الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ترامب في فلسطين .. بدون أوهام

    لا شك أن لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمدينة بيت لحم الفلسطينية قيمة معنوية، لكنها لا تزيد على ذلك.
    ترامب لا يحمل مشروعا واضح المعالم لتحريك عملية السلام وصولا لمبتغاها. وهو كما قال لن يفرض على الطرفين ما لا يرغبان به. وترامب رجل أعمال ويفضل استخدام تعبيرات "البزنس" ولهذا لم يتردد في وصف ما يسعى لتحقيقه بالصفقة. هذا مفهوم كارثي في التعامل مع صراع تاريخي ومعقد يستحيل حله بهذه البساطة.
    وحتى لو افترضنا نجاعة المبدأ وإمكانيته، فإن المعطيات المتوفرة لا تبعث على التفاؤل أبدا.
    في إسرائيل حكومة يمينية متطرفة، يقال من باب التهكم إن نتنياهو هو أكثر الوزراء اعتدالا فيها مقارنة مع صف من غلاة المتطرفين وبلطجية الاستيطان. ونتنياهو، كما حال معظم رؤساء الحكومات في تاريخ إسرائيل، غير مستعد لاتخاذ خطوات تقوض ائتلافه الوزاري، فهو على حد تعبير محلل في الشؤون الإسرائيلية يعشق كرسي رئاسة الحكومة أكثر من عشقه لزوجته.
    ويبدو لافتا أن عددا غير قليل من المحللين الإسرائيليين أظهروا تشاؤما حيال فرص استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بعد زيارة ترامب.
    التشاؤم يعم الأوساط الفلسطينية أيضا. ثمة قناعة بأن أوضاع السلطة المتدهورة والانقسام الفلسطيني، وعدم وجود أي هامش لمزيد من التنازلات، لا تؤهل الجانب الفلسطيني الدخول بمفاوضات تنطوي على مخاطر كثيرة لا يمكن قبولها شعبيا.
    ترامب وعلى ما يظهر من إرادة قوية بإنجاز صفقة، يبقى في نهاية المطاف رئيسا يفكر بالمصالح، ولا يملك الخبرة وطول النفس اللازمة للشخصيات السياسية، ولذلك يتوقع الخبراء أن تفتر عزيمته عند أول مطب يواجه المفاوضات، وما أكثرها في الحالة الفلسطينية الإسرائيلية.
    ليس صحيحا أن ترامب يملك عزيمة تفوق ما توفر عند كلينتون أو أوباما. لقد بذلا جهودا حقيقية لتحريك عملية السلام، لكن ما إن اصطدما بالعقبة الإسرائيلية وضغوط اللوبي اليهودي في واشنطن حتى رفعا الراية البيضاء. كلينتون كافح حتى الأيام الأخيرة، بشكل متفوق على أوباما لكنه خرج بلا نتيجة.
    ترامب لا يحمل شيئا من هذه الصفات، وهو يميل بطبعه للموقف الإسرائيلي مقارنة بإدارة أوباما. وفي أحسن الأحوال سيقدم عرضا لن يحظى بقبول الفلسطينيين، كونه ينطلق من مصلحة إسرائيل أولا وقبل كل شيء.
    في مؤتمره الصحفي المشترك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس، ركز على محاربة الإرهاب والتطرف وفرص التطبيع العربي مع إسرائيل والمزايا الاقتصادية للفلسطينيين أكثر من المواضيع المتعلقة بحل الدولتين والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة.
    فريق ترامب السياسي لن يساعد ابدا في التوصل لصفقة عادلة، فهم في غالبيتهم من أشد المناصرين لليمين الإسرائيلي والمعادين للفلسطينيين.
    لا ينبغي أن نبادر كعرب لتكسير مجاديف ترامب، لكن علينا في المقابل أن لا نتوهم حول قدرته على تحقيق المعجزات.
    إسرائيل أبعد ما تكون عن السلام، وترامب أقرب ما يكون إليها.





    [24-05-2017 10:38 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع