الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    لماذا غضب حمّاد؟

    لم تكن صورة تقليدية في المشهد السياسي الأردني ما حدث أوّل من أمس؛ عندما احتجّ وزير الداخلية سلامة حمّاد، مع قراءة نائب رئيس الوزراء، وزير التربية والتعليم د. محمد ذنيبات، طلب الحكومة من مجلس النواب تأجيل التصويت على مذكرة حجب الثقة عن وزير الداخلية (على خلفية ما اعتُبر تقصيراً في أحداث الكرك) مدة عشرة أيام.
    الوزير حمّاد الذي ضرب على الطاولة محتجاً، بالرغم من أنّ تسريبات الحكومة تؤكّد على أنّه أُخبر بقرار رئيس الوزراء (المتواجد في عزاء والدته حينها)، كان يدرك تماماً أنّ قرار التأجيل ليس في صالحه، بل كان التصويت على المذكّرة، وفشل التصويت (كما كان متوقعاً)، يصب تماماً لصالح الوزير، لسببين رئيسين؛
    السبب الأول، أنّه بمثابة تبرئة للوزير من تهمة التقصير في أحداث الكرك، من قبل مجلس النواب. وهو ما يعني –على النقيض من هدف مذكرة الحجب- تجديد الثقة بالوزير، ومنحه قوة جديدة.
    والسبب الثاني، أنّ الوزير يدرك أنّ طلب الحكومة مرتبط بحديث جدّي عن تعديل وزاري موسّع، يتم الإعداد له في "الكواليس" (وفق التوقعات بعد القمة العربية المرتقبة في عمان، وقد يكون قبلها بعد أحداث الكرك، وواقعة مجلس النواب أول من أمس)، وسيكون هو من أبرز الخارجين من الفريق الحكومي، فلا يريد أن يبدو وكأنّه "كرة" يتم تقاذفها بين مذكرة حجب الثقة ووعود غير معلنة بخروجه في التعديل الحكومي!
    كان الوزير يريد كسب نقاط في المعركة الداخلية في الحكومة، وأمام الرأي العام، بعدما بدأت المسافة تكبر بينه وبين الفريق الحكومي من جهة، ومراكز القرار من جهةٍ ثانية، ما يجعل أشبه بالمؤكّد، في حال بقاء الرئيس بالطبع خلال الفترة المقبلة، أنّ وزير الداخلية سيكون أول الأسماء في التعديل الحكومي.
    على الجهة المقابلة (وكما ذكر الزميل فهد الخيطان أمس)، فإنّ جهوداً كبيرة بُذلت من قبل مراكز القرار وأعضاء في مجلس النواب لـ"تبريد" فكرة مذكرة حجب الثقة. وجرى إفهام النواب أنّ النتائج ستكون عكسية، وستضر بفكرة التعديل الموسّع المرتقب؛ أي إنّ هنالك تواطؤاً نيابياً-حكومياً حدث على تأجيل المذكرة، ما أزعج حمّاد، فشاهدنا الصورة الاستثنائية السابقة.
    لكن دعونا نتخيّل السيناريو الآخر؛ ماذا لو تمّ بالفعل طرح مذكرة الثقة ولم يتدخل "أحد" لـ"إنقاذ" الوزير، كما يحصل عادةً (في مواجهة مذكرات الثقة) ونجحت العملية، وتمّ حجب الثقة عنه؟ ماذا ستخسر الدولة؟ وما الذي يقلق بشأن هذا السيناريو؟!
    "أظنُّ" أنّ الجواب سيكون أحد شقين، أو كليهما! الأول، أنّ هنالك تعديلاً وزارياً موسّعاً يفكّر فيه الرئيس، وتغيير وزير الداخلية الآن، ودخول وزير داخلية جديد، سيضر بفكرة التعديل. وأنا لا أرى رابطاً بين هذا وذلك؛ ففي نهاية اليوم يمكن أن يجرى التعديل ويبقى وزير الداخلية الجديد، ما المانع؟! حتى لو فرضنا تغيّرت الحكومة نفسها، فيمكن أن يبقى الوزير الجديد. فهذا جواب – برأيي- غير مقنع.
    أمّا الشق الثاني، فهو أنّ ذلك سيشكّل سابقة، ضمن المعادلة السياسية السائدة خلال المرحلة الأخيرة، ما قد يفتح شهية النواب على خطوات مماثلة، ويقوّي شوكة المجلس في مواجهة الحكومة. وذلك صحيح، لكن لم لا نعطي المجلس هذه "الورقة الرابحة"، ونحسّن من صورته، ونعيد الثقة الشعبية المهتزة بالسلطة التشريعية؟
    أخيراً، فإنّ هذه الصورة تشي بضعف تماسك الفريق الوزاري، وبغياب الانسجام والتفاهم بين أعضائه. وهي الديناميكية المستترة التي رافقت الحكومة الحالية منذ بداية عملها!





    [05-01-2017 09:04 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع