الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    تبريد سخونة المزاج العام

    على مدى الأسابيع الماضية، وجه رئيس الوزراء د. هاني الملقي، حكومته لجملة من الإجراءات التي أظنها، إن نُفذت كما يتمنى الرئيس، ستُسهم في بث رسالة إيجابية للرأي العام، مفادها أن الحكومة شريكة المجتمع في "الغرم والغنم".
    فما يسعى إليه الملقي، إن تمّ بصدق وحزم ومن دون استثناءات، سيوصل إلى الناس حتماً أن الحكومة تحاول التقليل من التشوهات التي طالما استفزت الأردنيين، كونها انعكاسا لنمط إنفاق لا يعكس حقيقة وجود أزمة مالية خانقة.
    طبعاً، الكل يعلم أن الأثر المالي لكل الإجراءات المعلنة من الرئيس مقارنة بحجم المشكلة المالية، هو أثر محدود؛ قد لا يقدم الكثير في سبيل حلها. بيد أن القيمة المعنوية لهذه الإجراءات، عبر إسهامها في تغيير الانطباعات الشعبية السائدة، تبدو في أنها تؤدي حقاً إلى تبريد جزئي للمزاج العام السيئ، الناجم عن قرارات رفع الأسعار التي اتخذتها الحكومة أو تلك التي هي بصدد اتخاذها.
    ومن ثم، يمكن وصفه حُكم الفريق الذي يرى أن مثل هذه الإجراءات ليست إلا ذراً للرماد في العيون بالمجتزأ، لأن التشوهات والاختلالات أكبر بكثير من سيارات وفاتورة خلوي وأثاث مكتب. إذ طالما أدى إنفاق الحكومات التفاخري إلى استفزاز الناس؛ وكلنا يذكر كيف تداول المواطنون قصة فاتورة فناجين القهوة لمكتب أحد الوزراء، وأشبعوها نقداً وسخرية يعبران عن حنق في الواقع.
    الإجراءات الحكومية متعددة هنا؛ تبدأ بوقف شراء المركبات والأثاث، وأيضا ضبط استخدام المركبات الموجودة؛ بحيث يساعد وقف نمط الإنفاق المستفز من مسؤولين في تحسين الموقف الشعبي من الحكومة، ولو قليلاً.
    ومن جملة القرارات أيضا، دراسة المبالغ التي يتم توزيعها على ممثلي الحكومة في مجالس إدارات الشركات المملوكة لها، بحيث تُحدَّد سقوف لهذه المبالغ، فيما تتم إعادة الوفر إلى الخزينة.
    وتفصيلاً، فإن المفترض تحويل جميع البدلات والمكافآت التي يتقاضاها ممثلو الحكومة في المؤسسات والشركات إلى صندوق خاص في وزارة المالية، ليتم تالياً توزيع هذه الأموال على جميع ادلممثلين بعدالة، اعتبارا من الأول من شباط (فبراير) الحالي، حتى لو كان الشخص ممثلا للحكومة في أكثر من مجلس إدارة. ومثل هذا القرار يساعد في وقف الحديث عن أن دخل المسؤول الفلاني يبلغ كذا، ومكافآت آخر تقدر بكذا.
    ويصب في الهدف ذاته قرار تقليص بعثات السفر، لأن مثل هذه المسلكيات صارت أيضاً مصدر استفزاز للأردنيين.
    أيضا، تبدو مفيدة فكرة اقتطاع نسبة 10 % من الرواتب التي تزيد على ألفي دينار شهرياً، بدءاً من الأول من شباط (فبراير) الحالي. وهو القرار الذي يشمل كل العاملين في القطاع العام، بمن فيهم رئيس الوزراء والوزراء. لكن هذه الخطوة ما تزال بحاجة إلى توضيح من الحكومة.
    الأمر ذاته ينطبق على التوجه لوضع سقف لمداخيل العاملين في القطاع العام، بقيمة 3500 دينار. وقد تشكلت لجنة حكومية لتحقيق هذه الغاية، تضم وزارتي المالية وتطوير القطاع العام، تتولى دراسة الفكرة، والتنسيب بناء على ذلك لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، بما يمثل الحد الأعلى للرواتب الحكومية.
    ومع المعرفة المسبقة بالشعبية التي تتمتع بها الخطوة الأخيرة، فإن المضي فيها يتطلب دراسة معمقة ودقيقة، بحيث لا نفقد ما تبقى من كفاءات في القطاع العام، خصوصا أن القرار سيشمل الوزارات والدوائر الحكومية المدرجة ضمن قانون الموازنة العامة، كما الهيئات المستقلة والمؤسسات والشركات المدرجة ضمن قانون الوحدات الحكومية.
    بالمحصلة، الشارع غاضب من كل قرارات الجباية؛ والخطوات السابقة، رغم أنها جزئية، تحمل أثراً معنوياً كبيراً إن طبقت، كما قلنا، بمهنية وعدالة من دون استثناءات.





    [05-02-2017 09:17 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع