الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    قبل أن تقع الكارثة

    تقدم 3 أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي قبل يومين، بمشروع قرار يقضي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة على الفور، امتثالا لقانون أقره الكونغرس بهذا الخصوص العام 1995.
    القرار المعروض للتصويت في وقت لاحق، يهدف، على ما صرح أحد مقدميه، إلى سد الثغرة التي تستغلها وزارة الخارجية الأميركية للامتناع عن تنفيذ القانون.
    تحرك أعضاء الكونغرس ليس خطوة معزولة، أو بلا قيمة، وإنما في هذه المرحلة يلتقي تماما مع توجه قوي ومعلن عند إدارة دونالد ترامب التي توشك على تولي مسؤولياتها.
    وبخلاف التقديرات حول وعود رئاسية سابقة بنقل السفارة إلى القدس المحتلة، يشعر ساسة أردنيون وأصحاب قرار بأن ترامب سيفي بوعده هذه المرة. وقد بدا من تصريحاته الغاضبة التي أطلقها عقب تبني مجلس الأمن الدولي لقرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بأن الرئيس الأميركي الجديد ينتظر بفارغ الصبر حلول تنصيبه، ليرد لحليفته إسرائيل الاعتبار بعد الصفعة التي تلقتها من إدارة باراك أوباما في مجلس الأمن الدولي.
    وأول ما يفكر فيه هو اتخاذ قرار نقل السفارة الأميركية، رغم التعقيدات الإدارية والإجرائية التي تحول دون تنفيذ القرار على الفور. ولا يعرف ما إذا كان تبني الكونغرس لقرار سيساعد ترامب على تنفيذ الخطوة من دون تأخير.
    نقل السفارة إلى القدس المحتلة، يعني اعتراف أميركا بأن "القدس الموحدة" هي عاصمة إسرائيل، يصبح مستحيلا بعده الحديث من جديد عن مفاوضات وحل نهائي، يستثني القدس المحتلة عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة.
    بالنسبة للأردن، يعني قرار كهذا انقلابا صارخا على ثوابت حل الصراع العربي الإسرائيلي، وتعديا على الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، لأن الدور الأردني المنصوص عليه في معاهدة السلام مع إسرائيل، ينطلق من مبدأ أساسي، هو أن القدس الشرقية جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، والقول الفصل بشأنها يكون عبر مفاوضات الحل النهائي.
    قد لا يكون بوسع الأردن منع إدارة ترامب من القيام بخطوة كارثية كهذه. لكن تحركا عربيا استباقيا قد يدفع الإدارة الأميركية إلى مراجعة حساباتها، والنظر بواقعية وحكمة إلى مجمل الصراع في الشرق الأوسط.
    وربما يكون من المناسب عدم انتظار القمة العربية نهاية آذار (مارس) المقبل في الأردن، والشروع في تحرك فوري على مستوى الجامعة العربية، والقيادات العربية البارزة، لإعداد خطة للتحرك الدبلوماسي العاجل، على جميع المستويات، والتوجه لقيادات الكونغرس الأميركي لشرح المخاطر المترتبة على القرار، والضرر الذي سيلحق بمصالح أميركا في المنطقة.
    وفي الوقت نفسه، يتعين العمل منذ الآن على تطوير خطاب أردني للتعامل مع القرار في حال اتخاذه، وكيفية إدارة ردود الفعل الداخلية، والضغوط التي ستتعرض لها الحكومة لاتخاذ مواقف تتجاوز قدراتها.
    في كل الأحوال، عهد ترامب ينذر بمرحلة صعبة تنتظر القضية الفلسطينية، لن نكون هنا في الأردن بمنأى عن عواقبها.





    [05-01-2017 09:07 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع