الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    المواجهة ساخنة هذا الصيف

    قرار "العمل الإسلامي" خوض الانتخابات البلدية والأكيد اللامركزية، يعني أننا سنشهد هذا الصيف مواجهة ساخنة في البلديات الكبرى.
    إذا كانت الانتخابات النيابية اختبارا وطنيا لشعبية القوى والشخصيات المعارضة أو تلك المحسوبة على خط الدولة، فإن البلديات بمثابة امتحان قدرات على المستوى المناطقي، ولهذا تختلف التقديرات للبلديات عنها في الانتخابات النيابية، مع احتفاظ مناطق الكثافة السكانية في الحالتين بميزتها كمختبر للتمرين الحي على الشعبية والحشد.
    في الانتخابات البلدية ما تزال الدولة قادرة على تقديم وجوه منافسة لمرشحي المعارضة بقدر أفضل من الانتخابات النيابية، وسنلحظ ذلك في المنافسة المحتدمة على بلديات رئيسية كالزرقاء وإربد التي يتمتع الإسلاميون بحضور كبير فيها.
    المجالس البلدية وعلى الرغم من كونها مؤسسات خدمية بحتة لا دور سياسيا لها، إلا أن دخول القوى السياسية غمار المنافسة عليها، كما الحال في سائر البلدان الديمقراطية، يساعد في تأطيرها برامجيا، ويمنح المواطنين فرصة لمحاسبة الفائزين، لا بل ومعاقبتهم سياسيا في"النيابية"، إذا ما أخلفوا بوعودهم.
    لقد طرأت تغييرات جوهرية وتقدمية على قانون البلديات، بما يسمح بتفعيل مبدأ الحاكمية، ما يعني أن الأداء وخدمة الجمهور ستكون هي الفيصل في تقييم تجربة الرؤساء المنتخبين، في ظل انحسار فرص توظيف الموقع لحسابات انتخابية ومصلحية ضيقة.
    لكن نجاح تجربة البلديات واللامركزية بحلتها الجديدة مرهون إلى حد كبير بنوعية المرشحين وقدراتهم، وليس هوياتهم الحزبية فقط. ينبغي العمل على الدفع بوجوه فتية ومتعلمة إلى ميدان العمل، لتخليق قيادات وطنية جديدة، وتمكين التجربة الحديثة للمجالس اللامركزية تحديدا، واستعادة ثقة المواطنين بدور البلديات، ومعنى المشاركة في الانتخابات.
    الإفراط في الاهتمام بالطابع الشكلي للعملية الانتخابية دون محتوى دسم لا يحدث أي فرق، فليس مهما على سبيل المثال ضمان حصة جزلة للنساء "كوتا" في المجلسين إذا لم تكن المرشحات على قدر المسؤولية. علينا أن نتعظ من تجربة "الكوتا" النسائية في مجلس النواب.
    هذه المسؤولية تقع على عاتق مؤسسات الدولة بالدرجة الأولى. في الأردن تحديدا المؤسسات هي التي تؤثر بالمجتمع أكثر من قوى المجتمع المدني والأحزاب، وعليها واجب العمل مع الوحدات الاجتماعية المختلفة وحثها على تقديم مرشحين أكثر كفاءة من تكنوقراط المدن والبلدات الرئيسية، ولا أعرف إن كان بالإمكان تقديم تسهيلات بهذا الخصوص لا تتعارض مع القانون، كالموافقة المسبقة على عودة من يترشح ويخسر الانتخابات لعمله بعد الاستقالة منه فورا، لتشجيع أشخاص من أصحاب الخبرة في الوزارات والدوائر الرسمية من خوض الانتخابات، خصوصا على منصب رئيس البلدية.
    المعنى المطلوب، أن نخلق أعلى مستوى ممكن من المنافسة بين أصحاب الكفاءة والخبرة، لضمان نسبة معقولة من هذه الفئات في التركيبة الكلية للمجالس البلدية وكذلك اللامركزية، وعدم الاكتفاء بتحقيق أهداف قصيرة المدى في المنافسة مع مرشحي المعارضة.
    علينا أن لا نستهين بموسم الانتخابات المقبل، فهو، من وجهة نظري، لا يقل أهمية عن الانتخابات النيابية.





    [27-04-2017 10:01 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع