الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    من يخلف المتقاعدين في الإدارة الحكومية؟

    منذ أن شرعت الحكومة بتنفيذ خطتها الجريئة لترشيق الجهاز الإداري وضخ دماء جديدة في المؤسسة البيروقراطية الرسمية، يحتدم الجدل حول قدرة الوزارات والدوائر الرسمية على سد العجز في الخبرات، بعد قرار مجلس الوزراء بإحالة آلاف الموظفين ممن بلغت خدمتهم 30 عاما، وتسهيل تقاعد من بلغوا في الخدمة 25 عاما.

    اضطرت الحكومة لاستثناء بعض المهن من القرار، خاصة في وزارة الصحة التي تعاني من نقص فادح بأطباء الاختصاص، لكن في معظم المؤسسات، وجد الجيل الثاني من الموظفين أنفسهم أمام مهمة تحمل مسؤولية المواقع المتقدمة دون سابق إنذار. وثمة قلق في بعض المؤسسات الخدمية الكبرى من فجوة الخبرة بين جيل المتقاعدين ومن يخلفهم من الشباب.

    لا شك ان الحكومة أمام تحد كبير على هذا الصعيد، فلم يسبق أن شهدت مؤسسات الدولة الأردنية عملية تغيير وإحلال بهذا الحجم والسرعة من قبل.

    لا نعلم على وجه الدقة ما إذا كانت مؤسسات القرار الحكومي قد أجرت الدراسات اللازمة قبل اتخاذ القرار، وأعدت السيناريوهات المطلوبة لمرحلة انتقال المسؤولية من جيل لآخر، وفحصت بدقة خبرات الصف الثاني في الوزارات ومدى استعدادهم للتصدي لمسؤوليات الإدارة العليا، مع ضمان سير العمل بسلاسة وبأقل قدر ممكن من الأخطاء.

    المرحلة الانتقالية في رأي خبراء الإدارة تحتاج لفترة زمنية لا تقل عن عامين، لتصعيد جيل جديد من القيادات الإدارية الشابة، وملء الفراغ الناجم عن رحيل كبار الموظفين من أصحاب الخبرة.

    والمسألة بالطبع تتفاوت بين الدوائر تبعا لمهماتها، وحجم كادرها الوظيفي، والأهم مدى اهتمام تلك المؤسسات ببرامج التدريب والتأهيل لموظفيها، وتهيئتهم للمواقع القيادية، إضافة للهيكل الوظيفي والعلاقة المهنية التي تربط الصف الأول بالثاني، ومدى التفاعل الميداني بينهما.

    لكن على الجانب من المعادلة، ثمة قيمة مهمة للمرحلة الانتقالية، تتمثل في خلق روح التنافس بين موظفي الصف الثاني لتولي المناصب القيادية، شريطة أن تقتصر عملية الترقية على المعايير التقليدية المتمثلة بسنوات الخدمة والدرجة الوظيفية، وإفساح المجال أمام الطاقات الشابة في المؤسسات للمنافسة على المناصب المتقدمة.

    ولا بد أن تأخذ الحكومة هذا المتطلب الأساسي في عملية الاصلاح الإداري عند النظر في تعديلات نظام الخدمة المدنية التي تتولاها حاليا لجنة حكومية من الوزراء وأصحاب الخبرة في مواقع القرار الرسمي.

    في المحصلة، العملية الانتقالية ستكون صعبة وقد يعتريها بعض الأخطاء والتحديات، لكن في نهاية المطاف لا بد من السير فيها حتى النهاية، فالجهاز الإداري عانى لعقود طويلة من تطاول على معايير الكفاءة والجدارة، وخضع لعملية تسمين جعلت منه كائنا ثقيلا بطيئا يرهق كاهل الدولة ويعجز عن الوفاء بمسؤولياته، رغم ما قدم من خدمات جليلة.

    أما أصحاب الخبرة من رجال الصف الأول في الإدارة الحكومية، ممن أفنوا سنوات عمرهم في الخدمة العامة، فلا بأس من التفكير بآلية لتوظيف خبراتهم لتأهيل القيادات الشابة، من خلال برامج تدريب في المؤسسات التي عملوا فيها، والرجوع إليهم كمستشارين لخطط الإصلاح الإداري.





    [25-07-2019 08:42 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع