الرئيسية مقالات واراء
تابعت مساء أمس صور وفيديوهات عدة لأعمال شغب في لواء الرمثا التابع إدارياً إلى محافظة إربد شمال الأردن قرب الحدود السورية , إحتجاجا على قرارات الحكومة حول “كروزات الدخان”، و”التضييق على المسافرين” عبر مركز حدود جابر. حيث تم التعميم بموجب قرار من مجلس الوزراء على المراكز الحدودية التقيد بقرارعدم السماح للمسافرين القادمين الى المملكة عبر حدود جابر وبقية المراكز الحدودية بإدخال أكثر من كروز دخان واحد و بأن “أيّ شخص مسافر يدخل معه أكثر من كروز دخان، يعتبر مهرباً، وتطبق عليه الإجراءات القانونية بما فيها حجز السيارة”.
كما طالب الرمثاويون برحيل حكومة الرزاز , فيما حمل أخرون مسؤولية ما يجري لوزير الداخلية سلامة حماد , وأغلق المحتجون الطريق العام بالإطارات المشتعلة والحجارة والحاويات، مطالبين الحكومة بالتراجع عن قراراتها، فيما حاولت القوات الأمنية تفريقهم بإستخدام الغاز المسيل للدموع.
يشار أيضا الى أن ما يعرف بـ”البحارة”او ناقلي البضائع من سوريا الى الرمثا , معتصمون منذ 4 أيام، للمطالبة برفع منع السفرعن جميع السائقين إلى سوريا ، والبالغ عددهم 450 شخصا.
قرارات الحكومة فيما يخص مركز حدود جابر أو أي مركز أو معبر حدودي، بري وبحري وجوي، جاءت حسب ما تزعم بهدف "الحد من تهريب الدخان". لأن إقتصاد وخزينة الدولة فيما يبدو قائم على كروز دخان ؟؟ وبررت كذلك ان شركات السجائر ومستثمري القطاع او الحيتان كما يقال في الشارع الأردني هم الأكثر ضررا من عملية التهريب .تهريب الدخان أقصد , ولا أتحدث عن التهرب الضريبي لتلك الشركات وغيرها الكثير, بحيث تعطى إمتيازات تهرب وإلا فهناك آلاف الشركات ستغلق يومياً. ثم نحن هنا نتحدث عن منافذ تهريب شرعية فالقرارات الحكومية لا تعني المنافذ غير الشرعية .؟؟؟؟ خاصة عندما يصل الأمر لتهريب الملايين من الحبوب المخدرة , او تهريب الأسلحة وهو التهريب الأكثر ضررا لأمن وإقتصاد البلد . فكيف تكون حسبة كروز الدخان هنا؟.
حلم فتح الحدود الأردنية- السورية وخاصة مركز جمرك جابر, أعاد الأمل لأكثر من 250 ألف مواطن ،هم عدد سكان الرمثا , وأعاد الأمل بعودة سوق البحارة بعد 7 سنوات صعبة من الضغوطات الإقتصادية والإجتماعية. خاصة و ان إغلاق الحدود أفقد أكثر من 30 ألف شخص أعمالهم في المدينة، فوصلت نسبة البطالة الى نحو 47 % ، و أكثر من 1500 محل تجاري أغلقت كانت تعتمد على التجارة البينية مع سوريا, بل ان الرمثا أصبحت مدينة منكوبة. حيث كان يعمل أكثر من 3000 بحارة على نقل البضائع من درعا إلى الرمثا، يضاف إليهم أكثر من 1500 محل متخصص بالبضائع السورية، بل ان عدد التجار الذين كانوا مسجلين في سجلات غرفة تجارة الرمثا عام 2011 بلغ 4800 ، والآن وصل عددهم الى 1000 تاجر، أما أصحاب الشاحنات فخسارتهم قاربت 4.1 مليار دولار.
الرد الحكومي جاء بضرورة الحوار وربما تناست الحكومة ان مواجهة إندفاع شعبي غيرمدروس نحو فوضى فرضتها الحكومة نفسها في الأردن , وإعلان العصيان الذي هو حالة من عدم الإمتثال للدولة والذي قد يؤدي الى ما هو أسوأ وأوسع إنتشارا , ويسبب خسارة توازي 50 مليون دينارا يوميا ، مما يعرقل عجلة الإقتصاد بحق ويؤدي الى الإنهيار.
في العرف السياسي نقول نعم لإسقاط الحكومات, وكل حكومة متخاذلة ضعيفة، ترهق الشعب وتسرق مقدراته وتسرق جيبه وتحمي الفساد ولا تطبق العدالة المجتمعية والتوزيعية، وتقف عازلا بين الشعب والقصر.
لم يكن الشعب يوما مصدرا للفوضى او لتعطيل مصالح الوطن اولإعتداء على الدولة .بل ان المسؤولين أنفسهم هم من إعتدوا على هيبة الدولة بداية .لدرجة إقتربت من دائرة الخطر , بل فقدت شرعيتها المجتمعية ودور مؤسساتها لمصلحة الجميع وخرج التصادم إلى العلن ضمن لعبة دهاليز السلطة و حملة مبرمجة لفكفكة الدولة وأجهزتها تمهيدا لتغيير هويتها السياسية , وزاد تحول منصب رئيس الوزراء إلى دورهلامي , مع أن الدستور يمنحه الولاية العامة للدولة, لجهة المزايا, الصلاحيات والمساءلة أمام مجلس الأمة والملك. ناهيك عن فريق اقتصادي وفريق غير اقتصادي يتصادمان حول النتائج الاقتصادية الفاشلة .وبالنتيجة تصادم الدولة والشعب.
مرّرت الحكومة أكثر من 200 قانون مؤقت , في عملية حرق مراحل وتمرير قرارات حكومية غير شعبية مطلوبة, واتسعت حدود التداخل بين المنصب العام وحق من يكون من ضمن أكثرمن مجلس ادارة , و منح إعفاءات جمركية لسيارات حكومية, و حسابات خاصة لتحسين الحال, و منح تعليمية , وظائف غير منطقية رواتب خيالية حتى الحج لبيت الله اصبح له كوتة. بل في إحدى السنوات إستخدمت مركبة نائب محصن لتهريب مخدرات عبر الحدود , داخل سيارته التي منحت الإعفاء الجمركي من الدولة.
وفي الجهة الأخرى نجد زراعة المخدرات تنتشر داخل مزارع الموز والخضار في بعض مناطق الغور, برعاية وجهاء معروفين للدولة. ثم تجار شنطة مهربين, باتوا معروفين لمدراء محطات الطيران الأردنية, ليكون القانون الغالب على المواطن جملة ( الي عايش بالبلد الي إيده طايله ) لغياب مبدأ الحقوق المتساوية بين المواطنين وضعف قاعدة المشاركة الشعبية. و لعبة تغيير الكراسي والطواقي.
لست مع المهربين ولست مع الفوضى والتخريب والإفساد أوالعصيان . لكنني مع كافة حقوق المواطن الأصيلة , وحق التظاهر مكفول والنقد والإعتراض السلمي مكفول والحق السياسي مكفول بعيدا عن التقييد الأمني ودون الإضرار بحقوق الغير تماما مثل الحق بحكومة قوية وطنية قادرة على إدارة شؤون الدولة بعيدا عن الفساد، حق مشروع لكل مواطن اردني ينتمي لتراب هذا الوطن.