعد تقرر إلغاء الاجتماع مع تحسن ظروف السوق وعدم احتياج المنتجين لتعديل الاتفاق، وتم تأجيل الاجتماع إلى حزيران (يونيو) 2019، وفي هذا الاجتماع كانت مخاطر حرب التجارة تلوح بقوة في السوق، علاوة على تأثير العقوبات الاقتصادية في كل من إيران وفنزويلا، وهو ما دفع المنتجين إلى مد العمل بتخفيضات الإنتاج إلى آذار (مارس) من عام 2020 بالمستوى نفسه.
    وجاء اجتماع المنتجين في كانون الأول (ديسمبر) 2019 ليحدث تغييرات جوهرية في خطة عمل المنتجين، حيث تم الاتفاق على تعميق خفض الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يوميا إلى جانب 400 ألف برميل يوميا انخفاضات طوعية من السعودية، ليرتفع حجم الخفض في الإنتاج إلى 2.1 مليون برميل يوميا، وذلك لمواجهة طفرة واسعة في المعروض خلال عام 2020.
    وقد شهد عام 2019 عددا من الاجتماعات الوزارية والفنية المهمة لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج، والتأكد من مستويات المطابقة والامتثال لخطط خفض الإنتاج أبرزها اجتماع أيلول (سبتمبر) في أبوظبي واجتماع فيينا في كانون الأول (ديسمبر)، حيث تم تقييم مستجدات السوق، خاصة وضع العرض والطلب والمخزونات وتقييم مدى الامتثال لخفض الإنتاج خاصة، بعدما تم أخيرا رصد ارتفاعات في إنتاج بعض دول "أوبك" خاصة العراق ونيجيريا وضعف امتثال روسيا من خارج "أوبك".
    ويعتقد محللون اقتصاديون أن عام 2019 لم يكن جيدا بشكل عام بالنسبة للنفط، بسبب تعدد العوامل الضاغطة على الأسعار، على الرغم من بلوغ بعض المنتجين الحد الأقصى للإنتاج في "أوبك" وخارجها، وعلى الرغم من وجود عدد كبير من انقطاعات الإنتاج في دول أخرى، إلا أن الأسعار استمرت ضمن حدود ما تعده اقتصادات "أوبك" المعتمدة على النفط سعرا جيدا.
    ويعد النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة أحد العوامل الرئيسة المؤثرة في السوق في عام 2019 وجميع تنبؤات أسعار النفط بما في ذلك توقعات "أوبك" تشمل الآن بانتظام نمو الإنتاج الأمريكي كسبب رئيسي لنمو الإمدادات من خارج منظمة "أوبك"، الذي يمثل ثقل موازن لجهود "أوبك" في كبح الإنتاج.
    وتشير الإحصائيات إلى أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سجل رقما قياسيا هذا العام، وهو ما حول البلاد إلى أكبر منتج للنفط في العالم.
    وتعد الانقطاعات من السمات الرئيسة في سوق النفط الخام لعام 2019، حيث أدى انقطاعات مؤقتة للإنتاج في حقول عراقية وليبية نتيجة الاضطرابات في الدولتين.
    وشهد عام 2019 -بحسب بيانات ومحللين في "أويل برايس"- مزيجا من بعض الأحداث الأكثر قابلية للتنبؤ بها مثل توسيع "أوبك" وروسيا لاتفاق التعاون بينهما، لافتين إلى أن هناك عديدا من العوامل، التي يجب مراقبتها في أسواق النفط في العام المقبل سواء في الولايات المتحدة أو على مستوى العالم.
    ويتوقع المراقبون استمرار نمو إنتاج النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة بما يرفع إمدادات الخام من الولايات المتحدة في عام 2020، مؤكدين أن النمو سيكون بوتيرة أبطأ بسبب انخفاض النفقات الرأسمالية على الحفارات، إلا أن الولايات المتحدة ستظل المساهم الرئيس في نمو إمدادات خارج "أوبك" العام المقبل.
    وذكرت بيانات شركة بيكر هيوز الدولية، أن عدد حفارات النفط والغاز في الولايات المتحدة انخفض بأكثر من 250 وحدة هذا العام حتى 20 من الشهر الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
    وتشير التقارير إلى استمرار صادرات النفط والغاز الطبيعي المسال في الارتفاع، حيث من المتوقع أن تنمو صادرات النفط والغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة مع زيادة قدرة البنية التحتية في 2020.
    وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر، بأن الولايات المتحدة صدرت مزيدا من النفط الخام والمنتجات البترولية أكثر مما استوردته في أيلول (سبتمبر) 2019، وهو الشهر الأول الذي كانت فيه أمريكا مصدرا صافيا للنفط منذ أن بدأت السجلات الشهرية في عام 1973.
    ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الصادرات الصافية للنفط الأمريكي في المتوسط 570 ألف برميل يوميا في 2020 مقارنة بمتوسط صافي واردات بنحو 490 ألف برميل يوميا في عام 2019، وفقا لآخر التوقعات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة.
    ويؤكد المراقبون في السوق ارتفاع الإنتاج من الدول غير الأعضاء في "أوبك" بقيادة الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج، إذ لا تشكل تلك الدول جزءا من صفقة "أوبك+"، ومن المتوقع أن تستقر أسعار النفط نسبيا، بسبب تخفيضات "أوبك" وتسجيل زيادة متوقعة في النمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط.
    وتؤكد دراسات لـ"أويل برايس"، أن انقطاع الإمدادات المفاجئ سيكون له تأثير أقل على أسعار النفط، بسبب زيادة المعروض من خارج "أوبك"، حيث من المحتمل أن يكون لانقطاع الإمدادات غير المتوقع وقصير الأجل تأثير أقل على أسعار النفط، ما كانت عليه الأسواق قبل خمسة أو عشرة أعوام.
    وأشارت الدراسات إلى أن أبرز مثال على ذلك، هو هجمات منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي على المنشآت النفطية السعودية، التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط -مع وصول خام غرب تكساس الوسيط إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر عند 62.90 دولار للبرميل- ولكن ليوم واحد فقط، حيث أدى تباطؤ نمو الطلب وحروب التجارة الطويلة إلى إضعاف الأسعار.
    وتذهب توقعات السوق للعام المقبل إلى نمو حالات الإفلاس في رقعة النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن يرتفع عدد حالات الإفلاس والشركات، التي تسعى للحصول على الحماية من الدائنين في عام 2020 مع استمرار هذا الاتجاه منذ عام 2019.
    وذكرت التوقعات أنه مع انخفاض توافر رأس المال في أسواق الأسهم والديون، يمكن أن تواجه مزيدا من الشركات الأصغر حجما تعثرا أوسع خلال العام المقبل.
    ويراهن المراقبون في السوق على أن عمليات الاندماج والاستحواذ للنفط والغاز في الولايات المتحدة على وشك الارتفاع، وقد يعني ذلك عددا متزايدا من شركات النفط والغاز الأمريكية المتعثرة بفعل قلة خيارات التمويل.
    وبدأت علامات تعزيز إنتاج النفط الصخري الزيتي في الظهور بالفعل، ومن المتوقع أن تستمر تلك الموجة في 2020.
    وفي الفصول المقبلة، يتوقع المراقبون أن نرى مزيدا من الشركات تندمج وتستمر الشركات في التركيز على توليد تدفقات نقدية إيجابية وقيمة للمساهمين، في حين أن الشركات المتعثرة ستصبح أكثر قابلية للاستحواذ أو السعي لإعادة الهيكلة من خلال الإفلاس.
    وعلى الصعيد الدولي، فإن العوامل الرئيسة التي يجب مراقبتها في أسواق النفط تشمل، كيف سيؤثر نمو الطلب في النفط مع احتمال عودة تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
    وسجلت أسعار النفط أعلى مستوى في ثلاثة أشهر في 13 من الشهر الجاري، وسط تفاؤل متزايد باتفاق التجارة في مرحلته الأولى، وفي الأيام، التي تلت الإعلان عن التوصل للاتفاق أزالت الصين ستة مشتقات كيماوية وزيتية من قائمتها الخاصة بالواردات الأمريكية التعريفية.
    وحول استمرار تعاون "أوبك+" بعد آذار (مارس) المقبل، تشير التوقعات إلى أن هناك عاملا رئيسا آخر يجب مراقبته وهو ما ستفعله "أوبك" وشركاؤها بقيادة روسيا بعد آذار (مارس) عندما تنتهي الاتفاقية الحالية للتخفيضات الأعمق.
    وستعتمد الخطوة التالية، التي تقوم بها المنظمة وحلفاؤها إلى حد كبير على الطريقة التي سيتحقق بها نمو الطلب النفطي في موسم نمو الطلب المنخفض عادة في الربع الأول، وستعتمد هذه الخطوة أيضا على مقدار النفط الذي ستتمكن "أوبك" وحلفاؤها من حجبه عن السوق مقارنة بالخطط الموضوعة.
    وسيواصل المشاركون في سوق النفط مراقبة التطورات في ليبيا والعراق، التي يمكن أن تشدد السوق فجأة أكثر مما كان ينوي أي منتج فعله.





    [30-12-2019 10:14 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع