الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    «العنف اللفظي» مفهوم متبع بالاسر والمدارس ومهمش اجرائيا
    تعبيرية

    أحداث اليوم -

    لم يجد الطفل » احمد » ستة اعوام، الذي تلقى صفعة قوية على وجهه من قبل والدته، خلال مرافقته لوالدته هو واشقاؤه الاربعة في محل تجاري وسيلة للتعبير عن المه النفسي والجسدي، سوى الجلوس على حافة الشارع مجهشا بالبكاء.

    امام استياء المواطنين من سلوك الام، التي لم تكتف بذلك بل قامت بالصراخ على اطفالها الاخرين لعدم تمكنها من السيطرة عليهم.

    سلوك يتكرر بصور متعددة لامهات ينتهجن العنف الجسدي والنفسي حيال اطفالهن، سواء في اطار الاسرة او خارجها، في الوقت الذي تعامل الاردن مع ظاهرة العنف بابعادها العلاجية، منذ عشرين عاما، ليبقي المحور الاساسي الذي تركز عليه جميع الجهات، التي تتعامل مع العنف باعتباره الجانب العلاجي، واتخاذ الاجراءات اللازمة عقب وقوع حالات عنف سواء كانت جسدية او جنسية، في ظل غياب واضح للجانب الوقائي، الذي ان تم تنفيذه، فان الجهات المستهدفة للوقاية من العنف تكون غائبة عنه.

    يشكل العنف النفسي الذي يتعرض له الاطفال سواء داخل محيطهم الاسري او في المدارس محورا هاما بقضية العنف ضد الاطفال، الا ان غياب الوعي بخطورته وتأثيراته على سلوكيات ونماء الطفل لا يزال قائما، مما يجعله بتزايد مستمر ومتنام، في ظل عدم وجود مؤشرات لقياسه والحد منه، سوى بالتوعية التي لا تصل بكثير من الاحيان للاسر والامهات والاباء، الذين يعتبرونه سلوكا طبيعيا قائما بتعاملهم مع اطفالهم.

    وتعد النسب التي اظهرها اخر مسح للسكان والصحة الاسرية لعامي 2017 و2018 «دائرة الاحصاءات العامة» مؤشرا على تنامي ظاهرة العنف ضد الاطفال بالرغم من الاجراءات العلاجية التي تقوم بها المؤسسات والجهات المعنية، فقد اظهر المسح بان 81% من الاطفال بالاردن دون سن 14 عاما، يتعرضون لثلاثة اشكال من العنف النفسي والجسدي والجسدي الحاد.

    وشكل العنف النفسي لتلك الفئة العمرية ما نسبته 76% والعنف الجسدي 59 % في حين شكل العنف الحاد على الاطفال ما نسبته 12.4%.

    الخبير الاجتماعي الدكتور فواز الرطروط، أشار الى ان ظاهرة العنف ضد الاطفال منذ ان بدا الاردن بالتنبه اليها، والتعامل معها تدور في الجانب العلاجي فقط، اي بالتعامل مع حالات العنف بعد وقوعها، بحيث تعتبر مؤشرات. ونسب العنف الموجه للاطفال دون سن الرابعة عشرة، كما اظهره المسح الاخير لدائرة الاحصاءات العامة، دليل على استمرار العنف بكافة اشكاله حيال الاطفال.

    واضاف: ان العنف النفسي يقاس بالصراخ الموجه لهم، واستخدام عبارات واوصاف مؤذية للطفل كنعته بالغباء، والتقليل من قيمته الانسانية، بشكل مستمر وواضح، كما يعتبر مؤشر قياس العنف الجسدي هو تلقي الطفل الصفع على الوجه او الراس أو الاذنين، في حين ان مؤشر العنف الجسدي الحاد هو استخدام الات حادة، كالعصى او اي جسم صلب.

    وبين الرطروط ان هذا العنف مرتبط بعوامل عدة، منها جنس الطفل، فالاطفال الذكور يتعرضون لعنف بدرجات اعلى من الاناث، كما ان هناك ارتباط بين مستوى تعليم الأمهات، وتعرض اطفالهم للعنف، فكلما تراجع مستوى تعليم الام او لم تكن متعلمة «أمية» كلما ارتفعت نسب العنف الموجهة للاطفال داخل الاسرة، اضافة الى فقر الاسرة، فقد اظهرت الدراسات الاجتماعية، ان الاسر الفقيرة يكون اطفالها اكثر عرضة للعنف من غيرهم، فرب الاسرة يقوم بتفريغ غضبه وعجزه المادي بالفئات الاكثر، ضعفا باسرته كالاطفال والزوجة.

    واكد اهمية الاهتمام بالجانب الوقائي الذي يعد غائبا عن قضية العنف، التي يتم التعامل معها بالجانب العلاجي فقط، بعد وقوع حالات عنف بالوقت الذي تحتاج حملات التوعية ضد العنف الى دراسات اكثر، ليتم توجيهه للامهات الاقل تعليما، وللاسر التي تعاني من الفقر، خاصة بعد النسب التي اظهرها المسح الاخير، والتي تعتبر مؤشرا على غياب الجانب الوقائي بالتعامل مع عنف الاطفال.

    وبين الرطروط أهمية التدخل الوقائي، وتحديد عوامل الخطورة التي تسهم بارتفاع نسب العنف وتكرارها، كتعليم الامهات، وعمر الطفل وجنسه، والفقر والبيئة الاسرية المحيطة بالطفل، بهدف خفض معدلات العنف خلال العشر سنوات القادمة، لتنخفض بشكل ملحوظ عما هي عليه الان.

    وبين ان قضية العنف ضد الاطفال ستبقي تراوح مكانها، ولن يتم جني ثمار الجهود القائمة حاليا، الا بالتركيز على التدخل الوقائي، والتعرف اكثر على عوامل الخطورة، التي تسهم بزيادة العنف ضد الاطفال، فيتم توجيه اساليب التوعية واساليب التعامل مع الاطفال، بعيدا عن اشكال العنف من خلال التركيز على الاسر، التي تتوفر بها عوامل الخطورة، كضعف تعليم الامهات وفقر الاسر والاسر الاكثر اكتظاظا بافرادها.

    ولا يتوقف العنف اللفظي لدى الاطفال بمحيطهم الاسري فحسب، بل يتعرض الاطفال ايضا للعنف اللفظي والنفسي في العديد من المدارس الحكومية والخاصة، من خلال تداول الفاظ غير مناسبة داخل الغرف الصفية، ونعت الاطفال بالفاظ عديدة كالغباء وغيرها، التي تترك اثارا سلبية على الطفل، ولا يجوز تداولها بالمدارس.

    روان الضامن اخصائية تربية وعلم نفس اكدت خطورة العنف اللفظي بالاسر، وبالمدارس، بحيث تنتهج اسر عديدة هذا الاسلوب مع ابنائهم، متجاهلين مدى خطورته على نماء اطفالهم الذهني والنفسي.

    واشارت، ان الاطفال يحتاجون في مرحلة عمرية الى تعزيز ثقتهم بأنفسهم واكتشاف ذاتهم، واثبات قيمتهم الانسانية، وتعريضهم لمثل هذا العنف اللفظي، يفقدهم قدراتهم الاساسية، ويترك اثارا نفسية سلبية عليهم، من أهمها فقدان الثقة بالذات، واكتساب صفات ما يتعرضون له من عنف لفظي، بحيث يبدا الطفل بالتعامل مع ذاته، وكأنه انسان غبي خاصة ان تكرر سماعه لهذا اللفظ.

    واكدت الضامن ان العنف اللفظي بالرغم من انتشاره بالاسر والمدارس، الا انه لا يتم التعامل معه كما يجب، فالتركيز على العنف الجسدي، فان تعرض طفل للضرب من قبل اسرته، أو من قبل اي معلم، فان الاجراءات المتبعة تكون مختلفة عما اذا تعرض للعنف اللفظي، مما يسهم بزيادة واستمرارية تعرض الاطفال لهذا النوع من العنف في ظل غياب التوعية الصحيحة والتركيز على خطورة العنف اللفظي.
    (الرأي)





    [30-09-2019 02:22 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع