الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    إدارة مرحلة مجنونة

    في هذا المشهد المتقلب الذي تحكمه المصالح ومساعي تحقيق النفوذ قبل أن تضع الحرب الكبرى في منطقتنا أوزارها، يحتاج الأردن أن يضع استراتيجيته لإدارة هذه الحقبة المجنونة.
    القاعدة الذهبية التي نحتاج أن نوليها كل اهتمامنا، هي مشاكل صفر مع الجميع، بحيث يسعى الأردن إلى التوازن في مختلف الملفات للحفاظ على مصالحه وأمنه واستقراره، لضمان عدم افتعال أزمات غير محسوبة النتائج.
    آخر ما يحتاجه الأردن اليوم تصرّف أرعن غير مسؤول يأتي من قلة لا تعي تبعات ما تفعل، خصوصا أن هناك فئات تعاني أمراضا دينية وطائفية وإقليمية وعنصرية، بحيث يسيطر هذا الداء عليها ويحكم تصرفاتها مع المحيط، متأثرة بما يدور في إقليمنا الملتهب.
    هؤلاء متعددو الخلفيات والمستويات، يجهرون بتوجهاتهم ويمارسونها من دون تقدير لتبعات ما يفعلونه. يحدث مثلا أن يحرقوا صور رموز وشخصيات عراقية، فنوشك أن نقع في أزمة، خصوصا أن هناك، في العراق، فئات تعاني من الأمراض نفسها الموجودة لدى بعضنا، فيأتي ردهم سريعا، والضحية، بلا شك، هي المصلحة العربية ككل، والمصالح المشتركة بين البلدين.
    الأردن الرسمي، كما العادة، سعى لاستيعاب وتطويق الأزمة بسبب قناعته أن العلاقة مع العراق راسخة ومتينة، وأن تصرفا من قلة لا يمكن أن يترك أثرا، كما لن يوقع ضررا حقيقيا في العلاقات التي تتطور بمرور الوقت.
    هكذا هي المعادلة الآمنة لتجاوز كل تبعات المرحلة التي يتقاتل فيها العالم على أرضنا، وما يعني الأردن خلال هذه الفترة أن يتجاوز المرحلة المجنونة بدون خسائر، وأيضا أن يبني علاقات مع الجميع تقوم، أولا وآخرا، على تحقيق أمنه واستقراره ومصالحه.
    الموقع الجيوسياسي الاستراتيجي الحساس للأردن، يمكن أن يكون نعمة إن تمت إدارة المرحلة الراهنة بحكمة واتزان، ويمكن، كذلك، أن يصبح نقمة، لا قدر الله، إنْ غابت الحكمة ورجاحة العقل، أو إنْ أهملنا البحث عن توازن عاقل يحقق مكتسبات للأردن والأردنيين.
    استراتيجية المرحلة يلزم أن تُدرَسَ بعقل بارد وضمن معطيات صارمة، لا نُحسب على أي طرف، ولا نعادي أي طرف مجانا تبعا لأهواء أو جهل، كما حدث في قصة المفرق التي كادت تطيح بما تم بناؤه خلال الفترة الماضية.
    العبور بسلام يحتاج، أيضا، إلى تنسيق متكامل بين جميع المؤسسات الرسمية كما الشعبية والأهلية، لكي لا نشعر نحن، كمراقبين، أن كل من في مؤسساتنا يغني على ليلاه بسبب غياب التنسيق، وهو ما يعكس غياب الرؤية الكلية والخطة الواضحة ويزعزع الثقة بفكرة تكامل الجهود لتجاوز الصعب.
    ملخص المشهد؛ تحالفات واضحة وضبابية أحيانا أخرى، ومواقف متبدلة بين ليلة وضحاها، كما حدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب تماما، فقد نام وهو متقبل لفكرة بقاء بشار الأسد في سورية، وأيقظنا على ضربة عسكرية لمطار ردا على استخدام الكيماوي.
    "مشاكل صفر" مع كل الجيران، في ظل مشهد عدم الثبات وتبدل قواعد اللعبة باستمرار ووسط حروب مصالح وتحالفات وطوائف، تبدو معادلة من الصعب تحقيقها في حالتنا، ولكن ما يلزمنا معادلة واضحة بالعنوان العريض تقوم أولا وأخيرا على الحفاظ على مصالح الأردن وإبعاد شرور المنطقة عنه. عندها، سوف يكون بإمكاننا العمل على تمتين جبهتنا الداخلية، لتصبح أكثر تماسكا، ما يجعلنا مؤهلين لنتجاوز جميع الرياح التي تعصف من حولنا.





    [20-04-2017 09:04 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع