الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل يتوقف الكلام المكرور؟

    يمتلك وزير المالية عمر ملحس، "كشرة" وزير مالية بلا شك؛ وابتسامته إن ظهرت فإنه يرسمها بتحفظ! وهو بتلك "الكشرة" كأنما يحاول أن يخبرنا كم أن الوضع الاقتصادي معقد، ما يفرض علينا المضي في تنفيذ الإجراءات الصعبة التي ستتخذها الحكومة خلال العام الحالي.
    خلال لقاء صحفي أمس، تحصن الوزير بحضور المسؤولين المرتبطين بوزارته؛ بدءا من أمين عام الوزارة، وكل المؤسسات التابعة لها. لكنه لم يستعن بهم إلا للاستيضاح عن تفاصيل قوائم السلع والخدمات التي تمسها زيادة ضريبة المبيعات.
    أما وزير الإعلام د. محمد المومني، والذي أدار لقاء أمس، فقد سعى بكل مرونته وابتساماته، إلى أن يمهد الطريق للوزير ملحس؛ فقدمه "وزيراً محباً للصحافة". مضيفاً أن كل ما يفكر فيه ملحس نابع من الالتزام بتطبيق "برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني" على حد تعبيره؛ تماماً كما أن كل ما تقوم به حكومة د. هاني الملقي عموماً نابع من إحساس بالمسؤولية تجاه الوضع الاقتصادي الصعب، وضرورة المضي بالأردن على الطريق الصحيحة، ولتكون القرارات التي ستُقدم عليها الحكومة هي أول الحل.
    عند هذا الحد توقف المومني عن الكلام، مسلّماً الدفة لملحس الذي أعادنا إلى البدايات؛ إذ شرح ظروف التزام الأردن ببرامج إصلاح مع صندوق النقد الدولي منذ العام 1989، متسائلا هو نفسه عن أسباب الفشل والاستمرار في تكرار هذه البرامج منذ ذلك التاريخ.
    وزير المالية استرسل في التفاصيل، فتحدث عن خضوع المملكة لبرنامج إصلاح مالي في الفترة 2012-2015؛ وأننا نتابع العمل ببرنامج جديد مع "الصندوق" الذي عدنا إليه بإرادتنا؛ فلا توجد -كما اتفق ملحس والمومني- إملاءات من المؤسسة الدولية. لكن وزير المالية إذ أشار ضمن أسباب عدم تحقيق أهداف برامج الإصلاح السابقة، إلى المطالب الشعبية؛ فإنه أغفل السبب المتعلق بأداء الحكومات نفسها؛ التي استمرأت التوسع في الإنفاق بعيدا عن حجم الموارد المالية.
    مشاكل المالية العامة، بحسب ملحس، أربع. على رأسها عجز الموازنة العامة الذي يعتبره مرضاً مزمناً يعانيه الاقتصاد منذ خمسينيات القرن الماضي على الأقل. وهو عجز ذو صلة وثيقة بالمديونية التي وصفها الوزير بـ"المرتفعة لكنها غير الخطرة"، ونسبتها اليوم 94 % من الناتج المحلي الإجمالي. أما المشكلة الثالثة، فتتمثل بتراجع نسب النمو التي بلغ متوسطها خلال الفترة 2010-2016 بين 2 و3 %، مقابل 7.3 % خلال الفترة 2004-2009. مترافقا هذا التراجع مع نمو سكاني مرتفع؛ لأسباب طبيعية ونتيجة اللجوء.
    المهم بعد ذلك، انتقال ملحس ليشرح بعض تفاصيل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؛ وأن الحل للالتزام بما هو مطلوب تحصيل 450 مليون دينار. مؤكدا أن كل ما تفعله الحكومة لن يضر بالفقراء ومحدودي الدخل وجزء من الطبقة المتوسطة؛ موضحاً ذلك بشرح حجم الإعفاءات القائمة أصلا، ومقدارها 3 مليارات دينار خلال العام 2015.
    ملحس سعى إلى تأكيد أن عملية تحديد رفع الضريبة على قوائم السلع والخدمات المختلفة، أخذت وقتا طويلا، تم خلاله مراجعتها أكثر من مرة؛ حتى لا يقع ضرر على الشرائح المستهدفة. ثم تلا الوزير على مسامعنا قائمة طويلة من السلع التي لن تقترب منها الحكومة، مؤثراً في المقابل الحديث بعمومية عن قطاعات سيمسها الرفع، مثل الاتصالات والطاقة.
    بالمحصلة، بدا الهدف من اللقاء إيصال رسالة واحدة، هي أن الحكومة جادة في عدم المس ببعض الشرائح، وأن ما تقوم به ليس إلا التزاما مسؤولاً ببرنامج "الإصلاح". فما بعد لقاء ملحس المومني، قال لنا الوزيران إن ما سيتم سيضع الاقتصاد على "السكة". لكن لا ندري هل سنسمع هذا الكلام من حكومات المستقبل، لأن كلام الوزيرين أمس مكرور؛ سمعناه من أكثر من حكومة على مدى السنوات الطويلة الماضية.
    حكومة الملقي ستجبي الـ450 مليون دينار المطلوبة. لكن يبقى السؤال: متى سيتوقف هذا النهج والنمط من سياسات التوسع في الإنفاق، وزيادة الإيرادات؟!





    [31-01-2017 09:07 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع