الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    من ينقذ ضحايا العنف الأسري من الموت؟
    تعبيرية

    أحداث اليوم - رغم عدم الكشف حتى الآن عن حیثیات جریمة القتل التي ذهب ضحیتها طفل على ید والده الأسبوع الماضي، إلا أن الحادثة أثارت مجددا قضیة الضرب المفضي إلى الموت الواقع على الأطفال من قبل أولیاء أمورهم أو مقدمي الرعایة لهم.

    وبحسب ما رشح من مصادر أمنیة فإن رجلا في منطقة أم الجمال انهال بالضرب على طفلیه (ذكر 13 عاما، وأنثى 15 عاما) بواسطة أدوات راضة نتج عنه وفاة لطفل على الفور والتسبب بإصابات وكسور بلیغة للطفلة التي وصفت حالتها بالسیئة.

    تفاصیل الحادثة وأسبابها ما تزال غیر معروفة ولم تعلن على الرأي العام، لكن مصادر تشیر إلى أن ”السبب هو على الأرجح خلاف أسري“، لافتة بذلك الى أن ”الأب الذي ألقي القبض علیه مسجل بحقه أسبقیات تتعلق بإدمان المخدرات“، إلا أن الأهم هو أن هذه الحادثة تعید طرح تساؤلات عدیدة حول الإجراءات التشریعیة والوقائیة لحمایة الأطفال من العنف والعنف الشدید بما في ذلك الضرب المفضي إلى الموت.

    ویشدد مختصون في هذا السیاق إلى الفجوات التشریعیة وتحدیدا تلك المتعلقة بقانون العقوبات، إذ ما یزال القانون یسمح بإسقاط الحق الشخصي في جرائم القتل الواقعة على الأطفال وداخل نطاق الأسرة، إلى جانب الاشكالیة المتعلقة بالمادة 62 من القانون ذاته والتي تبیح الضرب التأدیبي على الأبناء من قبل أولیاء الأمور.

    وفیما تنص الفقرة (أ) من المادة 62 على ”یجیز القانون أنواع التأدیب التي یوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا یسبب إیذاء أو ضررا لهم ووفق ما یبیحه العرف العام“، یرى هؤلاء المختصون أن الحاجة باتت ماسة الیوم لتعدیل التشریعات وإخراج قانون حقوق الطفل إلى النور بهدف توفیر حمایة أكبر للأطفال وتحدیدا الأكثر ضعفا بمن فیهم ضحایا العنف، لافتین إلى أن تعدیل التشریعات یتطلب كذلك توفیر الخدمات المساندة والارشاد الأسري بطریقة كفؤة لتوفر وقایة وحمایة استباقیة للأطفال الضحایا.

    وفي هذا السیاق یستغرب استشاري الطب الشرعي والخبیر لدى منظمات الأمم المتحدة للوقایة من العنف الدكتور هاني جهشان الإصرار على إبقاء المادة 62 من قانون العقوبات، ویقول "حادثة ام جمال لیست الوحیدة، ”ففي كل فترة تتكرر المأساة فیما الحكومة ومجلس الأمة یدافعان عن الإبقاء على المادة 62 عقوبات، بمنطق اعوج، في غیاب شبه تام لبرامج التوعیة بمخاطر الضرب التأدیبي ووسائل التربیة غیر العنفیة“.

    ویشیر إلى أنه وإلى جانب الآثار السلبیة الواضحة والمتعلقة بالسلامة البدنیة للأطفال ضحایا العنف والتي قد تصل احیانا حد الإعاقة الدائمة أو الموت، فإن ”للضرب التأدیبي للأطفال عواقب نفسیة وخیمة ویغرس سلوك عنف كامنا مدى العمر“، مشیرا إلى أن فرنسا اقرت مؤخرا قانونا یجرم أي ضرب تأدیبي في المنزل مهما كان نوعه وهذا مطلب من مطالب لجنة حقوق الطفل في جنیف لجمیع الدول الموقعة على اتفاقیة حقوق الطفل.

    وفي المقابل من ذلك كما یقول جهشان، ”ما زلنا في الأردن نسمح بالضرب التأدیبي بطریقة أو اخرى من خلال التشریعات، وهذا انتهاك لحقوق الطفل. الخطوة الأولى هي واجب الغاء الفقرة أ من المادة 62 عقوبات التي تسمح بالضرب التأدیبي، ومن ثم تجریم أي ضرب تأدیبي للأطفال في كل أماكن تواجدهم بما في ذلك المنزل من قبل الوالدین أو راعي الطفل“.

    وتتفق مدیرة مجموعة القانون لحقوق الإنسان ”میزان“ المحامیة ایفا أبو حلاوة مع ما ذهب الیه جهشان، التي أكدت أننا ”ما نزال بحاجة إلى حزمة تشریعیة توفر حمایة أكبر للأطفال ضحایا العنف ومن غیر المقبول أن یستمر إسقاط الحق الشخصي في جرائم القتل والایذاء الواقعة بحق الأطفال“، معتبرة ان ”اسقاط الحق الشخصي في هذا النوع من الجرائم یعتبر نوعا من أنواع الإفلات من العقاب“.

    وفي تعدیلات قانون العقوبات للعام 2017 تم تعدیل المادة 330 المتعلقة بعقوبة الضرب المفضي إلى الموت لترتفع من 12 عاما في حال كان الضحیة طفلا أو من ذوي الإعاقة إلى 15 عاما، لكن الاشكالیة تكمن في اسقاط الحق الشخصي في هذه القضایا لتعاود العقوبة للانخفاض إلى النصف.

    ورصد في تقریر سابق أثر العفو العام في إفلات آباء قتلوا ابناءهم ضربا من العقوبة، في قضایا تعد من ابشع الجرائم التي أثارت الرأي العام، كقضیة الطفلة نورا ذات العامین ونصف العام، والتي قضت تجویعا وضربا واهمالا على ید والدها، وقضیة الطفل قصي 15 عاما والذي قضى صعقا بالكهرباء على ید والده الذي اتهمه بسرقة مبلغ 5 دنانیر من عمته، إلى جانب قضیة الطفلتین بیان وحنین حیث ماتتا حرقا على ید أب مدمن على المخدرات.

    وتلفت أبو حلاوة كذلك إلى قانون الحمایة من العنف الأسري والذي یتضمن تدابیر یحق للمحكمة المختصة اتخاذها بحق الشخص المعنف وأطراف النزاع بإلزامهم بحضور جلسات تأهیل نفسي واجتماعي لمدة لا تزید على 6 أشهر، إذ ترى أبو حلاوة في هذه التدبیرات وسیلة للوقایة من تفاقم حالات العنف داخل الأسر المعرضة للخطر.

    والى جانب التشریعات تشیر أبو حلاوة الى أهمیة تفعیل خدمات الارشاد التربوي والنفسي للعائلات بحیث تكون هذه الخدمات متاحة وقریبة من العائلات فضلا عن توفیرها داخل المدارس.

    من جانبه یرى الأمین العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة الدكتور محمد مقدادي أن ”قضیة العنف ضد الأطفال من قبل الأسرة هي قضیة ثقافیة بالدرجة الأولى، مع التأكید على ضرورة توافر خدمات للأسرة اهمها خدمات الارشاد والصحة النفسیة وایضا التمكین الاقتصادي للاسر المعوزة أو المعرضة للخطر“.

    ویشیر مقدادي في حدیثه إلى نتائج تقریر أحوال الأسرة الأردنیة الذي اعده المجلس والذي اظهر ان ”أكثر من 40 % من الأسر ترى أن العنف الاسري شأن خاص لا یجوز للمؤسسات الرسمیة التدخل به كما یرى 1.42 % من الاسر ان للوالدین حق ضرب أبنائهم لغایات التأدیب، وكذلك مسح السكان والصحة الاسریة للعام 2018 والذي اظهر ان 59 % من الاطفال في الفئة العمریة سنة الى 14 عاما تعرضوا لنوع من انواع العقاب الجسدي“، مؤكدا أن ”الحاجة ماسة الى تغییر هذه المفاهیم الثقافیة السائدة لیس فقط من خلال الحملات التوعویة وانما ایضا من خلال مناهجنا التربویة“.

    وفیما یخص الاطار التشریعي لحمایة الأطفال من العنف، یؤكد مقدادي اهمیة توفیر مظلة قانونیة تحمي الطفل من العنف، لافتا في هذا السیاق الى استحداث نص صریح یمنع الضرب التأدیبي على الابناء من قبل الوالدین.

    وتنص المادة 44 من مسودة قانون حقوق الطفل على أنه ”یحظر تعریض الطفل للإهمال أو العنف أو إساءة المعاملة أو الاستغلال أو الاعتداء على سلامته البدنیة أو احتجازه أو إتیان أي عمل ینطوي على القساوة من شأنه التأثیر على توازن الطفل العاطفي أو النفسي“، كما تنص على الرغم مما ورد في أي تشریع آخر لا تشكل صفة الوالدین او الشخص الموكل برعایة الطفل عذرا لارتكاب أي فعل من الأفعال الواردة في الفقرتین الأولى والثانیة من المادة“. (الغد)





    [13-07-2019 09:08 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع