الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    طوفان الطلاق

    سبق وأن كتبت عن موضوع الطلاق وحذَّرْتُ من إزدياد عدد حالات الطلاق. وها أنا بعد أن بلغ عدد حالات الطلاق في العام المنصرم 2018 أكثر من ست وعشرين ألف حالة أي بمعدل 72 حالة طلاق يومياً، إضطررت للكتابة مرةً أخرى. أحل الله الزواج في الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلامية وفق ترتيب النزول وحرَّم الزنى والسفاح وحثَّت الأديان جميعها عليه لتتكاثر الأمم وتعمر الأرض وتستمر الحياة حتى يرث الله الأرض ومن عليها. ولكن هذه الظاهرة أرَّقت القضاة والمحامين والناس أجمعين، لأننا كمجتمعات إسلامية لم نعهدها بهذا العدد الكبير من الحالات من قبل. والدين الوحيد الذي حلَّل الطلاق بدون شروط قاسية جداً هو الدين الإسلامي وهذا لايعني أن يصبح الطلاق عندنا سهلاً لهذه الدرجة ليصبح بهذا العدد الكبير.

    فعندما حاولنا أن ندرس أسباب حالات الطلاق فغلب عليها سوء الإختيار لإعتماد معظم حالات الزواج على المادة. أعني بذلك، لا يتزوج الشاب إلا من الفتاة أو الأنثى التي تعمل ولها راتب حتى تساعده في حياته. وإذا إختل هذا الشرط أصبحت الحياة لا تطاق بين الزوج والزوجه بسبب تكلفة الحياة الباهظة وعدم الأخذ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك. فلو كان إختيارالزوج والزوجة معيار الدين لقالا لأتفقا على أن الرزق على الله وتفرج بإذن الله ولا داعي للتسرع في الطلاق وقد قال الله (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ(الذاريات:22 و23)). ومما يؤكد هذا الكلام أن بعض الناس يبحثون لأبنائهم في ديوان الخدمة المدنية عن إناث قد حان دورهم في التعيين ليتقدموا بطلبهن بغض النظر عن التفاهم والجمال والحسب والنسب. والبعض الآخر يقول في العامية، وأرجو المعذرة في ذكره في مقالتي ولكني سمعته كثيراً (المهم أنني أريد أن أجد إنسانة حلاَّبه أتزوج منها) أي تعمل ويأخذ راتبها.

    وهناك أسباب أخرى وهي عدم التربية الصحيحة للطرفين من ناحية الإلتزام ومخافة الله في العلاقات بين الذكور والإناث ومنها إستخدام وسائل التواصل الإجتماعية والتي يتجاوز فيها الطرفين حدود الأخلاق والأدب مع نقيضه. وأسباب أخرى هي أستقلال الزوجة مادياً عن الزوج وخصوصاً عندما تكون هي التي مسؤولة مادياً عن الزوج وعلى البيت فلا تكترث بالإستمرار معه كزوجه. وأسباب أخرى تدَّخُل أهل الطرفين في شؤون حياتهما والمصيبة إذا كانت الزوجه والزوج يسمعا كلام أهليهما ولا يحكمان شرع الله في علاقتهما الزوجية. وربما هناك أسباب أخرى لا يعلمها إلا الله تكون مقنعة للقاضي في الموافقه على الطلاق.

    من منبري هذا أناشد القضاة وأهل الدين وأهل العلم والمحامون بالعمل بشكل حثيث على تغيير هذه الثقافة (ثقافة الطلاق السريع) بالتوعية والنصح والإرشاد، والعمل على إصلاح ذات البين بشتى الطرق والأساليب حتى لا نغرق بطوفان الطلاق في أردننا العزيز وتتولد عندنا مشاكل وقضايا نحن في غنى عنها. وتطبيقاً لقول الله تعالى (وإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا(النساء:35)).





    [04-02-2019 08:56 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع