الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    سؤال التعديل الحكومي

    منذ اليوم الأول لحكومة د. هاني الملقي المؤلفة بعد الانتخابات النيابية، ساد الانطباع بأن عمر تشكيلتها الحالية لن يطول؛ ما يضعها أمام احتمالين. الأول، تعديل موسع يُستبدل بموجبه وزراء لا يرغب فيهم الرئيس، بشخصيات جديدة يعتقد أنها كفيلة بمساعدته في تنفيذ مشروعه. فيما يتمثل الاحتمال الثاني بأن هذه الحكومة هي من النوع قصير العمر، رغم وجود أدلة ومعلومات تقلل فرص هذا المصير، إن لم تكن تفنده.
    بالعودة إلى دواعي التعديل، فإنّ ثمة أسبابا كثيرة يمكن إدراجها تحت هذا الباب. أولها، التناقضات الكبيرة، حد الاختلاف، بين أعضاء الفريق الحكومي السياسي والاقتصادي، لعوامل تتعلق بشخصيات الوزراء أنفسهم وعدم الانسجام بينهم، كما التشابك والتداخل في المهمات، بما يعيق العمل وينهك المؤسسات بشكل كبير، وصولاً إلى التأثير سلباً في قدرة الرئيس نفسه على تحقيق برنامجه.
    فمثلاً، بدا واضحاً التداخل في الصلاحيات بين وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ووزارة الدولة للشؤون الخارجية؛ ما استوجب اصدار نظام السلك الدبلوماسي رقم 162 لسنة 2016، والذي سحب كثيرا من صلاحيات وزير الخارجية ناصر جودة، لصالح حامل حقيبة الدولة للشؤون الخارجية بشر الخصاونة. وكذلك الأمر بشأن صلاحيات نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية، ووزير الصناعة والتجارة. يضاف إلى ذلك الخلافات التي نسمع عنها بين الرئيس وعدد من فريقه من ناحية، وتلك التي تنشب بين الوزراء.
    ولأن عنوان المرحلة المقبلة هو الأزمة الاقتصادية وإمكانية تعمّقها أكثر؛ نتيجة تراجع السياحة بسبب الحالة الأمنية محليا وإقليميا، واستمرار الحصار القسري للاقتصاد، فإن تقييم الفريق الاقتصادي لناحية قدرته على تفكيك الأزمة أو التخفيف منها، يصبح مسألة حتمية لا تحتمل التأجيل.
    فالمراقب لأداء حكومة الملقي وفريقه الاقتصادي يسهل عليه التوصل إلى حكم بضعف قدرة هذا الفريق على القبض على مفاصل الملف والتخفيف من المشكلة. كما ليس سراً أن جميع أعضاء الفريق لم يتسنَّ لهم، حتى اليوم، وضع برنامج إنقاذ وطني.
    ولأن خريطة العمل واضحة، وكذلك توزيع المهام؛ ومن حقيقة أن الملفات السياسية ليست بيد الحكومة، بشكل كبير، وكذلك الملف الأخطر وهو التحدي الأمني، في ظل حرب مفتوحة مع التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش"، فإنه لا يبقى للحكومة إلا ملف واحد رئيس ومصيري أيضا، عليها النجاح فيه، لتسجل لنفسها منجزاً حقيقياً. أي إن المنجز الذي ستقدمه حكومة الملقي وتحاسَب عليه، هو الاقتصاد. والأزمة اليوم مركبة ومتشعبة وعميقة؛ تبدأ بالفقر والبطالة، وتمر بالعجز والمديونية المتضخمة حد الانفجار، ولا تنتهي بمستوى معيشة المواطن وتهتّك الطبقة الوسطى على أهميتها للاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
    لكن ما قدمته الحكومة في هذا الجانب لا يتجاوز سياسة الجباية؛ بجمع مزيد من الإيرادات المحلية استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي. ولا أظن هذا الإجراء -رغم أن بعض الظن إثم- صحيحا؛ لأن "الصندوق" عادة ما يطلب ضبط النفقات وتصحيح التشوهات في الموازنة العامة؛ أي إنه قد يطلب خفض النفقات، وليس له شأن بزيادة الإيرادات طالما بقي حجم الإنفاق ثابتا، وبالتالي فرض السعي إلى خلق إيرادات جديدة مقدارها 450 مليون دينار.
    ثمة بعد ثالث يضعف تشكيلة الفريق الحكومي، يتعلق بضعف القدرات القانونية بين الأعضاء؛ ما يؤثر على الأداء، ويقلل من القدرة على التعامل مع بعض الملفات الطارئة. وهو ما حدث عند رد النواب قانون الطاقة المتجددة؛ إذ لم تقدم الحكومة رأيا قانونيا يوقف النواب عن المضي في خطئهم.
    استناداً إلى ما سبق، فإن مصلحة الرئيس في التعديل. ودولته لا يخفي، أمام الموثوقين من أصدقائه ومعارفه، رغبته في إجرائه. لكن السؤال: متى سيجرى التعديل؛ خلال عشرة أيام، أم قبل القمة العربية أم عقبها؟ وهل سيبلغ عدد الحقائب التي يشملها التعديل العشرة؟





    [05-01-2017 09:03 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع