الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الصداقة الحقيقية

    الإنسان إجتماعي بطبعه وكما يقال جنة بلا ناس ما بتنداس. خلق الله سيدنا آدم في الجنة ولكن يعلم الله أن آدم يحتاج من يسكن إليه ويشاركه الحياة بمودة ورحمة فخلق له زوجه من نفسه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء: 1))، ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم: 21)). وبعد ذلك تكاثر نسل آدم وأصبح أمماً كثيرة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(الحجرات: 13)) يقطنون في مناطق مختلفة من العالم ويتكلمون لغات مختلفة ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (الروم: 22)). وهكذا شاء الله أن يكون نسل آدم وزوجه مختلفين الألوان والألسن والديانات والمعتقدات ولكن يبقى الإنسان هو الإنسان بأحاسيسة وحبه للتعامل مع غيره من مخلوقات رب العالمين.

    وعن طريق تعامل الناس مع بعضهم البعض من صغرهم وهم أطفال وفي المدارس تنشأ علاقات الصداقة الحقيقية والصحيحة. ويسمي فلان صديق لفلان وفلانه صديقة لفلانه لأن كل واحد منهم يصدق الآخر في القول والفعل في كل الظروف، وبناء على ذلك تبنى الصداقات على أساس متين. وهذا النوع من الصداقة لا يهتز بأي ظرف صعب أو ضيق يمر بأي من الأصدقاء لأننا نقول الصديق وقت الضيق أي الصديق يجب أن يقف مع صديقة في أوقات سعادته وأوقات ضيقه وإلا فسوف لا يكون صديقاً حقيقياً. وهناك بالطبع صداقات تحصل بين بعض الناس سطحية وتعتمد على المصالح وهذه الصداقات لا تدوم أبداً وتكون هشه في أي ظرف صعب يمر على الأصدقاء تهتز وتنتهي. والصديق حتى يكون صديقاً مخلصاً لك لا يجب أن يكون من عرقك أو دينك أو أقربائك، وكما نقول الدين المعاملة وكذلك الصداقة تبنى بين الناس بناءً على الصدق في العلاقة في القول والفعل دون الإنتظار لفوائد مادية أو غيرها من خلف هذا التعامل.

    فأذكر عندما ذهبت لأمريكا للدراسة فيها تعرفت على طلبة من مختلف الجنسيات والأديان والمعتقدات وكان أصدق صديقين معي في القول والفعل إثنان هما الصديق سانجوي هندوسي من الهند والآخر الصديق كيم بوذي من فيتنام. وقد تم بناء صداقتنا على التعامل الصادق في القول والعمل في كل الظروف وكنت أعتمد عليهما كإخوان لي لم تلدهم أمي. بينما كان هناك آخرون من جلدتي يتصنعون الصداقة لمصالح خاصة لهم للحصول على مساعدات مادية عن طريقي من الجامعة لأنني كنت مسؤول عن الطلاب الأجانب في الجامعة التي كنت أدرس فيها. وإذا لم يحصلوا بنو جلدتي على أي مساعدات، ما يخلوا ولا يبقوا على بلال أبوالهدى خماش أمام الناس جميعاً. رغم أنني كنت على بعد مسافة واحدة من الجميع وكنت أتقرب لبني جلدتي أكثر من غيرهم لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ولكن أهلي يريدون المساعدات كلها تكون لهم. الصداقة الحقيقية والمبنية على أساس قوي ومتين تدوم لسنين طويلة وما يهزها ولا يغيرها الزمن ولا الظروف الصعبة أبداً قطعياً. وكم عدد من الأصدقاء التقوا بعد ثلاثين أو أربعين سنه من البعد عن بعضهم وكأنهم نازلين على بعضهم من السماء. ما أجمل أن تكون صداقتنا نحن المسلمين والعرب والأردنيين بالخصوص صادقة في القول والفعل حتى نقف مع بعضنا البعض في ما نمر به من ظروف إقتصادية ومالية صعبة حتى نتقاسم لقمة العيش مع بعض ونتجاوز هذا الظرف الصعب بنجاح.





    [09-09-2019 12:02 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع