الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الوجوه الأخرى للخطر!

    انتقلت مصادر التهديد الأمني الخارجية والعسكرية للأردن، مع اشتداد عملية الموصل العسكرية، إلى المناطق الشمالية الشرقية من الحدود الأردنية- السورية والأردنية-العراقية، مع انتقال نشاط تنظيم "داعش" إلى "بادية الشام"، في دير الزور وريفها وريف حمص، الموازية للحدود الأردنية- السورية الشمالية الشرقية.
    هذه المنطقة تتحوّل لتصبح بمثابة التهديد العسكري والأمني رقم (1) بالنسبة للأردن. وانفجار مفخخة يوم السبت الماضي في سوق مخيم الركبان يؤشر إلى أنّ العملية فشلت؛ فلا توجد مصلحة للتنظيم في استهداف المدنيين. وعلى الأغلب أن تنظيم "داعش" وراء ما حدث، وأن الهدف هو إمّا عملية أخرى ضد الجيش الأردني أو الفصائل الموالية للأردن.
    من المتوقع أن يخسر التنظيم صيف العام الحالي، أغلب وجوده و"دولته" في الموصل. والمنطقة المرشّحة التي بدأ التنظيم يحضّرها لـ"انحياز" عناصره في المرحلة المقبلة، مع وجود ضغوط أخرى في الرقة، هي بادية الشام، ومركزها مدينة دير الزور. ورأينا كيف أنّه أعاد بناء قدراته واستعاد مدينة تدمر، ويحاول اليوم إخراج الجيش السوري بالكلية مما تبقى له من دير الزور، أي المطار العسكري.
    ذلك يعني أنّ مصادر التهديد أصبحت أكثر وضوحاً وقرباً وتماسّاً مع الأردن. لكن الوجه الآخر الأكثر تعقيداً لمصادر التهديد والخطر يتمثّل بمعادلة الإنساني والأمني على الحدود الأردنية. فبعد تفجير الركبان في حزيران (يونيو) من العام الماضي، قام الأردن بتشديد الإجراءات العسكرية والأمنية مع المخيم، والتعامل مع الوضع الإنساني فيه بالحدّ الأدنى، نظراً لوجود قراءات مقلقة بتغلغل عناصر من "داعش" في المخيم.
    المعضلة تبدو هنا في أنّه في الوقت الذي يحق للأردن القيام بالإجراءات الاحترازية الأمنية والعسكرية، فإنّ التنظيم الذي يسعى إلى التمدد في تلك المناطق، ويعتبرها أولوية له في المرحلة المقبلة، يجد في المخيم المكتظ بالسكان من الأطفال والنساء، في ظروف إنسانية قهرية، بيئة مناسبة للتجنيد والدعاية والنشاط، ما يضاعف من حجم الخطر في حال نجح التنظيم في هذا المسعى، ويحوّل المخيم إلى كارثة أمنية، بالإضافة إلى المعاناة الإنسانية المرتبطة به.
    الأردن متنبّه للخطورة العسكرية والأمنية المترتبة على التطورات الجديدة، ويعتمد اليوم على استراتيجية "الوسادات" العسكرية، التي حققت نجاحاً كبيراً في درعا في الأعوام الماضية. وبعد فشل تجربة "جيش سورية الجديد" (العام الماضي)، المدعوم أميركيا وبريطانياً، فإنّ الأردن يدعم فصائل محلية في بادية الشام، مثل "جيش العشائر"، لمواجهة "داعش".
    التعقيدات تظهر أكثر في حالة الصراع بين هذه الفصائل في محاولة السيطرة على مخيم الركبان. فجيش العشائر (الموالي للنظام السوري) يتنافس مع ما يسمى "أسود الشرقية" (الأقرب إلى دول الخليج العربي، وهو جزء من "جبهة الأصالة والمعاصرة"). وكلاهما من الصعب الاعتماد عليه في مواجهة تنظيم "داعش"، بخاصة أنّ تجربة "جيش سورية الجديد" الذي كان أكثر تأهيلاً وجدية وتدريباً، تلقت ضربة قاصمة منذ البداية في المعارك الجارية.
    "نظرية الوسادات" تتعرض لمشكلة أكبر في ظل حالة "الهدنة العسكرية" التي نجح الأردن في عقدها مع الروس. ففي حال انتهت، وأصرّ الجيش السوري على الانتقال إلى درعا، بعد الانتهاء من ريف دمشق، فإنّ هذه الفصائل ستكون أمام خيارين: الأول، هو الاستسلام والانتهاء. والثاني، هو الانتقال إلى صفوف تنظيم "داعش" في بادية الشام، وإلى "جيش خالد بن الوليد" في ريف درعا الغربي. وستنقسم العناصر بين هذين الاحتمالين، ما يعني أنّ التنظيم سيجد موارد جديدة وسينقلب دور الوسادات إلى الجانب الآخر!
    نحن أمام منعرج مهم فيما يتعلق بالمناطق الحدودية الشمالية الشرقية والشمالية المحاذية لنا، على أكثر من صعيد، وبصورة متداخلة إنسانياً وعسكرياً وأمنياً.





    [24-01-2017 09:17 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع