الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الأردن والقادم السوري

    أحداث اليوم - ضمن هذا الإطار العام من التحولات (التي تناولناها في مقالة أمس)، كيف يمكن أن يفكّر "مطبخ السياسات" في عمان، على صعيد الأمن الوطني والمصالح الحيوية لنا في الجوار، وفي المسار المطلوب بهذا الخصوص؟
    من المفترض، كما ورد على جدول أعمال البيت الأبيض، أن يكون الملف السوري أساسياً، على طاولة اللقاء، الذي جرى أمس، بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكما ذكرنا بأمس فإنّ هنالك تحوّلاً جوهرياً في السياسة الأميركية تجاه سورية، على صعيد إعادة تعريف الأهداف والمصالح الأميركية في سورية، لتأخذ هدفاً مزدوجاً؛ الأول أوليّة القضاء على داعش عسكرياً، والثاني تحجيم النفوذ الإيراني، ما يعني تغيّراً في المقاربة من عدم التدخل والاكتفاء بالضربات الجوية ضد التنظيم ودعم المعارضة والأكراد، إلى إيجاد مناطق نفوذ وقواعد عسكرية في داخل الأراضي السورية.
    هذا التطوّر الأميركي سينعكس على الرؤية الأردنية، بالضرورة، بخاصة في مجال الحرب على داعش، إذ أنّ التصوّر الأردني يقوم على فرضية قوية، تتمثل في أنّ الضغط على التنظيم في الموصل والرقة بصورة قاسية، كما يحدث حالياً، سيؤدي إلى "انحياز" أعضائه إلى البادية السورية، واقترابه من الحدود الأردنية، من ريف دير الزور إلى حمص، مروراً بالسويداء وصولاً إلى الركبان، ووفق المنظور الأمني الأردني فإنّ المعركة الأخيرة مع التنظيم ليست في الموصل ولا الرقة، بل هي في "بادية الشام"، بما في ذلك المنطقة المحاذية للأردن.
    ذلك سيقتضي، بالضرورة، وجود تصوّر أردني للتعامل مع خطر أكثر سفوراً ووضوحاً في المرحلة القادمة، في الجوار، ما يعني استعداداً عسكرياً أكبر، وتطويراً للخطط العسكرية في مواجهة التنظيم، وهو سيناريو سبق أن أشار إليه الملك في لقائه مع الكتّاب الصحافيين (في بداية العام الحالي)، لكن الجديد الآن أنّ الرؤية الأميركية باتت أكثر وضوحاً، والعمليات العسكرية ضد التنظيم أخذت مستوى مكثفاً أعلى، ما يعني أنّنا أمام "العد التنازلي" لهذا السيناريو.
    القضية السورية الثانية، على جدول أعمال الملك وترامب، تتمثّل في المناطق الآمنة، وهي فكرة طرحها ترامب في بداية عهده، ثم اختفت من خطابه، وبدت الأمور وكأنّ الأميركيين نسوها تماماً، بالرغم من أنّ الملك ناقشها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما في موسكو (قبل توجه الملك إلى واشنطن في زيارته السابقة، ولقائه الأول بالرئيس الأميركي ترامب)، وكان المفروض حينها إنضاج تعريف واضح عملي توافقي أميركي- روسي- أردني لمفهوم المناطق الآمنة، والمساحة الجغرافية التي ستشملها.
    ليس واضحاً بعد فيما إذا كان هنالك إمكانية بالفعل لبناء هذا التوافق، مع وجود طرف آخر معارض بقوة لذلك، وهم الإيرانيون، وربما ذلك يفسّر اشتعال جبهات القتال في درعا، خلال الفترة الأخيرة، في محاولة لإفشال تلك الفكرة، التي يرى فيها الإيرانيون استنساخاً لدرع الفرات، وللدور التركي في المناطق الشمالية.
    بالرغم من ذلك، فإنّ الفكرة الأردنية لها أساس أقوى، يتمثل في اتفاق وقف إطلاق النار النسبي، المطبق، منذ عام تقريباً، بتفاهمات أردنية روسية، وهو الاتفاق الذي يمكن تطويره ليصبح هو نفسه الأساس الصلب لفكرة المناطق الآمنة، بضمانات أميركية- روسية، ما قد يساعد على عودة نسبة من اللاجئين السوريين من الأردن إلى درعا، إلى حين إيجاد الحل السياسي في سورية.
    لكن، كما قلنا، فإنّ هذه الفكرة يعارضها الإيرانيون ويحاولون إفشالها من جهة، وتواجه من جهة ثانية تحدّي تعزيز علاقات الأردن بالفصائل في درعا والجنوب السوري عموماً وإقناعهم بالرؤية الأردنية، وإيجاد صيغة سياسية وأمنية وتنموية قادرة على تقديم البديل في المرحلة القادمة.





    [06-04-2017 01:16 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع