الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    نتائج مرضية

    بنجاحه في جمع أكبر عدد من القادة في قمة عمان المنعقدة في البحر الميت، وبحضور استثنائي لم يبلغ هذا المستوى الرفيع منذ سنوات طويلة، يظهر بوضوح مدى التقدير العربي للأردن، ودوره المهم في رأب الصدوعات العربية التي ازدادت مساحتها، خصوصا خلال سنوات ما تعرف بـ"الربيع العربي".
    اللافت أمس، كان غياب ملك المغرب الذي اعتذر عن عدم الحضور في اللحظة الأخيرة، رغم تأكيده المشاركة، في خطوة حملت خلفها تساؤلات عديدة، وبقيت الإجابات في إطار التكهنات.
    أما مقعد سورية الذي بقي شاغرا، فلا يعكس إلا مدى الاختلاف حول الأزمة في ذلك البلد الغارق بالحرب منذ ستة أعوام. ورغم ذلك، فقد حظي الملف السوري بالعديد من المداخلات، علاوة على الرسائل المتبادلة بين القادة الحضور.
    البعض قد يجادل بأن العدد ليس مؤشرا على النجاح. هذا الأمر سيكون صحيحا في ظل واقع مغاير لما نعيشه اليوم عربيا. بالنظر إلى الحال التي نعيشها، فإن استضافة هذا العدد من القادة في مكان واحد، وفي ظل ظروف صعبة تشهدها بلادنا، وتنافرات متأتية من اختلاف الرؤى والسياسات التي أفرزت انقسامات حادة تجاه الملفات المختلفة، هو نجاح كبير في حد ذاته.
    لكن المنجز لم يقتصر على العدد، بل على تطورات إيجابية تتعلق بملفات عديدة جرى التخفيف من حدّتها على ضفاف البحر الميت، وهي خطوة أولى نرجو أن يتم استكمالها بعمل عربي مشترك، لكي لا يتم الاكتفاء بـ"التخفيف"، بل نذهب إلى حل كامل لها.
    الأردن، بما يتمتع به من حضور واحترام وقبول، سعى إلى رأب الصدع بين دول عربية شهدت علاقاتها جفاء خلال الفترة السابقة، ليكون للقمة منجز مختلف، إذ جرى العمل على تقريب وجهات النظر السعودية المصرية، وعقد لقاء مهم بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حمل رمزية كبيرة أشّرت بوضوح إلى مصالحة بين القاهرة والرياض، خصوصا بعد أن تم الإعلان، خلال اللقاء، عن اتفاق بأن يزور السيسي المملكة العربية السعودية، ما يعني انفراجا مهما في العلاقة بين لاعبين أساسيين في منطقتنا.
    اللقاء الثاني المهم، والذي حمل مؤشرات إيجابية عديدة أيضا، هو اجتماع خادم الحرمين الشريفين مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وهو اللقاء الذي يأتي عقب زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لبغداد مؤخرا.
    المعلومات تقول إن الجهود التي بذلت لعقد هذه الاجتماعات ذات الدلالة المهمة كانت كبيرة، وقادها الملك عبدالله الثاني شخصيا، إيمانا منه بأهمية المصالحة العربية من أجل إعادة الحياة إلى العمل العربي المشترك، والمتوقف منذ سنوات.
    المنجز الآخر في القمة تمثل في توحيد الموقف حيال قضية العرب المركزية، إذ أجمع القادة على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يقوم على أساس مبادرة السلام العربية، وإقامة دولتين وفق حدود الرابع من حزيران العام 1967.
    النتيجة في هذا الملف كانت مرضية للأردن الذي وضع الملف الفلسطيني أولوية قصوى، وحقق مراده في هذا الجانب، كما في جوانب أخرى. كما أنها نتيجة مرضية للجانب الفلسطيني الذي تأكد أن العرب لن يتخلوا عن هذه القضية المصيرية.
    عنوان التوافق في هذا الملف عكسته كلمات القادة، وكذلك اللقاء الثلاثي؛ الأردني والمصري والفلسطيني.
    بالمحصلة، انتهت قمة عمان بنتائج مرضية، فقد خفّت حدة التوترات في بعض الملفات الدائمة، ووضع أساس يحتاج للبناء عليه خلال عام من تسلم الأردن للقمة العربية بعد أن كسر الأردن طبقات من الجليد وقرّب وجهات النظر.
    انتهت قمة عمان، واستطاع الأردن أن يسجل منجزا مهما خلالها، فالقمة، وبشهادة ضيوف عرب، ما كان لها أن تأتي بهذا الشكل والترتيب والنتائج لو كانت عقدت في بلد آخر.





    [30-03-2017 09:13 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع