الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    من أجل فتح طاقة أمل

    أعلنت الحكومة عن حزمة اجراءات تحفيزية تتعلق بالاستثمار بشكل عام، وبالمواطن على وجه الخصوص، وهي من خلال خطواتها تلك تسعى بشكل واضح للحد من حدة الاحتقانات التي لا بد ان حكومتنا لمستها من خلال تباطؤ عجلة الاقتصاد من جهة، وخروج مستثمرين من البلاد وركود قطاعات حيوية كالعقار وغيرها، من جهو ثانية، وايضا لا بد أنها لامست ما يعانيه المواطن جراء متوالية ارتفاعات الاسعار، والتي باتت تؤثر على حياة المواطنين بشكل عام، وأثرت على كل فئات المجتمع الفقيرة منها والمتوسطة والغنية ايضا.
    لسنا هنا بصدد معاتبة الحكومة او الحكومات المتعاقبة لأنها وضعت أذنا من طين واخرى من عجين، عندما تحدث الجميع عن خطورة ما قالت انها حزمة اصلاحات اقتصادية قامت بها، ليتبين فيما بعد ان تلك الحزمة ساهمت في مضاعفة الركود، وأثرت على الطبقة المتوسطة بشكل واضح، فتعطلت عجلة الإنتاج، وخرج مستثمرون من البلاد، واتسعت رقعة الفقرة وزادت نسبة البطالة، فيما ارتفعت المديونية وزاد العجز، وهو ما يدفعنا لكي نستفسر عن السبب الذي أدى لكل ذلك ونعرف كيف كانت تفكر الحكومة عندما قامت بما قامت به من رفع لضريبة الدخل والمبيعات والكهرباء وغيرها؟!.
    نرحب بكل تأكيد بكل إجراء حكومي من شانه جذب استثمارات او رفع مستوى معيشة المواطن، كما نؤكد ان الاعتناء بالتعليم والصحة من شانه إراحة المواطنين بشكل عام لاسيما وأن الأردنيين ينفقون نسبة مرتفعة من مداخيلهم على هاتين الخدمتين المهمتين بالنسبة لهم.
    من المفيد ان ننتظر لنرى مفاعيل الاجراءات الحكومية على ارض الواقع، فالإجراءات المعلنة من قبل الحكومة من المهم ان يشعر بها المواطن في المقام الاول، ويلمس أثرها ويقتنع أنها فعلا ساهمت في الحد من تقليص قدرته الشرائية، وقتها يمكن ان نشهد توازنا افتقدناه خلال السنوات الماضية.
    مراقبة أثر تلك الإجراءات أمر مهم خاصة في هذا الوقت الذي بتنا نرى فيه مواطنين يخرجون للشوارع العربية للمطالبة بحقهم في العيش والحياة كما يجري في لبنان، بعيدا عن الغوص في الاسباب التي أدت لخروج الناس في لبنان واستفادة البعض منها، ولذا فإن قراءة المشهد العربي من قبل الحكومة بشكل شفاف والإسراع بمعالجته أمر مهم وضروري، إذ علينا أن نؤمن أن الحديث عن وجع الناس ووضعهم الاقتصادي من شأنه جمع الكثير حول تلك الشعارات دون قراءة من يقف وراءها ومن يرفعها، فالناس كما نرى في لبنان خرجوا لأن وضعهم المعيشي بات لا يطاق، ولم يسألوا أو يهتموا بمن لامس وجعهم أو استثمره.
    لذا ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإنه من المفيد ان تقرأ الحكومة بكل عناية الواقع، وأن تطمئن الناس وتفتح امامهم طاقات امل بتحسن احوالهم المعيشية، وهو امر لا يعيب الحكومة وإنما ينفعها، ويقربها من نبض الناس.
    ولأننا نعرف أن عجز الموازنة في ارتفاع فإن الحكومة عليها ايضا بالتزامن مع اي اجراءات اقتصادية تحفيزية اتخاذ خطوات اخرى على الصعيد الحكومي تشعر فيها مواطنيها ان الامور تسير في الاتجاه الصحيح، ففي الجانب العملي لا بد من جعل الكلام الكثير عن الفساد افعالا مرئية للجميع، من خلال جث الفساد بقوة وتقديم فاسدين مهما علا شأنهم للقضاء، وايضا اعادة النظر بسلم الرواتب بين الموظفين في الهيئات المستقلة وأولئك في الادارة العامة، واعادة النظر بسياسة القبول في الجامعات من خلال تكافؤ الفرص للجميع دون استثناء.
    التحفيز الاقتصادي لا يقف عند الاعلان عنه فقط، وانما المطلوب قراءة واقعنا بشكل حقيقي دون تجميل والأخذ بالاعتبار ما يقوله الناس وما يعانون منه، والاستماع لهموم الناس التي يعبرون عنها في مجالس افراحهم واتراحهم، ولعل ملامسة هذا الهم ووضع حلول له سيكون بداية الحل باتجاه فتح طاقة امل امام الجميع، وهذا من شأنه ان يجعل الشباب لا يفكرون في الهجرة والبحث عن عمل في بلدهم.





    [28-10-2019 08:22 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع