في المفهوم الجرامشي للثقافة والمثقف تعني رؤية العالم والتزام النقدي باولويات المجتمع الانساني، وكدح دؤوب بمعاناة الموقف والقول والكلمة. بلا شك فان ما يسمى النخبة الاردنية بحسب توصيف جرامشي فانها مصابة بالوهن والعطب والعطل.
عندما يولد بالمجال العام أزمة عامة مفرداتها محلية أو مستوردة تنفضح وتتعرى مجموعة من منزوعي الخبرة والدراية والمهارة، انصاف مثقفين وأشباه متعلمين رغم أنهم يحملون شهادات اكاديمية من جامعات عالمية قد يكون يملك خبرة فنية بحتة، ولكنه يفتقر الى الابداع على مستوى الممارسة السياسية والاجتماعية والثقافية.
النخبة في الهيكل الاجتماعي يمثلها طبقيا البرجوازية بالمعنى السياسي والثقافي والاجتماعي. في الحالة الاردنية البعض من البرجوازيين الاردنيين، مجرد شاطر وفهلوي عرف كيف يجمع الاموال، ووجيه ثري ورث عقارات وقواشين و أراضي عن والده وجده، وعائد من بلاد الاغتراب حسابه البنكي يتفجر بالاصفر.
يحضر حفل توقيع كتاب ويبخل على دفع عشرة دنانير أو أقل ثمنا لنسخة كتاب، ولو من باب التباهي الاجتماعي ولعب دور المتنور والمثقف والمشتغل والمهتم بالشأن العام.
ومنهم من هو مستعد للانفاق على عزومة اجتماعية الكثير الكثير، وذلك من باب التباهي والبحث عن الوجاهة، ولكن لو طلب منه تبرع او دعم او مساعدة لجهة اجتماعية او ثقافية بقطع يديه ويشحد عليها.
لربما أن هناك نزوعا في العمل الاجتماعي والخيري نما وتطور تحت تأثير الوازع الديني، وخصوصا في المناسبات والافراح والاتراح والاعياد الدينية للحصول على مكاسب سياسية واجتماعية.
دور النخبة، وما يحتاج الاردن في غمرة ما يعاني من ازمات سياسية واقتصادية يحتاج الى اعادة تعريف وترسيم. تنشيط العمل العام واجب وطني، ولربما المسألة ليست اخلاقية بحتة إنما وطنية اجتماعية تقدمية، تعني المشاركة في البناء الوطني.
المجتمع الاردني كان ثريا ومخزونه الاجتماعي تقدمي في ستينات وسبعينات القرن الماضي ولدت طلائع في العمل الاجتماعي والخيري عملت لمصلحة المجتمع فوق كل الاعتبارات الشخصية، وضمت نخبة من الاحرار التقدميين من اليسار والقوميين، ناضلوا من أجل تثبيت مؤسسات ومشاريع اجتماعية وطنية ولكنها تعرضت الى التفكيك والتجزئة والبيع والخصخصة بعدما اقتحم الدولة تيار النيوليبرالية وتحالفات السلطة والمقاولين.

[08-09-2019 08:15 AM]