الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    لاَ تَفْتُوا بِمَا لاَ تَعْلَمُونَ

    أعجبني كثيراً القول المأثور والذي يتداوله الكثير: رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه فوقف حده أو إلتزم حده. أعتقد من قال لا أعلم فيما إذا سئل عن موضوع ما فقد أجاب صدقاً. لأنه من الخطأ الكبير والذي لا يغتفر أن يجيب أي إنسان عن أي شيء يُسْأل عنه وهو لا يعلم حقيقة الإجابة. فلا أحد فينا يستطيع أن يعلم كل شيء عن كل شيء أو أن يلم في علوم كل الأشياء. فعندما قال رب العزة والجلالة للملائكة (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (البقرة: 30)). فعندما أبدو رأيهم بما لا يعلمون قال الله لهم: إني أعلم ما لا تعلمون. وحتى يقنعهم بما قال ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (البقرة: 31-33)) وهنا قال الله للملائكة: لماذا تفتون بما لا تعلمون؟. ولأنهم أخطأوا في تبرير إعتراضهم على أن الله يريد أن يجعل في الأرض خليفة جعلهم يسجدون لآدم ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (البقرة: 34)). فكم منَّا يفتي بما لا يعلم؟ وهل إذا أحد أخطأ في فتواه يعترف بخطأه ويعتذر عنه لمن أخطأ في فتواه لهم؟.

    كل يوم بعد كل صلاة فجر نسمع بعض المصلين بعد خروجهم من صلاة الفجر يتحدثون بأمور العامة وبأمور السياسة والعالم بأسره ... إلخ وكأنهم علماء عصرهم فيما يتحدثون عنه ويفتون بتلك الأمور بصوت عال يزعجون الجيران ولا يكترثون بما يسببونه من إزعاج لغيرهم. وبعض ما يتكلمون به لا أساس له من الصحة ولكن تعود بعضنا أن يتدخل ويضع نفسه مكان السياسيين والمسؤولين وأصحاب الدين وأصحاب التجارة والمال وكأنه واجب عليهم هذه المهمة. فأقول لهم ولأمثالهم: إتعظوا بغيركم ممن أوقعوا أنفسهم بفعل ألسنتهم وكم شخص أدى به لسانه إلى الهلاك. وخذوا بالقول المأثور: إذا كان الكلام من فضه فالسكوت من ذهب في كثير من الأحيان وخصوصاً في المواضيع التي لا تعلمون عن تفاصيلها وعن حقائقها ولا تعلمون الا ظاهر الأمر منها. ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل وهو من المقربين منه عندما قال للرسول: أَوَ نحاسب على ما نقول، قال له الرسول: يا معاذ، أو يُجَرُ أو يُسحبوا الناس على مناخرهم أو وجوههم يوم القيامة إلا من حصاد ألسنتهم.

    وكثيراً من الناس يدخلون أنفسهم في أحاديث غيرهم دون أن يطلب منهم. فهذا يعتبر التدخل في غير ما يعني الإنسان ويوقع الإنسان في كثير من الإحراج. إلإ إذا طلب منه أن يتدخل في الحديث وله الخيار في أن يشارك أو لا. وينصح في أن لا يشارك في الحديث إذا لم يكن عنده علم بموضوع الحديث أو لا يستطيع أن يثري الحديث نفعاً في مشاركته. فعدم مشاركته أفضل بكثير من أن يشارك ويسيء بشكل مباشر أو غير مباشر لموضوع الحديث أو لمن لهم علاقة بموضوع الحديث وليس من الفطنة والذكاء أن نشارك فيما لا نعلم. ونأخذ بقول الله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (النحل: 43)).





    [03-09-2019 08:27 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع