الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    من أين لك هذا الكرش؟!

    عادة ما نسمع أن شركة عالمية قررت سحب إنتاجها من السوق بعد اكتشاف خطأ مصنعي مثلما يحدث في السيارات والهواتف، بينما من سابع المستحيلات أن تسحب حكومة وزراءها من السوق حتى لو اكتشفت أنهم لا يصلحون لإدارة عيد ميلاد!!
    تقدم ثلاثة وزراء دولة برتغاليين دفعة واحدة باستقالاتهم، والسبب ليس الفشل في التعامل مع حادث إرهابي، أو وقوع تسمم غذائي، أو انهيار برج سكني. بل السبب التحقيق بشأن دعوات تلقوها من أحد رعاة منتخب كرة القدم لحضور مباريات كأس أوروبا 2016 في فرنسا، والتي أحرز المنتخب البرتغالي لقبها، مع ان النيابة العامة لم توجه لهم أي اتهام محدد بعد!
    كثير من الوزراء الأردنيين قَبل أن يصبحوا وزراء لم يكن أحد يدعوهم حتى على حفل تأبين، بينما اليوم لا تقام حفلة حمام عريس الا وتتم دعوتهم إليه!
    تخيل لو طبقنا معايير البرتغال الصارمة في الشفافية والنزاهة في الأردن، صدقوني المنسف وحده سيكون سببا في استقالة الحكومة بأكملها؛ فوزير المياه لا تجد من يفت له اللحم إلا أصحاب تنكات أو شركات لها علاقة بالمياه، ووزير الأشغال لا يشرّب عليه الا أصحاب شركات تعهدات عامة، أما وزير الخارجية فلا يكرمه بلسان الخاروف الا شخص طامع بمنصب دبلوماسي!
    لو المسؤول الأردني يرفض قبول أي دعوة لصاحبها علاقة بعمله، بكل تأكيد سيموتون من الجوع أو سيصابون بالجفاف!
    كل ما فعله الوزراء البرتغاليون أنهم لبوا دعوة أحد رعاة المنتخب وذهبوا لتشجيع منتخب بلادهم وفوز المنتخب بكأس أوروبا لم يشفع لهم!
    بينما أغلب دعوات المسؤولين في الأردن هي لتحقيق منافع شخصية، فتزفيت دخلة لا يحتاج سوى الى ثلاثة مناسف لرئيس البلدية، بينما تمديد خط كهرباء يحتاج الى خمسة مناسف لوزير الطاقة، والحصول على تصاريح عمل بإكرام وزير العمل بما لا يقل عن سبعة مناسف، أما وزراء الصناعة والداخلية والخارجية فهؤلاء بحاجة الى شلية غنم لإكرامهم ومن ثم تحقيق المراد من عزومتهم!
    الكارثة في الأردن كانت بالدعوات التي يوجهها النواب للمسؤولين، فمن المفروض أنها علاقة مبنية على الرقابة، وبدل أن يسأل النائب الوزير عن أوجه الصرف المالي والترهل وتدني الخدمة أصبح يسأله: كيف العشا معاليك؟!
    نعم، الدعوات من أوجه الفساد، فلولا المنصب لما تمت دعوتك، وأعرف مسؤولين حكوميين منذ تعيينهم لم يتم تغيير جرة الغاز في منازلهم، فالدعوات أصبحت تشمل الفطور والغداء والعشاء لهم ولزوجاتهم وأبنائهم!
    متى نتعلم من الدرس البرتغالي، ويستقيل وزير أردني لأنه ضبط متلبسا على خاروف محشي بدعوة من شخص له منفعة شخصية في عمل وزارته، متى يستقيل عشرة وزراء أردنيين لأنهم ضبطوا في حفل عشاء بمنزل شخصية متنفذة لها مصالح مع كل وزارات الدولة، متى نرى في الجويدة وزراء أثبتت الفحوصات الطبية أنهم تعاطوا الجميد بنسب فوق المسموح بها قانونيا؟!
    أقترح أن يتم توزين الوزراء قبل حلفان اليمين، ومن ثم توزينهم بعد الخروج من الحكومة. من جهد العمل من المفروض أن تنقص أوزانهم أو على الاقل أن لا تزيد غراما واحدا، بينما إذا وجدنا الوزن تضاعف فلا بد من سؤاله من قبل مكافحة الفساد والجهات الرقابية: من أين لك هذا الكرش؟!





    [16-07-2017 09:26 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع