الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    قطيشات وعويس

    ليس صحيحا أن المواطن الأردني ناكر للجميل، ولا يميز بين المسؤول المنتمي والمسؤول "العاطل". على العكس تماما؛ يقدّر من أعطى وخدم بإخلاص ومن نجح بإحداث فرق في أداء المؤسسة التي تولى قيادتها.
    لاعتبارات قانونية غادر بعض المسؤولين ممن بلغوا السن القانونية مواقعهم القيادية في مؤسسات الدولة، كان من بينهم مدير دائرة الأحوال المدنية مروان قطيشات، والرئيس التنفيذي لشركة "مياهنا" المهندس منير عويس.
    الرجلان كانا على رأس مؤسستين تتصلان بالجمهور بشكل مباشر، وتقدمان خدمات حيوية وأساسية، طالما كانت هذه الخدمات محل اهتمام الجمهور، وغضبه أحيانا.
    "الأحوال المدنية" تتعامل مع ملايين الأردنيين، و"مياهنا" تخدم سبعين بالمائة من مشتركي المياه في الأردن. نجحت الأولى، بقيادة قطيشات، بإرضاء مراجعيها بطريقة عجيبة؛ فمن المرات النادرة أصبحنا نسمع مواطنين يخرجون من دائرة حكومية وهم يشكرون، خلافا لما كان عليه الحال في السابق، ولما هو عليه حاليا في بعض الدوائر الحكومية.
    وقدمت الثانية بإدارة عويس المهنية والصرامة، نموذجا لما يمكن أن تكون عليه صورة شركة حكومية، تدير قطاعا طالما سبب المتاعب للحكومات، لدرجة أن الشكوى من انقطاع المياه وسوء الخدمات، تحولت لسنوات مضت إلى حراك كسائر الحراكات السياسية والمطلبية التي ظهرت في الأردن.
    نجح عويس في تحسين مستوى الخدمات المقدمة، وضمان جودتها وعدالتها للمشتركين، وزيادة نسبة التحصيل، بعدد محدود من الكوادر الوظيفية مقارنة مع مؤسسات خدمية أخرى متخمة بالموظفين. وعندما توسع نطاق خدمات "مياهنا" لتشمل محافظة الزرقاء إضافة لعمان ومادبا، تمكنت الشركة، وبزمن قياسي، من معالجة الأوضاع المزرية لشبكة التوزيع في الزرقاء، وضمان وصول المياة النقية للمواطنين حسب الدور المرسوم، دون الحاجة لزيادة كميات الضخ، وتحسين نظام تلقي الشكاوى لضمان معالجتها على الفور، فمرت أشهر الصيف دون أن نشعر بها.
    كان الحصول على جواز سفر أو تجديده في السابق، يمثل كابوسا للمواطنين. في عهد قطيشات لم يعد الأمر ليحتاج أكثر من نصف ساعة، تمضيها في دائرة الأحوال لا تلقى خلالها غير الترحيب والتعامل المهذب من الموظفين. ومن يشعر بغير ذلك، فأبواب مكتب المدير مفتوحة، ولا تخرج من عنده إلا وقد أنجزت معاملتك.
    لم يتنازل قطيشات وعويس قيد أنملة عن الأنظمة والقوانين التي تحكم عمل الدائرة والشركة، لكنهما كانا يؤمنان بأن وجودهما في الوظيفة العامة هو لخدمة الناس، وتحقيق غاياتهم المشروعة، بعدالة وإنصاف.
    لم يكن هذا بالأمر العسير، فقد نحجت دوائرة عدة في الدولة بتطبيقه، كدائرة ترخيص المركبات التابعة للأمن العام، التي تغير وجهها تماما في السنوات الأخيرة، ولم تعد محل شكوى المواطنين كما كانت من قبل. فيما ما تزال دوائر أخرى تعاني الأمرين من التخبط والبيروقراطية ويلعنها الناس قبل مغادرتها.
    الفرق هنا يكمن في أسلوب القيادة، ونوعية المسؤول، ودرجة شعوره بالمسؤولية، بوصفها خدمة للناس، وإلا لماذا يمتدح المواطن مدير دائرة المواصفات العامة الدكتور حيدر الزبن، أو مدير مؤسسة الغذاء والدواء الدكتور هايل عبيدات كلما وردت سيرتاهما؟
    غادر عويس وقطيشات موقعيهما، وهما فخوران بما أنجزا، وأكبر إنجاز تقدير الناس واحترامهم، وعدا ذلك صغائر لا تستحق الوقوف عندها.





    [23-03-2017 09:17 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع