الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل تترك إسرائيل الدقامسة ليعيش حرا؟

    يقول ذوو أحمد الدقامسة، المحكوم بالسجن المؤبد على خلفية قضية قتل الفتيات الإسرائيليات السبع العام 1997، إن مدة محكوميته (20 سنة شمسية) ستنتهي بعد ثلاثة أسابيع. وعليه، فمن المفترض أن يغادر السجن في الثاني عشر من الشهر المقبل.
    طالما كان رد السلطات عند السؤال عن الوضع القانوني للدقامسة بعد انتهاء مدة محكوميته، هو أن الدقامسة سيبقى في السجن لحين قضاء مدة الحكم، ما يعني ضمنا إطلاق سراحه في الموعد المفترض.
    وفي الأيام الأخيرة، تناقلت وسائل إعلام تصريحات لمسؤولين حكوميين تؤكد قرب الإفراج عنه.
    لم يتوقف الجدل حول قضية الجندي "المسرح" منذ يوم حادثة الباقورة. في نظر تيار واسع جدا من الناس، بدا الدقامسة بطلا. لكنّ سؤالين أخلاقيين ظلا مثار نقاش على الدوام. السؤال الأول يخص الدقامسة الجندي ومدى شرعية فعلته كعسكري، خاصة أنها وقعت على الأراضي الأردنية. والثاني يتعلق بكون القتيلات فتيات صغار السن لا جنودا في جيش الاحتلال.
    لم يحسم الجدل الجواب عن السؤالين. وكثير ممن يقرّون بوجاهة السؤالين، سرعان ما يستدعون سيرة الاحتلال الإسرائيلي وجنوده في قتل الأبرياء الفلسطينيين من أطفال وشيوخ ونساء عزل، ليوثّقوا قناعتهم بوصف البطولة للدقامسة.
    من المتوقع أن يعود الجدل من جديد حول الدقامسة عندما يغادر السجن. لكن المزاج الشعبي الذي تشكل حوله قبل عشرين عاما، ما يزال على حاله، لا بل إن الوضع المزري الذي بلغته فكرة السلام مع الإسرائيليين، والغضب المتصاعد من سلوك الاحتلال العدواني بحق الشعب الفلسطيني، سيجعلان من الصعب على الرافضين لما أقدم عليه الدقامسة أن يجاهروا برأيهم الذي لا يرى في قتل طفلات عملا بطوليا.
    واضح من عديد المؤشرات أن الدقامسة سيستقبل من قبل أنصاره كبطل، وسيسعى كثيرون إلى جعله "رمزا" وطنيا يحتفى به أينما حل. لكننا لا نعلم بعد كيف ينظر الدقامسة إلى حياته بعد السجن؛ هل سيقبل ويعيش دور الشخصية الرمزية، أم أنه يفكر بحياة طبيعية بعيدا عن الأضواء والمهرجانات الخطابية؟
    لكن السؤال الأخطر في اعتقادي هو: هل ستترك إسرائيل الدقامسة ليعيش حرا من دون أن تفكر في الانتقام منه؟
    لا شك أن أصواتا غاضبة في إسرائيل سترتفع مستنكرة إطلاق سراح الدقامسة، حتى بعد أن أنهى محكوميته. وكثيرا ما زارت وفود تمثل ذوي الطالبات القتيلات في حادثة الباقورة، السفارة الأردنية في تل أبيب للاحتجاج على مبدأ خروجه من السجن. وقد تقابل هكذا خطوة بردود دبلوماسية عنيفة من حكومة نتنياهو المتخمة بالمتطرفين وممثلي عصابات المستوطنين. وليس مستبعدا أن يأتي العتب من واشنطن أيضا.
    لكن ذلك كله يمكن التعامل معه بالطرق الدبلوماسية. الأهم هو إذا ما أقدمت إسرائيل على التفكير في تصفية حسابها من الدقامسة شخصيا، في إعادة لسيناريو محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان قبل عشرين سنة تقريبا.
    الزمن لم يتغير كثيرا؛ فنتنياهو الذي كان على رأس الحكومة في ذلك الوقت، هو ذاته اليوم رئيس وزراء إسرائيل.
    لكن هل غيرت الطريقة الحازمة التي تعامل بها الأردن مع حادثة مشعل من نظرية نتنياهو وجهاز الموساد تجاه الأردن؟
    ثمة من يعتقد أن نتنياهو تعلم الدرس، ويعرف كلفة الإقدام على عمل أحمق. آخرون يخالفون هذا الرأي؛ إسرائيل لا تعرف خطوطا حمراء، ولا تكف عن ملاحقة أعدائها أينما كانوا، والذاكرة مليئة بالاغتيالات المدبرة.





    [21-02-2017 10:12 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع