الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل المشكلة في الحكومة؟!

    تنشغل النخب السياسية الأردنية، هذه الأيام، بسؤال مركزي رئيس: فيما إذا كانت حكومة الملقي ستستمر بعد الانتخابات البلدية واللامركزية، وسيتمسك "مطبخ القرار" بقانون 4×4، أمّ أنّ "لكل قاعدة شواذ"، وأنّ الهجوم السياسي المتتالي على الحكومة، مع تقييمات سلبية أخرى، كل ذلك سيفضي إلى تغيير يؤدي إلى حكومة جديدة!
    لا أملك – بطبيعة الحال جواباً-. لكن لا أظن أنّ الأمور ستتغير جوهرياً فيما إذا بقيت الحكومة أم رحلت، طالما أنّ النخب المعترضة أو المؤيدة أو حتى الأحزاب والقوى السياسية، وفي مقدمتها المعارضات الإسلامية والقومية واليسارية، كل أولئك لا يملكون مشروعات برامجية ورؤى واقعية بديلة!
    إذا تجاوزنا الحكومة أو الحكومات، والأشخاص من هم في السلطة، والسابقون، المؤيدون والمنتقدون، فإنّ معضلة السياسات الأردنية لا تكمن بالأشخاص، بل في البرامج والمشروعات، على العموم.
    أفضل مثال على ذلك ما قرأناه من جدل ونقاش حامي الوطيس عن سوء إدارة الحكومة للأزمات الأخيرة، لكنّنا لم نقرأ، في المقابل، أراءً ولم نقف على اتجاهات عميقة في مناقشة السياسات والبرامج الحكومية، أو تقديم تصوّرات ورؤى بديلة، عملية وواقعية.
    حتى الانتخابات البلدية واللامركزية فإنّ الطابع الغالب عليها الاعتبارات الشخصية والاجتماعية، العائلية والعشائرية، من دون أن نجد تياراً أو حزباً سياسياً، مثلاً، يتحفنا بتصوّر وطني عميق لدور البلديات وموقعها في الإصلاح المطلوب والتغيير الذي يمكن إحداثه لتصبح أوضاع البلديات أفضل حالاً مما هي عليه اليوم، على الرغم من أنّ البلديات، على سبيل المثال، تتجاوز أهميتها في أغلب دول العالم أهمية البرلمان نفسه، لأنّها على تماس مع قضايا الخدمات والتنمية والتطوير بصورة مباشرة ويومية!
    بالضرورة لا نتوقع أن يقدّم أفراد برامج متكاملة أو مشروعة. لكن المشهد السياسي يعجّ اليوم بالآراء الفردية، لكنّه يفتقر بصورة كبيرة إلى التنظيم والتأطير، لذلك نجد انتقادات هائلة للحكومة وللسياسات والأوضاع الحالية.
    قد يقول قائل إنّ هذه "المعضلة" موجودة دوماً، ومطروحة، وتتمثل بأنّ تغيير الحكومات والوجوه لا يؤدي إلى تغيير السياسات والبرامج، فما الجديد الذي تطرحه في هذا المقال؟
    هذا القول، ابتداءً، صحيح، لكن الجديد أمران؛ الأول أنّ حالة التشظي السياسي، وليس فقط الحزبي، والفوضى الفردية وغياب البرامج والأطر والسياسات البديلة وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة، وهي ظاهرة خطيرة، لأنّها تخلق حالة من العزلة الكبيرة بين النخب السياسية والرأي العام والجمهور، وتجعل هذه النخب، وحتى القوى السياسية بلا أي تأثير حقيقي، بل ربما شخص واحد على مواقع التواصل الاجتماعي يكون قادراً على إحداث تأثير في الرأي العام أكبر بكثير مما تقوم به النخب.
    هذا وذاك يعني أنّنا نفقد البوصلة ورؤية الاتجاهات، وأنّ النخب السياسية الحالية والمسؤولين السابقين والقوى والأحزاب جميعاً، أصبحوا خارج التغطية، أكوام مكدّسة، بلا قيمة حقيقية ولا أهمية واقعية، أو هي في الطريق إلى ذلك، ما يجعل عملية التأطير السياسي أو البرامجي أو الحزبي ضرورية، بدلاً من الفوضى الحالية.
    والأمر الثاني أنّ الانتقادات تأخذ بعداً شخصياً أو اختزالياً تجاه الحكومة، وكأنّ القصة هي في إدارة الأزمات الأخيرة، بينما لو عدنا إلى وراء، أو تقدّمنا إلى أمام، أي نحو حكومات جديدة، سنجد أنّ المشكلة ستتكرر، لأنّ القصة مرتبطة بما يتجاوز الأزمات الراهنة إلى السياسات العامة، والمفاهيم الجوهرية، وموقع رئيس الحكومة ودور الحكومة نفسها، وهي أمور تحتاج إلى نقاش جريء وصريح، الأمر الذي لا نسمعه من النخب والسياسيين اليوم!





    [07-08-2017 10:52 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع