الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الأردن و"ألغام درعا"!

    استثمر ما يسمّى "جيش خالد بن الوليد"، وهو جزء من تنظيم "داعش"، عملية "الموت ولا المذلة" (التي تنفذها فصائل المعارضة السورية المسلحة ضد النظام السوري في حيّ المنشية، وتشترك فيها غرفة عمليات "البنيان المرصوص" مع "أحرار الشام" و"هيئة تحرير الشام") ليقوم بفك الحصار الذي يتعرّض له منذ قرابة ستة أشهر في قرى حوض اليرموك في الريف الغربي لدرعا.
    التنظيم تمكن إلى الآن من السيطرة على بلدات جديدة (سحم الجولان، وعدوان، وتسيل)، بالإضافة إلى تل الجموح الاستراتيجي، وعزّز من وجوده في حوض اليرموك وغرب درعا، ووسّع من مناطق نفوذه وسيطرته، بينما أصبحت فصائل المعارضة المسلّحة، بخاصة الرئيسة منها (أحرار الشام، تحرير الشام، البنيان المرصوص) موزّعة بين معركتين كبيرتين؛ ضد النظام و"داعش" على السواء!
    في وقت سابق، كان رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق محمود فريحات، قد أشار إلى أنّ تنظيم "داعش" (خالد بن الوليد) يبعد مسافة كيلومتر واحد عن حدودنا الشمالية الغربية، أي في المثلت الأردني-السوري-الإسرائيلي، لكنّ التنظيم كان حينها محاصراً ويصارع من أجل البقاء. أمّا الآن فيبدو أنّ الأمور –مرحلياً- بدأت تتحوّل لصالحه، ما يزيد من خطورة التهديد الذي يشكّله على الأمن الوطني الأردني بصورة أكبر مما سبق!
    الموقف الجديد يعقّد الأوضاع في درعا أكثر. إذ كان الأردن قد نجح خلال الأشهر الماضية في إقرار تفاهمات مع الروس، وسعى أخيراً إلى تطويرها لإقامة "منطقة آمنة" تمتد من التنف في أقصى الحدود الجنوبية-الشرقية لسورية، وصولاً إلى الجولان المحتل، بما يحمي سكان المنطقة أولاً، ويشكّل فرصة، ثانياً، لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وربما إعادة نسبة من اللاجئين السوريين إلى مناطقهم، بعد ضمان أمنهم الإنساني.
    فكرة المناطق الآمنة أصبحت "طموحاً" أردنياً في الأوضاع الراهنة، لأنّها –أي تلك الفكرة- هي أفضل ما يخدم المصالح الأردنية والأمن الوطني. وتمسّك الأردن بها بعد أن طرحها الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، وأبدى الروس قبولاً مبدئياً بها.
    لكن المشكلة في تناقض الأجندات الدولية والمحلية. إذ لا يبدي النظام السوري ومعه الإيرانيون ارتياحاً لمشروع "المناطق الآمنة"، لكنّهم لا يسعون إلى مواجهته بصورة مباشرة، خشية الاصطدام مع الروس. لذلك، لجأوا إلى تخريب الهدنة عبر قصف لمواقع المعارضة ومحاولة الوصول إلى منطقة "الجمرك" الحدودية، ما دفع بالمعارضة إلى الاستنفار والإعلان عن بدء عملية "الموت ولا المذلة".
    الإيرانيون والنظام السوري يشعرون بأنّ "إنجازهم العسكري" في حلب أصبح مهدداً، بعدما نجح الأتراك في الدخول إلى سورية عبر عملية "درع الفرات"، ويسابقون الوقت للسيطرة على مناطق وربطها، وإقامة "منطقة آمنة" بالتفاهم مع الأميركيين والروس. وهي الخطة التي عرضوها –أي الأتراك- في اجتماع الأستانا الأخير، ما أدى إلى انفجار الخلافات بين الطرفين، وارتفاع القلق من انهيار الهدنة العسكرية بكاملها، لولا النفوذ الروسي الذي يلجم الخلافات بين الطرفين.
    خشية نظام الأسد والروس هي من استنساخ التجربة في الجنوب السوري، وحرمان النظام من التقدّم في هذه المنطقة. لذلك، يسعى الجيش النظامي إلى إشعال درعا للتشكيك بقدرة الأردن على إقامة المناطق الآمنة في الجنوب.
    إذاً، هناك تطورات دراماتيكية تحدث في درعا، وهناك ألغام تزرع بكثافة حالياً ضد فكرة "المنطقة الآمنة"، من الضروري ملاحظتها وتقييمها، هذا أولاً. وثانياً، تشير أغلب التقارير إلى تسرب قيادات وعناصر من "داعش" إلى ريف دير الزور، وصولاً إلى السويداء، ما يعني أنّ حجم التحدي أصبح كبيراً، بينما يرفض الأردن أن يكون البديل عن الجيش الحرّ على حدودنا هو الحرس الثوري الإيراني وحزب الله.





    [23-02-2017 09:46 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع