الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    "المساءلة الطبية" .. متى يرى النور؟

    أما آن الأوان، بعد 13 عاماً ما بين شد وجذب وإعلاء مصالح ومحسوبيات، أن يرى قانون المساءلة الطبية النور؟ وهو يقبع حالياً في مجلس النواب، بعد أن أقر مسودته مجلس الوزراء في نيسان (أبريل) الماضي، ودفع بها إلى مجلس الأمة لإقراره والسير به وفقا للقنوات الدستورية.
    أما آن الأوان لأطراف المعادلة فيما يخص هذا القانون، أن يتوافقوا عليه، ويتركوا جانباً المشاحنات والمصالح الشخصية في سبيل تحقيق المصلحة العليا للمواطن الذي من حقه الحصول على معالجة آمنة تحفظ له حقوقه الطبية؟
    ألا يكفي حرمان الطفلة نور، ذات التسعة أعوام، من متابعتها تحصيلها الدراسي لمجرد خطأ في تشخيص حالتها، كاد يرمي بها في غياهب الجب، ناهيك عن معاناتها وأسرتها والنظرة المجتمعية السلبية تجاههم؟
    إذ إن خطأ طبيا كان سبباً كافياً لانقطاع "نور" عن دراستها لمدة عامين. فهذه الطفلة كانت تعاني من مشاكل دراسية ونمائية، فاقمها سوء تشخيص حالتها. وكانت "الغد" نشرت مؤخراً تقريراً حول حالة "نور" التي أكد التشخيص "الخاطئ" أنها بحاجة إلى مركز لذوي الإعاقة، كلفها عامين من عمرها انقطعت خلالهما عن الدراسة وتفاقم سوء حالتها النفسية، ليتبين فيما بعد أن المشكلة تكمن في "خطأ في تقييم حالتها"، وأنها فقط تعاني من "فرط الحركة وتشتت الانتباه، ويمكن أن تتحسن في حال خضعت لجلسات علاج"!
    ألا تكفي مثل هذه الحالة وحدها لإقرار قانون المساءلة الطبية، بأسرع وقت ممكن؛ ناهيك عن حالات أخرى يذهب ضحيتها أناس أبرياء يفقدون أرواحهم نتيجة استهتار وخطأ طبيين، فضلاً عما يُصاب به آخرون من عاهات دائمة جراء تلك الأخطاء الطبية؟!
    مثل حالة نور وقضايا أخرى يتعرض لها مواطنون بمستشفيات المملكة، سواء كانت حكومية أم خاصة، تستحق كل الاهتمام وإخراج قانون المساءلة الطبية إلى الوجود، شريطة أن يكون منصفاً لكل أطراف المعادلة؛ من مريض وطبيب وأي جهة أخرى تدخل ضمن هذا النطاق، كشركات التأمين.
    من حق الشعب الأردني، وقد دخل العالم في الألفية الثالثة، أن يكون لديه قانون مساءلة طبي يتصف بالعدالة، ويحقق المصلحة العليا للوطن والمواطن، ويساهم في الحفاظ على السمعة الطبية والصحية المتميزة التي يتمتع بها الأردن محلياً وعالمياً.
    من حق الشعب الأردني في العام 2017 أن يتمتع بقانون مساءلة طبي حقيقي، يتجاوز أي عيوب لمصلحة أي طرف من أطراف العملية ككل.
    لماذا يتم الاعتراض من قبل البعض على بنود في مشروع القانون، كتوقيف طبيب في حال أثبت القضاء أو اللجنة المختصة أنه "مخطئ"؟ ولماذا يُرفض بند آخر يستوجب "إلزامية التأمين" ضد الخطأ الطبي؟ التبرير القائل إن ذلك سيكون على حساب الأطباء والمرضى، وسيثقلهم مادياً، قد يكون صحيحاً، إلا أنه لا يوجد حل مناسب أفضل من ذلك نوعاً ما.
    وهناك أطباء اقترحوا تأسيس صندوق اختياري للتأمين ضد الأخطاء الطبية في نقابة الأطباء، يتم من خلاله دفع التعويض المالي الذي يحكم به القضاء أو اللجنة المختصة لصالح المريض أو ذويه.
    إلا أنه يجب أن يتضمن مشروع القانون مواد ترفض وضع عقوبات مشددة على شركات تأمين، قد تجعل من الطبيب أو المريض عرضة للاستغلال، كما يجب أن يتم توفير كل الظروف المناسبة، سواء في القطاع العام أو الخاص، تضمن قدر الإمكان عدم وقوع الطبيب في الخطأ الطبي.
    الجميع لديهم حق مشروع في معرفة الإجابة عن السؤال القديم الجديد: من المسؤول عن إجهاض مشروع هذا القانون طيلة تلك الأعوام؛ ولماذا المطالبات المستمرة بسحبه من مجلس النواب؟"
    ويبقى السؤال الأهم: من هي الجهة التي تحدد مفهوم الخطأ الطبي؛ هل هي القضاء، أم لجان طبية مختصة، ومن سيشكل الأخيرة؟





    [04-01-2017 09:10 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع