الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عودة العروبة .. هل نحلم؟

    عصام قضماني
    هذا حضور قياسي تشهده قمة عمان لزعماء عرب لم تعتد عليه القمم السابقة فقد كان السؤال دائما عن من يحضر ومن يغيب.

    أهمية قمة عمان تأتي من أهمية التحديات التي تواجهها الأمة العربية اليوم وهي ليست مثل ما سبقها, فدائما كانت الخلافات السياسية هي سيدة الموقف أما اليوم فإن الأمة تواجه مقتلا في عصبها وهو إبتلاع التطرف الديني لكل تراثها وتركها ممزقة, هي الأيدلوجيا الجديدة التي تشهد تعاطفا شئنا أم أبينا بسبب غياب الشعور القومي الفاعل عن المشهد.

    ليس مطلوبا من القمة أن تبعث هذا الشعور الى الحياة بين ليلة وضحاها, فيكفي منها التركيز على القضايا العربية الأساسية التي تنفض الغبار عن اللحمة القومية العربية في موقف موحد حول قضية الأمة المركزية وهي القضية الفلسطينية والقدس عمادها.

    في ظل اختلاط المفاهيم وضياع الهويات الجامعة وتحول الإختلاف الى إقتتال تتعاظم أهمية مبادئ القومية في صياغة الروح العربية بقالب جديد, ليس لإعادة اللحمة العربية في مواجهة إختلاط الأفكار والمفاهيم والمخاطر بل لمواجهة التطرف والإثنيات والمذهبية والطائفية, هذه هي الصورة التي يقدمها الأردن اليوم للعالم العربي.

    آن الآوان لأن ننصرف لتحقيق وحدة الوطن والأرض والإنسان الممزق ورفع مستوى معيشة الانسان العربي ثقافيا وإقتصاديا وسياسيا وتعزيز مبادئ الحرية والعمل والابداع والابتكار وتكافؤ الفرص في مناخ تسود فيه روح العدالة والمساواة, بتجاوز العراقيل والمعيقات, والأخذ بأسباب العمل والانتاج بدلا من الأخذ بأسباب التراجع والتأجيل جمع أشلاء الإنسان العربي الذي مزقته الحروب وسرقت أحلامه آلة الحرب وفرقته النزاعات لاجئا هنا أو طريدا هناك.

    المنطقة العربية تموج اليوم في بحر من الظلمات, هذا هو الوصف الأكثر دقة لما يحدث, وبين ظلمات الأفكار والرايات, يتجلى التباين الواضح حد الإختلاف بين دوافع الإقتتال فيها, بين أنظمة تدافع عن وجودها في معركة لا تكترث فيها لمخاطر الأفكار التي تختبئ في ظلال الرايات المرفوعة فيها, وبين أخرى وجدت فيها فرصة لا تفوت لإستدعاء ثارات قديمة لم تدفن الإختلاف المذهبي الذي ما حل في مكان الا وتغمس بالدم والقتل والترويع.

    لم تتوحد جبهات المعارك ضد التنظيم الأخطر « داعش» تحت راية جامعة لا تواجه مقاتليه بل فكره وأهدافه والأيدلوجيا المشوهة التي يدعو اليها, فكان لكل الفرقاء مذهبه في القتال, وهو بلا شك كان وسيبقى من أهم مصادر قوة هذا التنظيم وسر إلتفاف بعض العراقيين السنة حوله وكثير ممن اكتووا بنار الطائفية المختبئة في عباءة الحزب الواحد في بلاد الشام. هل من راية جامعة تعيد تأصيل المعركة على قاعدة العروبة؟.

    لا يستدعي الأردن اليوم أحلاما تاريخية مضت بطموحاتها العروبية, وهو لا يرمي لأن تتوحد الجبهات تحت راية تاريخية لا تخصه وحده بل هي لكل العرب, لكنه يعيد إنتاج الأفكار التي حملت هذه الأحلام والتطلعات والأمال, ويدعو أبناء الأمة على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وأديانهم لإحياء الشعور العربي في مقارعة أصحاب الرايات السود ومن إختلف معهم على قاعدة الطائفة والمذهب.

    عمـان، توأم القدس، لم تنكفئ يوماً إن تعلق الأمر بمصير الامة، وها هو قلبها الشجاع يخفق تعصبا لها ولدينها الذي حملته للعالم برحمة وسلام، وإذ يرفع مليكها راية الشجاعة، ليقول ما يجب أن يقال في اللحظة الحاسمة للاستمرار في الدور التاريخي في محاربة الارهاب أيا كان منشأة ليس لضرورات وطنية أردنية، فحسب بل عروبية وقومية ودينية على صعيد الامة المثخنة بجراح هذا الارهاب في حربه المفتوحة ضد الامة العربية، وضد مشروعها النهوضي.





    [29-03-2017 09:29 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع