الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أرقام صماء لكنها خطرة

    أيضا هذه المرة، ستنجح الحكومة في تمرير موازنتها كما قدمتها إلى النواب، اللهم إلا تعديلات طفيفة أدخلها النواب، لا تعني أبداً تغيراً هيكلياً في بناء وهندسة الموازنة العامة.
    بالنتيجة، ستجبي الحكومة إيرادات جديدة مقدارها 450 مليون دينار، وبما يفيد بالتوسع في الإنفاق غير الصحي. مع الإشارة إلى الجهود النيابية التي بذلها رئيس مجلس النواب وعدد من الأعضاء الآخرين لتقديم بدائل للحكومة، تُعفي الأخيرة من الاقتراب من جيوب الأردنيين.
    الجهد النيابي الذي بذل على مدى الأسابيع الماضية، وتم من خلاله التوافق على 11 مقترحا لزيادة الإيرادات من بنود لا تضر بحياة الأردنيين بشكل مباشر، شمل فرض رسوم جمركية ولوحة أردنية على كل مركبة تحمل لوحة غير أردنية؛ ورفع رسوم الإقامة للمقيمين الأجانب والوافدين؛ واستيفاء مبلغ دينار شهريا على كل خط خلوي. كما شمل تعديل نظام ورسوم تصاريح العمل لغير الأردنيين؛ وتعديل قانون التقاعد؛ إلى جانب الاتصال المباشر مع أبناء غزة المقيمين في الخارج وتقديم عروض استثمارية لهم. وأيضاً السماح بتمليك العقار بمساحات محددة للمقيمين في الأردن ممن تجاوزت إقامتهم مدة خمس سنوات، شريطة عدم التوطين والتجنيس.
    عند هذا الحد، تجاوزت حكومة د. هاني الملقي "أزمة" الموازنة. وبذلك أيضاً يكون مجلس النواب قد ساعد الحكومة في سحب فتيل القنابل التي ألقتها حين أعلنت عن رفع سعر أسطوانة الغاز، وزيادة الضريبة على البنزين والديزل بمقدار 7 قروش للتر، وزيادة ضريبة المبيعات لتوحيد النسب عند %16 على مختلف السلع والخدمات، إضافة إلى إلغاء الإعفاء. مع ذلك، ليست لدينا إجابة حتى الآن عما إذا كانت الحكومة ستوقف خططها التي تضرب المستوى المعيشي لمحدودي ومتوسطي الدخل من المواطنين.
    بالنتيجة، موازنة 2017 بقيت على عيوبها. وهي بالمحصلة موازنة كارثية! لأنها، أولا وأخيرا، لم تشرع بحل مشكلات الاقتصاد العويصة، فلم تضعنا بالتالي على طريق رحلة العلاج.
    ما يفضح العشوائية وغياب الخطة والرؤية في وضع الموازنة، عبر اعتماد أساليب تقليدية، هو أرقام الموازنة نفسها. إذ تفيد هذه الأرقام بأن الحكومة الحالية مهدت الطريق لنفسها -إن بقيت في "الدوار الرابع"- للمضي في العامين 2018 و2019 في زيادة الجباية، لتحصيل مزيد من الإيرادات العامة، ولا سيما مع توقعاتها غير المتفائلة بخصوص بند "المنح الخارجية" التي تتناقص بحسب ما تشير الأرقام ذاتها. فيما بشأن بند الإيرادات المحلية، تُعلمنا الحكومة -وفقا لمشروع قانون الموازنة العامة، وتحديداً في خلاصة الموازنة بالجدول رقم 6، وتفاصيل الإيرادات العامة بالجدول رقم 8- أنها ستُحصّل نحو 900 مليون دينار إضافية في العام 2018، وأكثر من مليار دينار إضافية في العام 2019، ليصل مجموع الإيرادات المحلية المقدرة إلى نحو 9.3 مليار دينار.
    قد يقول قائل: هي أرقام تأشيرية ليس إلا. وذلك صحيح، فالأرقام قد لا تتحقق. لكن الأكيد أن حكومة الملقي لم تبدأ بالإصلاح الحقيقي، ولم تتخلَ عن فكرة الجباية، حتى وهي ترسم لنا خططها المستقبلية.
    وصحيح أيضا أن الأرقام صماء، لكن بقراءتها تقول لنا إن الحكومة الحالية لن تجنبنا شرور الأزمات المالية؛ إذ لا تحصّن الاقتصاد في مواجهة التحديات الكبيرة التي تعصف بالاقتصاد، لكأن القاعدة: "أنا مسؤول دوري جباية المال، وليس حل المشكلات"!
    في موازنة 2017 ترحيل لحل المشكلات، وسطحية في المعالجة، ولا أريد القول تنصّل من المسؤوليات. فالواضح الجلي أنها لم تخرج من عنق الزجاجة، بل على العكس؛ عنق الزجاجة يضيق.





    [19-01-2017 09:16 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع